توصل علماء مصريون إلى أسرار ومعلومات ثمينة يتم الكشف عنها لأول مرة عن مومياء الملك الفرعوني أمنحتب الأول (1525-1504 ق.م)، عبر فكّ غلاف جثته، ليس فعلياً بل رقمياً، مستخدمين تقنية التصوير المقطعي المحوسب 3D computed tomography، وهي الأسرار التي ظلت حبيسة اللفائف وقناع الوجه الجنائزي لنحو 3500 عام.
هذه المعلومات كشفت عن جودة وبراعة تحنيط أسنان الملك الفرعوني والمجوهرات التي وُجدت في قبره، وأثبتت أنه توفي في سن الخامسة والثلاثين من العمر، طبقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 28 ديسمبر/كانون الأول 2021.
كما اكتشف فريق العلماء أنَّ دماغ أمنحتب الأول، وهو ثاني ملوك الأسرة الثامنة عشرة، "سليم"، على عكس الملوك الآخرين بما في ذلك توت عنخ آمون ورمسيس الثاني.
من جهتها، قالت أستاذة الأشعة في كلية الطب بجامعة القاهرة، الدكتورة سحر سليم، وهي جزء من فريق العمل الذي نجح في إزالة الغطاء عن أمنحتب الأول، إنَّ ذقن المومياء الرفيع وأنفه الصغير وشعره المجعد تشبه والده (أحمس الأول). وربما من المدهش بالنسبة لشخص عاش منذ نحو 3500 عام أنَّ أسنانه في حالة رائعة، إذ حافظت طريقة تحنيط جثته عليها سليمة دون أي أضرار.
سحر أضافت: "كشفنا أنَّ أمنحتب كان طوله نحو 169 سم (5 أقدام و6 بوصات) ومختوناً وأسنانه في حالة جيدة. وداخل اللفائف التي تحيط بجثمانه، وُجِدَت 30 تميمة وحزام ذهبي فريد مرصع بخرز ذهبي"، موضحة أن "أمنحتب ملك محارب كان يمثل لغزاً، لأنه إحدى المومياوات الملكية القليلة التي لم يُفكَّك تحنيطها في العصر الحديث".
فيما استطردت قائلة: "لم نتمكن من العثور على أي جروح أو تشوه بسبب المرض لتبرير أسباب الوفاة، باستثناء العديد من التشوهات التي حدثت بعد الوفاة"، والتي رجّحت أنها وقعت على يد لصوص القبور بعد دفنه في المرة الأولى.
في حين وصفت الأكاديمية المصرية العمل على المشروع بأنه "كان مشوقاً مثل فتح هدية".
مَن هو أمنحتب الأول؟
"أمنحتب" اسمه يعني "آمون راضٍ"، أما اسمه بعد اعتلاء العرش فكان جيسركاره- ويعني "روح رع المقدسة". وتمتع بعهد حكم سلمي أتاح له الوقت للتركيز على التنظيم الإداري وبناء المعابد. وربما تشارك في الحكم مع والدته أحمس نفرتاري.
يعرف علماء المصريات من فك شفرة الكتابة الهيروغليفية أنَّ الكهنة قد نزعوا لفائف تحنيط أمنحتب في القرن الحادي عشر قبل الميلاد- خلال عهد الأسرة الحادية والعشرين- من أجل إصلاح الضرر الذي تسبب فيه لصوص المقابر.
بينما لم يُعثَر على القبر الأصلي لأمنحتب الأول. واكتُشِفت مومياؤه في عام 1881 في موقع بالأقصر حيث من المعروف أنَّ مسؤولي الأسرة الحادية والعشرين أخفوا مومياوات الملوك والنبلاء من أجل حمايتها من سارقي القبور.
فيما توجد مومياء الملك حالياً في المتحف المصري في القاهرة. لكن لم تُفَك اللفائف حوله حديثاً بسبب أغلفة الكتان "المثالية" التي تغطيها "أكاليل من الدلفينيوم"، والنباتات النهرية المصرية، إضافة إلى جمال قناع الدفن الملون الخاص به.
يشار إلى أنه عندما فُتِح التابوت لأول مرة عُثِر فيه على دبور محفوظ، الذي ربما انجذب إلى الجثمان بسبب رائحة أكاليل الزهور.
تأتي هذه الدراسة الجديدة في إطار مشروع "المومياوات الملكية"، التابع لوزارة السياحة والآثار المصرية، والذي بدأ منذ عام 2005، والتي شملت فحص 40 مومياء ملكية حتى الآن.
من النتائج المهمة لهذا المشروع الكشف عن أسرار مقتل الملك رمسيس الثالث في ما تعرف بـ"مؤامرة الحريم"، ومقتل الملك سقنن رع في معركة تحرير مصر من الغزاة الهكسوس.