قالت صحيفة The New York Times الأمريكية، في تقرير نشرته يوم الخميس 23 ديسمبر/كانون الأول 2021، إن المحكمة الفيدرالية الكندية وافقت على تسوية قانونية بمليارات الدولارات تتطلب من الحكومة اتخاذ إجراءات أسرع لتنظيف مياه الشرب الملوثة في المحميات الخاصة بالسكان الأصليين وتعويض الأمم الأولى عن العقود التي قضوها محرومين من المياه النظيفة.
بموجب التسوية، التي أصدرتها المحكمة في وقت متأخر من يوم الأربعاء 22 ديسمبر/كانون الأول 2021، ستلتزم الحكومة بإنفاق ما لا يقل عن 6 مليارات دولار كندي على مدى تسع سنوات لتمويل البنية التحتية للمياه ومعالجتها في مئات المحميات حيث يقيم السكان الأصليون، وستدفع 1.5 مليار دولار كندي أخرى تعويضات لنحو 140 ألفاً من السكان الأصليين.
أنظمة المياه والصرف الصحي
في عام شهد اكتشافات لمئات من القبور المجهولة لأطفال السكان الأصليين على أراضي مدارس داخلية سابقة، تمثل هذه الموافقة على التسوية حلقة أخرى في تصفية كندا حساب آثار الاستعمار.
منذ عام 1977، وعدت الحكومة بتزويد السكان الأصليين بأنظمة المياه والصرف الصحي مساوية لتلك التي يتمتع بها معظم الكنديين، لكنها أخفقت في تحقيق الهدف، وفي مارس/آذار 2021، فاتها الموعد النهائي الذي فرضه رئيس الوزراء جاستن ترودو.
أدى النقص المزمن في تمويل البنية التحتية للمياه والعمليات على أراضي السكان الأصليين إلى عيش عشرات الآلاف من الأشخاص لمدة تزيد على عام واحد بموجب أوامر بغلي مياه الشرب لمدة دقيقة واحدة قبل الاستخدام، وقيل للبعض إنه حتى مياههم المغلية ليست آمنة للاستهلاك أو الاستحمام.
شراء المياه المعبأة
بسبب المياه الملوثة والخطيرة، خاصة في الحالات التي تحوي فيها بكتيريا الإشريكية القولونية (إي كولاي)، مع وجود مستويات عالية من اليورانيوم، خلقت حالة المياه في عشرات المحميات أزمة بالنسبة للأمم الأولى التي تعتبر الماء مقدساً؛ إذ أُجِبرَت العائلات على شراء المياه المعبأة لاستخدامهم الخاص، أو ببساطة شرب المياه الملوثة إذا لم يتمكنوا من شرائها، التي ارتبطت بالتهابات الجهاز الهضمي والسعال الديكي والالتهاب الرئوي والأمراض الجلدية في المحميات التي يقيمون بها، وفقاً لسجلات المحكمة.
كتب بول فافيل، قاضي المحكمة الفيدرالية، في حكمه الصادر في 22 ديسمبر/كانون الأول 2021 ، أنَّ "فشل كندا في توفير مياه الشرب المأمونة قد أدى إلى إحباط عميق وتشوه العلاقات بسبب انعدام الثقة"، واصفاً التسوية بأنها "نقطة تحول لكندا والأمم الأولى".
بينما كان يُنظر إلى التسوية على أنها انتصار لمجتمعات السكان الأصليين، فقد تمثل أيضاً مسؤولية سياسية لترودو، الذي انتقده خصومه في الحملة الانتخابية الفيدرالية الأخيرة باستمرار بسبب فشل حكومته في الوفاء بوعدها بإلغاء تحذيرات المياه المغلية طويلة المدى.
مصداقية حكومة ترودو
قال دوج ماك آرثر، الأستاذ الفخري في السياسة العامة بجامعة سايمون فريزر في كولومبيا البريطانية: "إنها مشكلة تتعلق بمصداقيته. أعتقد أنه سيرغب في محاولة استخدام هذا ليثبت الآن أنه ينجز الأهداف، على الرغم من أنه مصدر حرج، مرة أخرى، لأنه نُفِّذ عبر المحكمة".
توصلت المحكمة إلى هذه التسوية بقيمة 8 مليارات دولار كندي (6.2 مليار دولار أمريكي)، في غضون نحو عامين، وكانت نتاج دعويين قضائيتين وطنيتين نظرت فيهما المحكمة الفيدرالية الكندية ومحكمة كوينز بينش في مانيتوبا في نفس الوقت، وهي المرة الأولى التي تنظر فيها المحكمة الفيدرالية ومحكمة عليا أخرى قضية معاً، بحسب القرار.