اعترف قادة بعثات أوروبية أن بعض القوات التي دربها الاتحاد الأوروبي في وسط إفريقيا تخضع الآن لقيادة مرتزقة فاغنر الروسية، ويُنظر إليهم على أنهم جيش الكرملين السري، بحسب ما ذكرته صحيفة The Times البريطانية الأحد 19 ديسمبر/كانون الأول 2021.
الاعتراف الأوروبي يأتي بعد أيام من فرض الاتحاد عقوبات على مرتزقة فاغنر الروسية، وكذلك على ثلاث شركات مرتبطة بها وأفراد آخرين، من بينهم ضباط سابقون في المخابرات العسكرية الروسية متهمون بالعمل مرتزقة بأوكرانيا.
قوات أوروبية في خدمة مرتزقة فاغنر
الصحيفة البريطانية أشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي علّق مهمته التدريبية العسكرية في جمهورية إفريقيا الوسطى (CAR) بعد أن أصبحت كتائب درَّبها خاضعة لقيادة مجموعة فاغنر التي اتهمت الأمم المتحدة مقاتليها بارتكاب فظائع لدعم نظام الرئيس تواديرا.
إذ قال الجنرال جاك لانغليد دي مونتغروس، قائد بعثة التدريب في الاتحاد الأوروبي: "التعليق المؤقت لعملياتنا هدفه تحاشي أي تعامل مع هؤلاء المرتزقة وضمان عدم استغلالهم للجنود الأفارقة الذين دربناهم"، وأشار إلى قلق الاتحاد الأوروبي من انتهاك القوانين الإنسانية الدولية.
أضاف الجنرال أن العشرات من المستشارين العسكريين والمدنيين التابعين للاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 500 قد أعيدوا إلى بلادهم إلى أن "نتأكد من أن جنود جمهورية إفريقيا الوسطى لن يُستغلوا من مرتزقة فاغنر".
كما أوضحت الصحيفة أن مدربي الاتحاد الأوروبي العسكريون حاضرون في جمهورية إفريقيا الوسطى منذ عام 2014، وهو العام الذي أعقب إطاحة الرئيس بوزيزي. ووقعت فاغنر، وهي شركة عسكرية روسية خاصة، صفقة مع تواديرا عام 2018 لحمايته من المتمردين الراغبين في إلغاء نتائج الانتخابات المختلف عليها.
روسيا تطمع في ثروات إفريقيا الوسطى
رغم أن جمهورية إفريقيا الوسطى غنية بالموارد الطبيعية مثل اليورانيوم والماس، فقد صنفتها الأمم المتحدة ثاني أفقر دولة في العالم.
خلص تقرير جديد صادر عن الخدمة الخارجية للاتحاد الأوروبي، ونشره موقع الاتحاد الأوروبي EUobserver الكائن في بروكسل، إلى أن "نهب" الثروات المعدنية هو على ما يبدو الهدف الرئيسي لوجود روسيا في البلاد.
ذكر التقرير أن "العناصر الروسية بدأت أيضاً في السيطرة على محميات طبيعية شاسعة/مناطق محميات بيئية في شرق جمهورية إفريقيا الوسطى مثل شينكو… لأغراض غير معروفة حتى الآن".
توسع المرتزقة في إفريقيا
منح الانتشار الروسي في جمهورية إفريقيا الوسطى موسكو مركزاً وطيداً في إفريقيا في الوقت الذي تحاول فيه إحياء نفوذ الحقبة السوفيتية. ووقع بوتين في السنوات الأخيرة اتفاقيات تعاون عسكري ثنائية مع أكثر من 20 دولة إفريقية.
يُقدر توسع فاغنر الموازي الآن بـ10 آلاف رجل. وقد أثار ارتباط مقاتلي المجموعة بقتل مدنيين وجرائم اغتصاب جماعي وتعذيب في جمهورية إفريقيا الوسطى القلق في الاتحاد الأوروبي من خطر وقوع القوات المحلية المدربة على يد بعثاته في مالي والنيجر وموزمبيق تحت سيطرة الروس.
يُشار إلى أن فرنسا تربطها علاقات عسكرية قديمة بالدول الإفريقية الناطقة بالفرنسية، ويرى المحللون أن انتشار عناصر فاغنر جزء من استراتيجية موسكو لتهميش باريس باستغلال مناطق الصراع والاستياء المتزايد في المنطقة من القوة الاستعمارية السابقة.
عقوبات أوروبية لقادة فاغنر
يوم الإثنين 13 ديسمبر/كانون الأول، وافق بالإجماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، المجتمعون في بروكسل لبحث سبل ردع روسيا عن أي تدخل عسكري في أوكرانيا، على معاقبة أفراد من مرتزقة فاغنر الروسية.
من بين المستهدفين ضابط المخابرات العسكرية الروسية السابق ديمتري أوتكين الذي أدرجه الاتحاد الأوروبي على القائمة السوداء، قائلاً إنه مؤسس مجموعة فاغنر ومسؤول عن "تنسيق وتخطيط عمليات نشر مرتزقة مجموعة فاغنر في أوكرانيا".
شملت العقوبات أيضاً ثلاثة كيانات مرتبطة بمجموعة فاغنر، قال الاتحاد الأوروبي إنها مشاركة في إنتاج النفط والغاز في سوريا. وتشمل العقوبات منع هؤلاء الأشخاص من الحصول على تأشيرات سفر وتجميد أصولهم في الاتحاد الأوروبي.
يشار إلى أن لمرتزقة فاغنر نشاطاً واسعاً في أكثر من دولة، من بينها ليبيا حيث ينتشر عدد كبير من عناصرها في الشرق الليبي دعماً لميليشيات خليفة حفتر، وقد قاتلت معه في المعارك التي حاول فيها السيطرة على طرابلس قبل عامين.