قال رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، السبت 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إن "مجلس نواب الشعب (البرلمان) المجمدة أعماله عائد، أحبَّ مَن أحب وكرِه مَن كرِه"، معتبراً أن "إنجازات البرلمان كبيرة، وأعداء الثورة عمِلوا على تشويهه".
جاء ذلك في كلمة للغنوشي، زعيم حركة "النهضة" (53 مقعداً من أصل 217 بالبرلمان)، خلال اجتماعه بقيادات لـ"النهضة" في بنزرت (شمال)، وفق ما نقله مراسل الأناضول.
تجميد أعمال البرلمان
في 25 يوليو/تموز 2021، جمَّد الرئيس قيس سعيّد أعمال البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه ضمن إجراءات استثنائية شملت أيضاً إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤّسه للنيابة العامة، وإقالة رئيس الحكومة، وتوليه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة عَيَّنَ "نجلاء بودن" رئيسةً لها.
أضاف الغنوشي، خلال الاجتماع، أن "مجلس النواب المجمدة أعماله عائد، أحبَّ مَن أحبَّ وكرِه مَن كرِه". وأكد أن "البرلمان سلطة تأسيسية، أنجز كثيراً من القوانين الاجتماعية على غرار القانون 38 المتعلق بتشغيل من طالت بطالتهم 10 سنوات، وقانون التمويل التشاركي".
اعتبر أن "أعداء الثورة (لم يسمهم) عمِلوا على تشويه البرلمان"، مشدداً على أن "حركة النهضة تمثل عامل استقرار في البلاد".
قال متوجهاً لقيادات "النهضة": "لكُم أن تفخروا بأنكم عامل ثبات واستقرار رغم حملات التشويه". وأردف أن "للثورة والحرية والديمقراطية مستقبلاً ما دام المجتمع بكل فئاته مُصراً على نصرة قيم الثورة رغم الثمن الاقتصادي الذي دفعناه".
انتخابات بهيئة مستقلة
لفت الغنوشي إلى أن "تونس أول بلد عربي يجري انتخابات بهيئة مستقلة". وتابع: "يريد المنقلب (في إشارة إلى سعيّد) إعادتها (تونس) تحت إشراف وزارة الداخلية"، مؤكداً أن "النهضة وأنصار الحرية والثورة لن يسمحوا بأي رِدّة في هذا المجال".
زاد: "الانقلاب فشل في كل الملفات التي بنى عليها أوهامه؛ فلا الاقتصاد تحرَّك كما وعد (سعيد)، ولا التنمية حصلت، ولا رقي اجتماعي؛ بل إنه ألغى حتى فكرة التشغيل أصلاً".
ترفض غالبية القوى السياسية في تونس، بينها "النهضة"، قرارات سعيد الاستثنائية، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس آنذاك، زبن العابدين بن علي (1087ـ2011).
الاتحاد الدولي للبرلمانيين
يأتي حديث الغنوشي عن البرلمان في الوقت الذي يشارك فيه 5 نواب تونسيين، في أعمال الجمعية الـ143 للاتحاد الدولي للبرلمانيين، بالعاصمة الإسبانية مدريد.
رئاسة البرلمان التونسي (المجمدة) تلقت دعوة رسمية للمشاركة في الجمعية الـ143 للاتحاد الدولي، الذي يعد أهم ملتقىً للبرلمانيين في العالم.
وفق مراسل الأناضول، يشارك من النواب، أسامة الخليفي (قلب تونس)، وفتحي العيادي، وماهر المذيوب (حركة النهضة)، وعصام البرقوقي (المستقبل)، وزياد الهاشمي (ائتلاف الكرامة).
بدوره، نشر أسامة الخليفي، رئيس كتلة حزب "قلب تونس" البرلمانية (ليبرالي 30 نائباً من 217)، عبر حسابه على فيسبوك، صوراً تُظهر مشاركته في افتتاح أعمال الجمعية، الجمعة، بحضور ملك إسبانيا فيليبي السادس.
قال الخليفي في تدوينة له، إن "موضوع أعمال الجمعية هو كيفية حماية الديمقراطية البرلمانية من تعسف السلطة التنفيذية وتحصينها".
أضاف: "نناقش سبل تعزيز حماية النواب، وتطوير آليات الدفاع ضد الانتهاكات التي يتعرضون لها خلال أداء مهامهم النيابية (..) العالم لا يعترف بالتجميد والانقلاب على الديمقراطية".
تابع: "مؤسسة البرلمان التونسي تاريخ شامخٌ بين الدول، لن تنطفئ شمعته وهذه مسؤولية تاريخية، ولن نتراجع عن القيام بواجبنا، نحن لا ندافع عن أشخاصنا؛ بل ندافع عن مؤسسة انتخبنا الشعب لنمثله فيها". واختتم حديثه قائلاً: "يحيا البرلمان التونسي، تحيا تونس ديمقراطيةً رايتها مرفوعة بين الأمم".
رفض مساندة قيس سعيد
على صعيد الأزمة السياسية في البلاد، أعلن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، السبت، أن الاتحاد "يرفض المساندة المطلقة" لإجراءات 25 يوليو/تموز 2021 التي اتخذها الرئيس قيس سعيد.
جاء ذلك في كلمة للطبوبي، خلال مؤتمر صحفي على هامش ندوة لهيئة تابعة للاتحاد بمدينة الحمامات (شمال).
قال الطبوبي، في كلمته: "بلادنا للأسف الشديد مقلوبة على رأسها (تشهد أزمة).. هذه البلاد التي لها كل مقومات النجاح، لم تجد من ينقذها، وهي اليوم بحاجة لكل نفَس وطني لإصلاح البلاد وإنقاذها".
أضاف: "توقعنا أحداث 25 يوليو/تموز 2021، واقتنعنا بالإجراءات المتخذة من قبل الرئيس (سعيد)؛ نظراً لما كشفناه سابقاً من استنكارنا لتعفُّن الوضع السياسي بالبلاد الذي وأد طموح وحلم واستحقاقات الشعب التونسي، خاصةً أحلام الشباب بالتشغيل.. قلنا إنه لابد من خيار جديد يبني مستقبل تونس مستفيداً من الأخطاء السابقة".
استدرك: "لكن للأسف الشديد، لم نر اليوم أي دافع إيجابي- رغم مرور فترة هامة على إجراءات 25 يوليو/تموز- يجعل الاتحاد يقدم صكاً على بياض".
أردف: "هذا الموقف الرافض لإعلان الاتحاد مساندته المطلقة لرئيس الجمهورية هو موقف مؤسسات الاتحاد بالتشاور مع مختلف هياكلها وبناءً على تقييم تشاركي للوضع وليس موقفاً شخصياً من الأمين العام لمنظمة الشغيلة أو من قياداتها تجاه السلطة التنفيذية".