في كل ظهور إعلامي يستطيع عبد الإله بن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن يتحوّل إلى حديث الوسط السياسي، بسبب تصريحاته التي تكون في أغلبها جريئة.
عبد الإله بن كيران، الرئيس الأسبق للحكومة المغربية، خرج أمس السبت، فاتح يناير/كانون الثاني 2022، ليتحدّث عما بعد هزيمة الانتخابات، وذلك أمام منسقي الحزب في المحافظات في المملكة.
بن كيران تحدّث عن منهجية تسييره لمرحلة ما بعد الهزيمة، وكشف عن بعض تفاصيل الرغبة في حل العدالة والتنمية، باعتباره الحزب الإسلامي الأول في البلاد، وذلك بعد الأحداث الإرهابية التي عاشها المغرب، في 16 مايو/أيار 2003.
بن كيران وتسونامي الهزيمة
تحدّث عبد الإله بن كيران عن الهزيمة التي مُني بها حزبه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في المغرب، وكيف أنه اندحر من المرتبة الأولى إلى المرتبة الثامنة، متذيلاً ترتيب الأحزاب السياسية الكبرى في البلاد.
وقال بن كيران إن حزبه عاش "تسونامي" خلال انتخابات 8 سبتمبر/أيلول 2021، وتراجعت مقاعده من 125 إلى 13 مقعداً، وهو التدهور الفظيع، وهذا الذي وقع لم يقع لأي حزب آخر بهذه الطريقة.
وأضاف بن كيران أنه "في السياسة إذا اعتبرت أن هناك تزويراً ضدك فهناك طرق عدة للاحتجاج، لكن إذا مرّ الوقت دون أن تحتج فإن الأمر انتهى، وحزبنا ارتأى أن يعبر عما وقع بعدم الفهم".
وقال الأمين العام للعدالة والتنمية "نحن حزب محترم ومقدر، وله مسار، لكن نتائج 8 سبتمبر/أيلول كانت فظيعة، ولم نتدهور من الرتبة الأولى إلى الثانية كما هو منطقي، إذ إن الحصول على الرتبة الأولى لم يكن ممكناً بالنظر للطريقة التي دّبرنا بها الحكومة خلال السنوات الخمس الأخيرة".
واعتبر بن كيران أن "الحصول على الرتبة الثالثة في الانتخابات كان محتملاً، والرتبة الرابعة كان صعباً، لكن الرتبة الثامنة فهذه كارثة"، قائلاً: "فضلت التفكير بعمقٍ فيما حصل، ووجدت أننا في حاجة لمراجعة الأمور من أصلها".
بن كيران، الذي تحدَّث في لقاء جمعه مع الكتاب الجهويين والإقليميين، أمس السبت، 1 يناير/كانون الثاني 2022، قال إنه "على أعضاء حزب العدالة والتنمية مراجعة أنفسهم أولاً، لأننا بكل صراحة علينا الاعتراف بأننا كإخوان سقطنا من الطابق السابع عشر، ولا يمكن لمن تحطَّم أن ينهض بسرعة".
وعن خطته للنهوض بالحزب بعد فشله في الانتخابات الأخيرة قال بن كيران: "مازلت أُراجع ما حدث، وليس بهذه السهولة عليّ معرفة ماذا سأفعل، ولهذا طلبت من الإخوان ألا يتسرعوا في المعارضة، وهذا ليس إسكاتاً أبداً".
تفاصيل حلّ الحزب
كشف الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عن تفاصيل مثيرة، عن رغبة بعض الجهات في حلّ الحزب بعد الأحداث الإرهابية التي شهدتها البلاد قبل 19 سنة من الآن.
وقال بن كيران إن "الملوك بالمغرب يتركون القرار حتى ينضج، ثم يتخذونه باعتدال"، في إشارة منه إلى قرار الملك محمد السادس منع حل حزب العدالة والتنمية بعد الأحداث الإرهابية سنة 2003.
وقال بن كيران إن "جهات سياسية كانت تُطالب بحل العدالة والتنمية عشية الأحداث الإرهابية لسنة 2003، لكن الملك محمد السادس تدخّل واتّخذ القرار المناسب، رغم الأحداث التي كان يعيشها البلد حينها".
وأضاف بن كيران أن "الملك محمد السادس أرسل لنا وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، الذي أجرى معنا حواراً، وأرسل لنا أيضاً وزير الداخلية حينها، الذي طلب منها القيام ببعض المراجعات، قبلنا ببعضها والبعض الآخر لم نقبل به، لكن الحزب في النهاية بقيَ موجوداً".
وكشف الأمين العام للحزب الإسلامي في المغرب، أن "بعض الأطراف كانت لديها رغبة في حل الحزب بعد الأحداث الإرهابية، وكانت تُحمّل المسؤولية المعنوية له، وكانت ترى أننا المسؤولون عما حصل من تدميرٍ وخراب".
وأشاد عبد الإله بن كيران بالملكية في المغرب، وقال إن ما تقوم به عكس ما يقوم به الرؤساء في الدول العربية، إذا أردت أن تتفاهم معهم عليك أن تتفاهم مع الفئات كلها.
معارضة الحكومة والتطبيع مع إسرائيل
وعن معارضة حزبه للحكومة التي يقودها عزيز أخنوش، قال بن كيران: "أنا لن أعارض من أجل المعارضة فقط، الحكومة إذا قامت بشيء إيجابي سأُساندها، وإذا أخطأت سأواجهها بما استطعت، المهم ألّا أمسّ مقدسات البلاد".
وعن قضية التطبيع المغربي الإسرائيلي قال بن كيران إن موقف حزبه من التطبيع مع إسرائيل "لم يتغير، ولن يتغير، وسيظل ضده بدون شك ولا خلاف، لسبب بسيط، وهو أن الإسرائيليين مازالوا يسيئون إلى إخواننا الفلسطينيين، ويأخذون أراضيهم، ويُجرفون أشجارهم، ويعتدون عليهم".
وأشار المتحدث إلى أن حزبه يتفهّم "موقف الدولة، ولن ندينه، لكننا نستغرب لهرولة البعض نحو التطبيع بأي شكل من الأشكال، ولا يمكن لأحد أن يؤاخذنا على موقف حزبنا من التطبيع مع الكيان الصهيوني، أو يُلزمنا بموقف معين".