قدمت المحامية التونسية سعيدة العكرمي، زوجة نائب رئيس حركة "النهضة" نور الدين البحيري، الجمعة 7 يناير/كانون الثاني 2022، شكوى قضائية ضد وزير الداخلية توفيق شرف الدين ومسؤولين آخرين؛ للتحقيق فيما اعتبرته "جريمة اختطاف" زوجها، وتكوين مجموعة "غير قانونية" لاحتجازه التعسفي.
وكان وزير الداخلية التونسي قد أعلن، الإثنين 3 يناير/كانون الثاني، أن البحيري والمسؤول السابق بوزارة الداخلية فتحي البلدي، وُضعا قيد الإقامة الجبرية لتُهم تتعلق بـ"شبهة إرهاب" ترتبط باستخراج وثائق سفر وجنسية تونسية لسوري وزوجته بـ"طريقة غير قانونية".
فيما رفضت كل من حركة "النهضة" (صاحبة أكبر كتلة برلمانية بـ53 نائباً من أصل 217) وعائلة البحيري وهيئة الدفاع عنه صحة الاتهام، ووصفته بـ"المسيس"، مطالبةً بالإفراج الفوري عنه، ومُحمِّلة رئيس البلاد قيس سعيّد ووزير الداخلية المسؤولية عن حياته.
جرائم اختطاف وإخفاء قسري
الدعوى التي رفعتها زوجة نائب رئيس حركة "النهضة"، كشفت عنها تدوينة نشرها سمير ديلو، عضو هيئة الدفاع عن البحيري، عبر حسابه على فيسبوك، أرفقها بنسخة من الشكوى التي قدمتها العكرمي ضد شرف الدين، وسمير عبد اللاوي والي بنزرت، و"كل من سيكشف عنه البحث (التحقيق)".
قال ديلو: "تلقَّت سعيدة العكرمي الساعة الـ14:30 (13:30 ت.غ) من اليوم الجمعة، استدعاء من الفرقة الفرعية للأبحاث الإجرامية (فرقة أمنية) بحي الخضراء (العاصمة تونس)؛ للاستماع لها في الشكاية التي قدمتها بعد اختطاف زوجها البحيري يوم 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي"، دون تفاصيل عن مجريات جلسة الاستماع.
كما أضاف أن "الشكاية تتعلق بخصوص جرائم الاختطاف والاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، والشكاية التي قدمتها صبيحة اليوم (الجمعة) في جريمة تكوين وفاق (مجموعة غير قانونية) للاحتجاز التعسفي (لزوجها)".
منظمة عالمية تطالب بالإفراج عنه
الخميس 6 يناير/كانون الثاني، طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بالإفراج الفوري عن وزير العدل التونسي السابق نور الدين البحيري، الذي دخل في إضراب؛ احتجاجاً على اختطافه، إذ اعتبرت المنظمة الدولية أن اعتقاله يشكل "ضربة أخرى" لحقوق الإنسان في عهد الرئيس قيس سعيد.
مدير الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالإنابة في هيومن رايتس ووتش، إريك غولدستين، طالب بالإفراج الفوري عن البحيري؛ إذ قال إن اعتقاله "في عملية أشبه بالاختطاف يُظهر تنامي التهديد للحمايات التي تمنحها حقوق الإنسان منذ استحواذ الرئيس سعيّد على السلطة في يوليو/تموز الماضي".
كما أضاف أن السلطات التونسية "تجاوزت القضاءَ لاحتجاز شخصية بارزة في الحزب الأكثر انتقاداً لاستحواذ الرئيس على السلطة". وأشار المسؤول في المنظمة إلى أن ذلك "لن يؤدي إلا إلى زيادة تخويف من يجرؤ على معارضة إحكام الرئيس قبضته على السلطة".
تدهور الحالة الصحية للبحيري
جدير بالذكر أن السلطات التونسية نقلت نور الدين البحيري (63 عاماً)، إلى قسم الإنعاش بالمستشفى الجامعي "الحبيب بوقطفة" في بنزرت؛ إثر تدهور صحته نتيجة إضرابه عن الطعام؛ رفضاً لاحتجازه منذ 31 ديسمبر/كانون الأول 2021.
في حين حذّر حاتم غضون، الطبيب المشرف على علاج البحيري ورئيس قسم الإنعاش بالمستشفى، من أنه يعاني من بداية "قصور كلوي"، في ظل استمرار إضرابه عن الطعام والماء والدواء منذ أيام.
تاتي قضية البحيري في ظل أزمة سياسية تعانيها تونس منذ 25 يوليو/تموز الماضي، حين فرضت إجراءات استثنائية، منها: تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
بينما ترفض غالبية القوى السياسية والمدنية بتونس، وبينها "النهضة"، هذه الإجراءات وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك، زين العابدين بن علي (1987ـ2011).
سعيّد يهاجم البحيري!
يشار إلى أن الرئيس التونسي علَّق، الخميس، على إضراب القيادي بحركة "النهضة" نور الدين البحيري عن الطعام، قائلاً: "إن كان يريد أن يجعل من نفسه ضحية فهو حر".
جاء ذلك في مستهل اجتماعه مع مجلس الوزراء بقصر قرطاج بالعاصمة تونس، وفق مقطع مصور للرئاسة التونسية على موقع فيسبوك.
الرئيس التونسي في اجتماعه قال كذلك: "الذي يضرب عن الطعام هو حر، رغم أننا وفّرنا له (البحيري) كل الأسباب التي تقيه من الإضرار بنفسه، ووفرنا له طاقماً طبياً، وأكثر من ذلك مكنّا عائلته من أن تبقى معه في المستشفى".
كما أضاف: "لا أريد أن أتحدث عن الأموال الطائلة والتجاوزات التي حصلت من عدد الأشخاص المحيطين به ومن الأشخاص الذين يريدون أن يجعلوا منه ضحية.. ليس هناك أي شخص أو أي تنظيم فوق القانون أو الدستور".
قيس سعيّد أضاف في الاجتماع نفسه: "ما يحدث اليوم، سواء في الداخل أو الخارج، غير مقبول على الإطلاق.. نحن لم نطلب من أحد أن يصطف وراءنا أو يتبنى آراءنا، لم نلزم أحداً بأي شيء ولكن نلزمهم بتطبيق القانون".