أعلنت وسائل إعلام مصرية، الإثنين 3 يناير/كانون الثاني 2022، أن جهات التحقيق أصدرت قراراً بالإفراج عن رامي شعث، المعارض السياسي والمنسق لحركة مقاطعة إسرائيل في مصر.
حيث نقلت وسائل إعلام مصرية عن مصادر قالت إنه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة فور خروج رامي من السجن؛ لترحيله خارج البلاد.
وساطة إيمانويل ماكرون
من جهته، عبّر رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية والمرشح الرئاسي الأسبق، أيمن نور، عن سعادته البالغة بنبأ الإفراج عن رامي شعث، منوهاً إلى أنه تواصل مع أسرته، التي أكدت له أنه سيتم إطلاق سراحه قريباً بالفعل.
نور لفت، في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، إلى أنه يعرف رامي شعث منذ سنوات طويلة، وأن أكثر ما كان يؤلمه خلال فترة اعتقال الأخير التي امتدت لنحو عامين ونصف، هو التشكيك الواسع الذي مارسه النظام، في مصريته ووطنيته، متابعاً: "مازال صوت بعض المذيعين يتردد في أذني حتى الآن عندما كانوا يتحدثون باستفسار، عن جهل، عن علاقة رامي بمصر، وأنه كان يجب عليه أن يرحَّل إلى بلده".
فيما أضاف: "رامي شخص مصري أصيل حتى النخاع، وهو شريك في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 منذ اندلاعها وحتى اليوم، ولا يمكن للحركة الوطنية المصرية أن تنسى دوره الهام وإسهاماته الكبيرة التي قدّمها طوال تلك السنوات الماضية".
"العملية سيرلي"
بينما كشف المعارض المصري البارز أن "خطوة الإفراج عن رامي شعث جاءت بطلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون"، متسائلاً عما إذا كانت تلك الخطوة مرتبطة، بشكل ما أو بآخر، بالتسريبات الأخيرة التي جرى الكشف عنها مؤخراً، والتي كشفت عما وصفه بتواطؤ الاستخبارات الفرنسية مع الجيش المصري في توجيه ضربات جوية ضد المدنيين بمصر بين عامي 2016 و2018.
لكن نور استدرك قائلاً: "لا استطيع الجزم بوجود علاقة بين خطوة الإفراج وتلك التسريبات، إلا أن الأيام ربما توضح مدى دقة هذا الأمر".
كان موقع التحقيقات الاستقصائية "ديسكلوز" قد نشر خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2021، مئات الوثائق الرسمية الفرنسية السرية التي تكشف عن انتهاكات ارتُكبت خلال عملية عسكرية سرية لفرنسا في مصر. وأثارت تلك الوثائق جدلاً واسعاً داخل وخارج مصر، وعُرفت إعلامياً باسم "العملية سيرلي".
تجدر الإشارة إلى أن مصر تعد أحد المُتلقِّين الرئيسيّين للمعدّات العسكرية الفرنسية.
فيما تعزّزت هذه المبيعات بشكل كبير مع وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة عام 2014، من خلال بيع مقاتلات رافال وفرقاطة وأربعة طرّادات وناقلتي مروحيات "ميسترال".
كما أردف نور، وهو رئيس حزب "غد الثورة" المعارض في الخارج: "الإفراج عن رامي شعث بالنسبة لي جزء من الإفراج عن ثورة يناير التي كانت محبوسة معه داخل زنازين الظلم والقهر، وأتمنى من الله- سبحانه وتعالى- أن يكون الإفراج عن رامي خطوة في اتجاه الإفراج عن كل رموز ثورة يناير وكل سجناء الرأي".
في حين تابع: "رامي شعث الذي أحب مصر إلى أبعد مدى، لم يكن يستحق ما تعرض له، والإفراج عنه- أيّاً كان الأسلوب والطريقة والآلية- يُدخل على قلبنا السرور والفرح، وعلينا أن ندرك أن مصير كل ثوار يناير أن ينالوا حريتهم عاجلاً أو آجلاً".
الترحيل إلى فرنسا
في حين أكد نور أن النظام المصري سيقوم فوراً بترحيل رامي شعث إلى فرنسا.
أيضاً لفت نور إلى أنه "حينما يواجه النظام المصري أزمات متزايدة يلجأ أحياناً إلى أطراف مختلفة؛ من أجل تخفيف حدة الضغوط عليه، ومن بين تلك الطرق الإفراج عن أعداد قليلة من المعتقلين، خاصةً بعض الوجوه المعروفة في الداخل والخارج، اعتقاداً منه أن هذا الأمر ربما يساهم في تهدئة غضب الرأي العام الداخلي أو الخارجي".
بدوره، قال عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمد أنور السادات، في بيان: "أخيراً، سيتم قريباً إطلاق سراح رامي شعث وترحيله خارج البلاد بعد أن أمضى فترة طويلة في الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيقات".
السادات أردف: "ألف مبروك لعائلة رامي وأصدقائه وزوجته التي كانت أفضل داعم ومساند له. كما نتوجه بالشكر إلى النيابة العامة، ولوزارتي الخارجية والداخلية المصرية وأجهزتها، والسفارة الفرنسية في القاهرة، والسلطة الفلسطينية، ورئيسة مجموعة الصداقة الفرنسية المصرية في مجلس الأمة النائبة سونيا كريمي".
يشار إلى أنه في 5 يوليو/تموز 2019، اعتقلت السلطات المصرية رامي شعث، وطردت زوجته الفرنسية سيلين ليبرون شعث قسراً من البلاد فور اعتقال زوجها.
يُذكر أن رامي شعث معارض سياسي يحمل الجنسيتين الفلسطينية والمصرية. انضم إلى الثوار في 25 يناير/كانون الثاني 2011، ولعب دوراً مهماً في التحول الديمقراطي بالبلاد، من خلال حزب الدستور، كما كان منسق حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات بمصر منذ عام 2015، لدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير.
شعث أيضاً هو نجل الدكتور نبيل شعث، نائب رئيس الوزراء الفلسطيني السابق والمستشار الحالي للشؤون الخارجية للرئيس محمود عباس في فلسطين.
"أسوأ أزمة حقوقية"
بحسب منظمات حقوقية دولية، تشهد مصر في ظل حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أسوأ أزمة حقوقية منذ عقود؛ فلايزال عشرات الآلاف من منتقدي الحكومة، ومن بينهم صحفيون ومدافعون حقوقيون، مسجونين بتهم ذات دوافع سياسية، والعديد منهم في الحجز المطول قبل المحاكمة.
كما تستخدم السلطات غالباً تهم الإرهاب ونشر أخبار كاذبة ضد النشطاء السلميين، وضايقت واعتقلت أقارب معارضين في الخارج.
في حين أدى تفشي فيروس كورونا المستجد إلى تفاقم الأوضاع المزرية بالسجون المكتظة.
غير أن القاهرة عادةً ما تنفي صحة الانتقادات الموجهة إلى سجلها الحقوقي، وتؤكد احترامها الكامل للحريات والحقوق باستمرار، معتبرةً أن بعض المنظمات الحقوقية الدولية تروِّجها في إطار "حملة أكاذيب" ضدها.
كان السيسي قد أعلن، الإثنين 25 أكتوبر/تشرين الأول، إلغاء تمديد حالة الطوارئ التي كانت سارية في البلاد منذ سنوات، مؤكداً أن بلاده أصبحت "بفضل شعبها ورجالها المخلصين، واحةً للأمن والاستقرار في المنطقة".