في زيارة مفاجئة، وصل اليوم الأربعاء 8 ديسمبر/كانون الأول 2021 وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان للقاء نظيره الرئيس عبد المجيد تبون ووزير الخارجية رمطان لعمامرة.
وحسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست" من مصادر مقربة من الخارجية الجزائرية، فإن الوزير الفرنسي حمل معه من باريس 3 ملفات ينوي مناقشتها خلال زيارته للجزائر.
أيضاً، وحسب المصادر نفسها، فإن الوزير سيسعى إلى إذابة الجليد بين البلدين، وخفض التوتر الذي دام لأسابيع وتطوّر إلى تراشق إعلامي بين المسؤولين في البلدين.
ملفات على طاولة النقاش
وقالت مصادر لـ"عربي بوست" إن جان إيف لودريان سيناقش أربع ملفات مهمة محل خلاف بين البلدين، وذلك مع نظيره رمطان لعمامرة، ومع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
ووفق المصدر ذاته، فإن الملف الأول الذي سيناقش يتعلق بملف التأشيرة والهجرة والذي كان شرارة الخلاف بين البلدين قبل شهر، وذلك بعدما قررت فرنسا تقليص عدد التأشيرات المقدمة للجزائريين إلى النصف، وذلك بسبب رفض الجزائر تسلم مهاجرين غير نظاميين.
ووفق المصدر ذاته، فإن الملف الثاني الذي سيُناقشه لودريان، هو ملف تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي أغضبت الجزائر، وتسببت في سحب سفيرها من باريس، ومنع الطائرات الفرنسية العسكرية من عبور أجوائها باتجاه الساحل الإفريقي.
ومن شأن لودريان أن يقدم توضيحات حول تلك التصريحات وإقناع الجزائر بتجاوزها، مع تقديم وعود بعدم تكرارها، لاسيما وأن المنافسة على الانتخابات الرئاسية الفرنسية بدأت تعرف استغلالاً لملف المهاجرين وملف الذاكرة مع الجزائر.
أما الملف الثالث فله صلة بإعادة العلاقة الدبلوماسية بين البلدين إلى سابق عهدها، بداية بعودة السفير الجزائري في باريس إلى منصبه الشاغر منذ أكثر من شهر.
وفيما يخص الملف الرابع، وحسب نفس المصادر فيرتبط بتنظيم لقاء بين الرئيسين إيمانويل ماكرون وعبد المجيد تبون لحل كل الخلافات بين الطرفين، وذلك قبل موعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية المنتظر إجراؤها في مارس المقبل.
فرنسا تطلب الصلح
منذ رد فعل الجزائر الغاضب تجاه تصريحات ماكرون المشكّكة في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، وباريس تحاول رأب الصدع بينها وبين الجزائر دون جدوى.
وقال الإليزيه، قبيل اجتماع باريس حول ليبيا الشهر الماضي، إن الرئيس إيمانويل ماكرون يأسف لسوء فهم كلامه الذي نقلته صحيفة لوموند، مؤكداً أن الرئيس يحترم الجزائر وتاريخها.
ورد لعمامرة على تلك التصريحات بوصفها تصريحات إيجابية ويمكن البناء عليها لتصحيح أخطاء الماضي.
كما أكد لودريان، في تصريحات مختلفة، أن الجزائر وفرنسا يربطهما تاريخ مشترك ولابد من عودة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها.
ويرى المحلل السياسي فيصل بن أحمد أن العلاقات الجزائرية-الفرنسية ستعود إلى وضعها الطبيعي لا محالة، وأن فرنسا بحاجة إلى الجزائر في الساحل وليبيا؛ لذلك لن تدع العلاقات تتدهور أكثر مما هي عليه الآن.
ويعتقد المحلل في تصريح لـ"عربي بوست" أن "الجزائر بحاجة هي الأخرى لباريس، لا سيما وأن الرئيس تبون وعد ناخبيه بحل ملف الذاكرة مع فرنسا، بالإضافة إلى تعديل اتفاق الشراكة الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي".
عودة المياه إلى مجاريها
من المتوقع أن تكون زيارة الوزير الفرنسي إلى الجزائر زيارة ناجحة بالنظر إلى انخفاض مستوى التوتر بين البلدين خلال الأسابيع الماضية.
وكانت الجزائر قد سمحت يوم الثلاثاء 7 ديسمبر/كانون الأول 2021 بمرور طائرة عسكرية فرنسية عبر أجوائها لأول مرة منذ إعلان تبون منعها.
وحسب موقع متخصص في تتبع الرحلات الجوية، فإن طائرة ركاب تابعة للقوات الجوية الفرنسية مرت من الأجواء الجزائرية نحو الساحل، رغم أن الجزائر كانت قد استثنت من قرارها القاضي بمنع مرور الطائرات العسكرية من أجوائها، الطائرات التي تحمل الجرحى والمساعدات الإنسانية فقط.
وقال المحلل السياسي فيصل بن أحمد لـ"عربي بوست" إن العلاقات بين البلدين عرفت انحرافاً غير مسبوق بسبب تهور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومحاولته استمالة اليمين في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وتوقع بن أحمد أن تكون زيارة لودريان مفيدة جداً للعلاقات بين البلدين اللذين هما بحاجة إلى بعض مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الليبية وتأزم الوضع في الساحل والصحراء، على حد تعبيره.