قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، السبت 4 ديسمبر/كانون الأول 2021، إن الجيش سيترك الساحة السياسية بعد الانتخابات المقررة في عام 2023، مؤكداً أن حزب "المؤتمر الوطني" المحلول (الحاكم سابقاً)، الذي كان يترأسه عمر البشير، "لن يكون جزءاً من المرحلة الانتقالية بأي صورة من الصور، ونحن ملتزمون بذلك".
حيث أكد البرهان، في مقابلة مع وكالة رويترز: "عندما تأتي حكومة منتخبة، لن يكون للجيش والقوات النظامية أي مشاركة في الشأن السياسي"، مشيراً إلى أن هذا هو الوضع الطبيعي، وما تم الاتفاق عليه.
كان الدور السياسي للقوات المسلحة السودانية قد أثار انتقادات محلية ودولية واسعة، خاصة في أعقاب التطورات الأخيرة التي تشهدها البلاد.
من جهتها، دعت لجان المقاومة الشعبية والأحزاب السياسية الجيش إلى التخلي عن الشأن السياسي فوراً، ورفضت أي حلول وسط، ومن ضمنها الاتفاق الأخير الذي تم توقيعه مع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك.
فيما أضاف البرهان: "بدأت التحقيقات بشأن ضحايا الاحتجاجات؛ لنعرف مَن فعل ذلك ومعاقبة المجرمين… والحكومة تحمى حق التظاهر السلمي".
كانت لجنة أطباء السودان المركزية قد أعلنت، الجمعة، ارتفاع حصيلة قتلى الاحتجاجات الأخيرة إلى 44 شخصاً، عقب وفاة مصاب متأثراً بجراحه.
جاء ذلك في بيان للجنة (غير حكومية) التابعة لتجمُّع المهنيين السودانيين، عبر صفحتها على "فيسبوك".
عودة الدعم الاقتصادي الدولي
في حين توقَّع البرهان عودة الدعم الاقتصادي الدولي بعد استقرار الأوضاع بالبلاد تحت حكومة مدنية، مضيفاً أن الدولة لن تتخلى عن الإصلاحات التي طبَّقتها سواء بالعودة إلى الدعم أو طبع أوراق النقد.
مضى قائد الجيش قائلاً: "عندما تعود الأوضاع لطبيعتها نتوقع عودة المساعدات الاقتصادية الدولية، والحكومة المدنية ستتولى هذا الأمر".
كما أشار البرهان إلى أن السودان ملتزم بتحقيق العدالة، وقال: "لدينا تفاهمات مع المحكمة الجنائية الدولية للمثول أمام القضاء أو أمام المحكمة، ونحن ملتزمون بتحقيق العدالة ومحاسبة المجرمين".
كذلك لفت البرهان، في مقابلة أخرى مع وكالة فرانس برس، إلى أن هناك ما وصفها بالمؤشرات الإيجابية التي تتصل بدعم المجتمع الدولي مجدداً للخرطوم، متابعاً: "المجتمع الدولي، ومن ضمنه الاتحاد الإفريقي، ينظر إلى ما سيحدث في الأيام المقبلة (..)، وتشكيل الحكومة المدنية بالتأكيد سيعيد الأمور إلى نصابها".
أحداث ساخنة في السودان
يأتي ذلك بينما يعاني السودان في خضم أزمة اقتصادية طاحنة، ولم تبزغ بعض المؤشرات الإيجابية، إلا مع بدء تدفق الأموال من صندوق النقد والبنك الدوليين ودول غربية، والتي تم تعليق معظمها بعد الإجراءات الأخيرة.
منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يعاني السودان أزمة حادة، إذ أعلن البرهان حالة الطوارئ وحلّ مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، مقابل احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات، باعتبارها "انقلاباً عسكرياً".
مقابل اتهامه بتنفيذ "انقلاب عسكري"، يقول البرهان إن الجيش ملتزم باستكمال عملية الانتقال الديمقراطي، وإنه اتخذ إجراءاته الأخيرة؛ لحماية البلاد من "خطر حقيقي"، متهماً قوى سياسية بـ"التحريض على الفوضى".
قبل تلك الإجراءات كان السودان يعيش منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر بموجب "الوثيقة الدستورية" 53 شهراً، تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية، وحركات مسلحة وقّعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.