رفعت وزارة الدفاع الفرنسية شكوى بشأن "انتهاك سرية الدفاع الوطني" بعد تسريب وثائق عن تقديم فرنسا معلومات استخباراتية لمصر في إطار عملية لمكافحة الإرهاب استخدمتها القاهرة لاستهداف مهربين عند الحدود مع ليبيا، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية الخميس 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
يأتي ذلك على خلفية كشف موقع "ديسكلوز" أن مهمة "سيرلي" الاستخبارية الفرنسية التي بدأت في فبراير/شباط 2016 تم حرفها عن مسارها من جانب الدولة المصرية التي استخدمت المعلومات لشن ضربات جوية ضد مهرّبين وليس لمكافحة جهاديين كما تنص المهمة.
انتهاك "خطر للغاية" للقانون
قال المتحدث باسم وزارة الدفاع هيرفيه غرانجان خلال مؤتمر صحافي: "اتخذت وزارة الجيوش إجراءات قانونية بعد هذا التسريب الكبير لوثائق سرية"، بدون أن يحدد المستهدف بالشكوى.
تابع: "حصل تسريب لوثائق مشمولة بسرية الدفاع الوطني. هذا التسريب انتهاك للقانون.. خطر للغاية، لأن ما يمكن الكشف عنه قد يظهر أموراً عن أساليب عمل الجيش، ويمكن أن يعرِّض أمن الأشخاص المشاركين للخطر".
بينما أكد موقع "ديسكلوز" لوكالة الأنباء الفرنسية الخميس أنه لم يتلقَّ أي إخطار قضائي.
بموازاة ذلك، بدأت الوزارة "تحقيقاً داخلياً للتحقق من أن القواعد تم تطبيقها" من قبل الشركاء المصريين لأن "الخطوط العريضة لهذه المهمة الاستخبارية لها أهداف واضحة للغاية تتعلق بمكافحة الإرهاب، ولا تطال القضايا الداخلية"، وفق هيرفيه غرانجان.
تابع المتحدث باسم وزارة الدفاع في فرنسا: "ننتظر نتائج التحقيق لاستخلاص النتائج"، بدون أن يعطي مزيداً من التفاصيل.
تسريبات تورط فرنسا ومصر
أورد موقع "ديسكلوز" أن مديريّة الاستخبارات العسكريّة والقوّات الجوّية أعربتا عن قلقهما من التجاوزات في هذه العمليّة، وفق ما يتّضح من مذكّرة أرسِلت إلى الرئاسة الفرنسيّة في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.
إذ حصل موقع ديسكلوز"Disclose" الفرنسي على مئات من وثائق "الدفاع السرية" التي تكشف انتهاكات عملية عسكرية سرية تنفذها فرنسا في مصر، وكذلك ما يقول الموقع إنه تواطؤ من الدولة الفرنسية في قصف المدنيين بالمهمة سيرلي السرية التي بدأت قبل سنوات بين البلدين.
من أبرز ما كشف عنه تحقيق الموقع الفرنسي أن باريس أرسلت فريقاً إلى مصر في مهمة أُطلق عليها اسم "عملية سيرلي" في عام 2016، وفي ذلك الوقت كان الجيش الفرنسي يُنفّذ مهام استطلاع جوي فوق ليبيا، حيث كان ينشط مقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وكانت فرنسا تخشى من اتساع رقعة نفوذهم.
موقع "ديسكلوز" قال إن ما لا يقل عن 19 تفجيراً استهدف مدنيين بين عامي 2016 و2018 كان على صلة بالمعلومات المخابراتية الفرنسية التي أُرسلت إلى القاهرة.
تضمنت الوثائق التي نُشرت رسائل مزعومة من المشاركين الميدانيين في العمليات، لتنبيه رؤسائهم إلى إساءة استخدام معلوماتهم.
يشير الموقع إلى أن فريقاً من المخابرات الفرنسية كان برفقة ضابط مصري مكلف بالاستماع للتنصت على المحادثات أثناء إجرائها، وأضاف الموقع أن الفريق الفرنسي أدرك بسرعة أن التهديد الإرهابي كان ضئيلاً، وأن معلوماته تُستخدم بدلاً من ذلك لاستهداف مهربين لمواد، من السجائر والأطعمة إلى الأسلحة والمخدرات.
أشارت إحدى المذكرات السرية، التي نُشرت في 22 يناير/كانون الثاني 2019، وكانت موجّهة إلى وزيرة الدفاع قبل زيارة ماكرون لمصر، إلى أن هناك "حالات مؤكدة لتدمير أهداف كشفتها الطائرات الفرنسية"، وأن من المهم تذكير مصر بأن طائرات الاستطلاع ليست أداة استهداف.