أنهت أنجيلا ميركل عهدها في المستشارية الألمانية على أنغام إحدى سيمفونيات بيتهوفن، وأغنية رومانسية، وأخرى من موسيقى البوب من ألمانيا الشرقية، وكلها عُزِفَت بدقة متناهية من فرقة "قوات الدفاع الاتحادية" في الجيش الألماني، طبقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 2 ديسمبر/كانون الأول 2021.
جاء ذلك خلال فعاليات حفل أقامه الجيش الألماني، مساء الخميس؛ من أجل وداع وتكريم ميركل التي قضت 16 عاماً في السلطة، وهو أعلى تكريم لشخصية مدنية.
خلال الحفل، ظهرت ميركل، وهي أقوى سياسية في أوروبا، مرتدية معطفاً أسود بسيطاً وقفازات سوداء، وبدت بوجه متجهم لم يظهر عليه سوى قليل من المشاعر، بينما كانت تشاهد الجنود حاملين الشعلة في موكب عسكري كامل يمر عبر فناء وزارة الدفاع في برلين.
مسيرة عسكرية
فيما بدأ الحدث بمسيرة عسكرية على أنغام بيتهوفن، وانتهى بأغنية Ich bete an die Macht Liebe (أُصلي لقوة الحب)، وهي أغنية تقليدية كانت جزءاً من الاحتفال منذ حروب نابليون. وخلال عزف هذه الأغنية، نزع الجنود خوذهم الرمادية وابتسمت ميركل لفترة وجيزة للضابط الذي يقود الغناء مع النغمات الأخيرة.
3 أغنيات من اختيار ميركل
كما عزفت الفرقة العسكرية ثلاث أغنيات اختارتها ميركل؛ آخرها بعنوان "لقد نسيت الفيلم الملون"، وهي من موسيقى البوب بجمهورية ألمانيا الديمقراطية في سبعينيات القرن الماضي، وتُكرم نشأة ميركل في ألمانيا الشرقية بطريقة نادراً ما أظهرتها المستشارة أثناء وجودها في المنصب.
لكن فهم البعض الأغنية على أنها انتقاد للواقع الكئيب للشيوعية في ألمانيا الشرقية، وهي عبارة عن رثاء غاضب يوجه اللوم إلى صديق المغنية هاغن مايكل لأنه أخذ فيلماً بالأبيض والأسود فقط في إجازته بجزيرة هيدينسي. ونتيجة لذلك، قالت: "لن يصدق أحد كم هي جميلة هذه الجزيرة".
بينما وصفت ميركل هذه الأغنية بأنها "من أبرز محطات شبابها"، مشيرة إلى أنَّ أحداثها تدور بالمنطقة التي كانت دائرتَها الانتخابية في بحر البلطيق، "لذا كل شيء منسجم".
سنوات حافلة بالأحداث
ميركل لفتت إلى أنَّ فترات حكمها الأربع كانت "سنوات حافلة بالأحداث وفي كثير من الأحيان مليئة بالتحديات… السياسية والإنسانية، وفي الوقت نفسه كانت مُرضِية".
كانت ميركل قد أعلنت، قبل ساعات من الحفل، عن إجراءات أكثر صرامة للحد من ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا المستجد في ألمانيا، وضمن ذلك ما وصفه خليفتها بـ"إغلاق مفروض على غير الملقحين".
عقب هذا الحدث الذي بُث على الهواء مباشرة، غرّد وزير الاقتصاد الألماني الحالي والحليف المقرب بيتر ألتماير، قائلاً إنَّ الوداع العسكري كان "عظيماً لمستشارة عظيمة". وفي إشارة إلى أغنية هاغن، قال: "أنجيلا ميركل أوضحت لنا بالأسود والأبيض متى كانت الأوضاع خطيرة ومهمة… شكراً كثيراً. سنفتقدك بشدة".
يعود تقليد الحفل العسكري "Großer Zapfenstreich"، أو حفل الوشم الكبير، إلى القرن السادس عشر، لكن لم يبدأ منح أعلى تكريم من الجيش الألماني للمستشارين إلا منذ رحيل المستشار هلموت كول في عام 1998.
يشار إلى أن حفل الوداع العسكري للمستشار السابق غيرهارد شرودر حضره 600 ضيف، بينما قيل إنَّ ميركل دعت نحو 200 شخص، من ضمنهم 52 وزيراً خدموا خلال فترة ولايتها.
فيما ترحل ميركل تاركةً خلفها فراغاً كبيراً، بعد أن أبحرت بألمانيا وأوروبا وسط أمواج أزمات كثيرة، وكانت -بحسب كثيرين- بطلة للديمقراطية الليبرالية في مواجهة موجة متزايدة من الاستبداد والسلطوية بجميع أنحاء العالم.
لكن منتقديها يقولون إنها تمكنت من إدارة المشكلات بدلاً من حلها وتركت لمن يخلفها قرارات صعبة على جبهات كثيرة.