أثارت عودة حركة طالبان إلى الحكم في أفغانستان قضية قانونية كانت معلَّقة بالمحاكم الأمريكية، حينما حكم القضاء على مسؤولين في الجماعة بدفع تعويضات لصالح ضحايا حادث 11 سبتمبر، بقيمة تعادل 7 مليارات دولار.
الحكم الذي صدر سابقاً، لم يكن ذا قيمة مع عدم وجود طريقة واقعية لتحصيل التعويضات، ولكن مع عودة الحركة إلى الحكم، أثيرت القضية مرة أخرى، بحسب ما كشفته صحيفة The New York Times الأمريكية، الإثنين 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
نزاع على الأموال المجمدة
وفيما يطالب قادة الحركة بحساب البنك المركزي لأفغانستان في الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والذي يصل لـ7 مليارات دولار من المساعدات الخارجية، يطالب المدعون في قضية 11 سبتمبر/أيلول باستخدام هذه الأموال في تعويض الضحايا.
بحسب الصحيفة، ينخرط مسؤولون رفيعو المستوى في إدارة بايدن حالياً في مناقشة الإجابة عن هذا السؤال، الذي يمثل عقدة متشابكة من مشكلات الأمن القومي والقانون والدبلوماسية والسياسية.
ولكن شائكة تقف حائلاً دون ذلك، إذ يجب على واشنطن أن تعترف أولاً بـ"طالبان" كحكومة شرعية، لتستطيع تنفيذ استخدام الأموال الموجودة في حساب البنك المركزي للمساعدة في حل مطالب أسر 11 سبتمبر/أيلول.
فيما تتفاوض وزارة العدل مع محامي المدعين حول صفقة محتملة لتقسيم الأموال إذا دعمت الإدارة محاولتهم الحصول عليها، ويعمل مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض على تقييم الاقتراح.
وأصدر اثنان من المدعين في القضية، وهما فيونا هافليش، التي كان زوجها يعمل في الطابق الـ101 من البرج الجنوبي، وإلين ساراسيني، التي كان زوجها طياراً لإحدى الطائرات المخطوفة التي اصطدمت بمركز التجارة العالمي- بياناً يقول إنَّ الإدارة يجب أن تساعد قضيتهم.
وبعد أن استولت طالبان فجأة على البلاد باستخدام السلاح في أغسطس/آب، حظر البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك الوصول إلى حساب البنك المركزي الأفغاني. وبموجب عقوبات مكافحة الإرهاب طويلة الأمد التي تفرضها الولايات المتحدة على طالبان، فإن من غير القانوني الدخول في معاملات مالية مع الحركة.
بعد ذلك بوقت قصير، أقنع محامو العائلات في قضية المسؤولية الضمنية القديمة القاضي بإصدار أمر ببدء عملية تحويل الأموال إليهم لسداد التعويضات. وفي 13 سبتمبر/أيلول، أسدى مارشال أمريكي خدمةً للقسم القانوني بالاحتياطي الفيدرالي في نيويورك بإصدار "أمر قضائي بالتنفيذ" للحصول على الأموال.
لكن ما يزيد الأمور تعقيداً أنَّ مجموعة ثانية من المدعين في قضية أصغر -قدَّمها سبعة متعاقدين مع وزارة الخارجية أصيبوا في هجوم إرهابي بأفغانستان عام 2016- يسعون أيضاً للحصول على جزء من الأموال باعتبارها تعويضاً، في حكم غيابي صدر بقيمة 138 مليون دولار ضد قائمة من المتهمين، من بينهم "طالبان".
خلف الكواليس، استهلَّ محامو المدعين مفاوضات مع وزارة العدل. وقال الأشخاص المطلعون على الأمر إنهم اقترحوا صفقة لتقسيم 7 مليارات دولار على ثلاث فئات من المستفيدين إذا دعمتهم إدارة بايدن في المحكمة.
طالبان تطالب بحق الشعب الأفغاني
تأتي تلك المفاوضات في الوقت الذي تضغط فيه حركة طالبان بشكل منفصل، للوصول إلى أموال البنك المركزي الأفغاني في الولايات المتحدة، إلى جانب الودائع الأصغر بأوروبا.
ففي 17 نوفمبر/تشرين الثاني، أصدر القائم بأعمال وزير خارجية طالبان رسالة علنية إلى الكونغرس الأمريكي، يطالبه فيها بالإفراج عن الأموال، قائلاً إنه لا يوجد مبرر لمنعهم الآن بعد أن انتهت الحرب، وإنهم بحاجة إلى تجنب أزمة إنسانيةٍ هذا الشتاء.
وقال: "نعتقد أنَّ تجميد الأصول الأفغانية لا يمكن أن يحل المشكلة المطروحة، كما أنه ليس مطلب الشعب الأمريكي، ومن ثم يجب على حكومتك أن تفك تجميد رأس مالنا. نحن قلقون من أنه إذا ساد الوضع الحالي، فإنَّ الحكومة والشعب في أفغانستان سيواجهان مشكلات ستصبح سبباً للهجرة الجماعية إلى دول المنطقة والعالم؛ مما سيؤدي من ثم إلى خلق مزيد من القضايا الإنسانية والاقتصادية للعالم".
لكن الإدارة الأمريكية رفضت رسالة طالبان، في بيان أدلى به توماس ويست، المبعوث الخاص لأفغانستان، رغم قوله إنَّ الولايات المتحدة ستواصل تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الأفغاني.