اعتذر الرئيس السابق للشركة المصنعة للثاليدومايد، العقار الذي تسبب في أكثر من 100 ألف حالة إجهاض وإملاص ووفيات رضع وأطفال مولودين بأطراف متقزمة أو مفقودة، للضحايا وعائلاتهم لأول مرة.
صحيفة The Times البريطانية قالت إن مايكل ويرتس (82 عاماً)، نجل مؤسس شركة غروننتال هيرمان ويرتس، أعرب عن أسفه نيابة عن أسرته في فعالية أقيمت عبر الإنترنت يوم السبت 27 نوفمبر/تشرين الثاني إحياء للذكرى الستين لسحب العقار الذي يعالج الغثيان الصباحي لدى النساء الحوامل من السوق.
وفي تسجيل مصور لمحادثة بين ويرتس والممثل الرئيسي السابق للضحايا الألمان، قال ويرتس إنه من المنتظر أن يواجه أصحاب الشركة الأمر بشجاعة "وألا يختبئوا وراء كيان قانوني لغروننتال". وقال: "بكل صراحة، ورسمياً أمام شهود، أعتذر عن جميع أشكال الضرر التي لحقت بعائلاتكم".
وقد تمت تبرئة مسؤولي الشركة عام 1970 من نية ارتكاب أذى بدني والقتل غير العمد بعد محاكمة تبين بعدها أنها تعرضت لتدخل سياسي.
فيما ساهمت غروننتال بمبلغ 100 مليون مارك لمؤسسة تديرها الدولة وتمولها جزئياً وتقدم مزايا لـ2400 ضحية ناجية في ألمانيا، التي سوَّقت العقار باسم كونترغان Contergan.
وكان هذا العقار يُباع بدون وصفة طبية في بريطانيا من عام 1958 حتى 2 ديسمبر/كانون الأول عام 1961. وتضم بريطانيا 452 ضحية ممن ظلوا على قيد الحياة وولدوا بعيوب خلقية خطيرة. ومنذ عام 1973، أصبحوا مؤهلين للحصول على مبلغ مقطوع ومنح سنوية، بتمويل من الشركة البريطانية، Distillers، منذ استحوذت عليها شركة المشروبات Diageo.
وكانت صحيفة Sunday Times قد شنت حملة لتحقيق العدالة للضحايا. ونتج عن حملة أخرى شنتها الصحيفة تقديم منح حكومية لتلبية الاحتياجات الصحية للمستفيدين من عام 2010. وفي ألمانيا وحدها، ولد حوالي 5000 طفل بأذرع أو أرجل متقزمة أو مفقودة؛ وحوالي 10 آلاف ولدوا خارج ألمانيا.
ويُشار إلى أن تطوير هذا العقار جاء تحت إشراف المدير الطبي لغروننتال، هاينريش مُكتر. وبدأ العمل في شركة غروننتال شيمي في ستولبيرغ قريباً من آخن عام 1946. وقد دخل الثاليدومايد السوق في أكتوبر/تشرين الأول عام 1957 وظل فيه لمدة أربع سنوات. واُتهم مُكتر لاحقاً بتجاهل الأدلة التي تثبت إضراره بالأعصاب وتسببه في التشوهات.
ومن جانبه، قال أودو هرتريتش، رئيس الاتحاد الفيدرالي لضحايا كونترغان، لصحيفة The Times: "ويرتس اعتذر ولكن كان ليكون أكثر لياقة أن يطلب منا قبول اعتذاره، لأنه بذلك يعرض الدخول معنا في حوار. ونتمنى أن تكون هذه بداية لشيء ما، وأن ترد الشركة على الاعتذار بعرض زيادة في التعويضات. فنحن نتقدم في السن ونحتاج إلى مزيد من الرعاية وثمة حاجة لزيادات واضحة في التعويضات، خاصة لمن تضرروا أكثر من غيرهم. عدة آلاف من الأجنة لقوا حتفهم وهم في رحم أمهاتهم، والعديد من الأطفال وُلدوا ميتين، والعديد من الضحايا قضوا نحبهم أو لم يبلغوا الستين لأنهم تعرضوا لأضرار بالغة من هذا العقار".
ويضطر هرتريتش (60 عاماً) لاستخدام كرسي متحرك لإصابته بتقزم في الساقين، وتضررت عيناه وأذناه وذراعاه ويداه وبعض أعضائه الداخلية أيضاً. وقال إن الدولة الألمانية لم تعتذر بعد. وقال: "حينها، حولوا الآباء إلى مذنبين، على عكس ما حدث في بريطانيا"، وقال: "حين تقدم طلباً للحصول على مزايا من مؤسسة كونترغان الألمانية، لا بد أن توافق على عدم رفع دعاوى على غروننتال وإلا فلن يمرروا الطلب. الدولة الألمانية أحاطت غروننتال بدرع ضخم".
فيما شركة غروننتال إنها ترحب باعتذار ويرتس.