أعلنت منظمة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول"، الخميس 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أن اللواء الإماراتي أحمد ناصر الريسي، الذي استهدفته عدة شكاوى بشأن "التعذيب" في فرنسا وتركيا، انتخب في إسطنبول رئيساً للإنتربول.
الإنتربول قال على صفحته الرسمية في تويتر: "السيد أحمد ناصر الريسي.. انتخب لمنصب الرئيس".
منصب الرئيس هو في الأساس فخري في المنظمة، إذ إن الرئيس الحقيقي لها هو أمينها العام. لكن منظمات حقوق الإنسان والمسؤولين الأوروبيين المنتخبين عارضوا انتخاب الريسي، معتقدين أن ذلك سيقوض مهمة الإنتربول.
أحمد ناصر الريسي متهم بـ"التعذيب"
انتخاب اللواء الإماراتي أحمد ناصر الريسي سبقته حملة حقوقية دولية تحذر من ذلك، خاصة وأنه مُتابَع في قضايا تعذيب بكل من فرنسا وتركيا.
وشنَّ الريسي حملةً نشطة للترشُّح لرئاسة الإنتربول على أساس توسيع استخدام المنظمة للتكنولوجيا، مشيراً إلى الإمارات، التي تشارك في مراقبةٍ واسعة النطاق، كنموذجٍ في ذلك.
دقَّت العديد من الجماعات الحقوقية ناقوس الخطر بشأن ترشيح الريسي، إذ أشار تحالفٌ من 19 منظمة، في رسالةٍ مشتركة، إلى "السجل الحقوقي السيئ لدولة الإمارات، بما في ذلك الاستخدام المُمَنهَج للتعذيب وسوء المعاملة في مرافق أمن الدولة".
كما حذَّرَت الرسالة من أن تعيين أحمد ناصر الريسي "سيحلق الضرر بسُمعة الإنتربول ويتناقض بصورةٍ كبيرة مع روح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ورسالة المنظمة نفسها".
كما أضاف التحالف أن أحمد ناصر الريسي "جزءٌ من جهازٍ أمني يواصل استهداف المعارضين السلميين بشكلٍ منهجي، ما يجعل الفضاء المدني شبه معدوم". وقد عارَضَ بعض المسؤولين ترشيح الريسي.
مخاوف من استغلال الإمارات لمنصبه
إلى جانب ذلك، أشار المنتقدون إلى سجل الإمارات في استخدام إشعارات الإنتربول الحمراء لاستهداف الأفراد على الشيكات المُرتَجَعة، وهي ممارسةٌ شائعة مثيرة للجدل في العديد من دول الخليج "تجعل الإنتربول شكلاً من وكالةٍ لتحصيل الديون الدولية"، على حدِّ قولهم. ولم يرد مسؤولون إماراتيون على طلبٍ للتعليق.
فقد سعت دولة الإمارات إلى دورٍ أكبر في عمليات المنظمة في السنوات الأخيرة. ففي عام 2017، قدَّمَت تعهُّداً غير مسبوق بقيمة 50 مليون دولار لمؤسسة "من أجل عالم أكثر أماناً"، وهي منظمةٌ مستقلَّة وغير ربحية مقرها سويسرا تدعم أنشطة الإنتربول.
رغم المكانة المرموقة للإنتربول، فإنه هو نفسه منظمةٌ صغيرة إلى حدٍّ ما، بميزانية سنوية تزيد قليلاً على 150 مليون دولار.
كما يتعيَّن على البلدان الأعضاء المساهمة بما يتناسب مع اقتصاداتها. ووفقاً لتقريرٍ نُشِرَ في وقتٍ سابقٍ من هذا العام، فإن تبرُّع الإمارات للمؤسسة -الذي زاد كثيراً على مساهمتها المطلوبة البالغة 260 ألف دولار في ميزانية الإنتربول- "يمثِّل أحد أكبر التبرُّعات على الإطلاق للإنتربول". وتساءل التقرير عمَّا إذا كانت الإمارات تمارس "نفوذاً غير مُبرَّر" على الإنتربول.
انتهاكات الدول لنظام الإشعارات الحمراء
بينما تصرُّ المنظمة على أنها محايدةٌ سياسياً، وينصُّ دستورها على أنه يجب أن تعمل وفقاً لـ"روح" الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فقد تعرَّضَ الإنتربول لتدقيقٍ متزايد في السنوات الأخيرة، إذ استغلَّت الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء العالم أنظمة عمله -لا سيما النشرات الحمراء التي توزِّعها المنظمة لتنبيه الدول بشأن الأفراد المطلوبين- كوسيلةٍ لاستهداف النشطاء والمعارضين السياسيين.
تعود الكثير من انتهاكات نظام الإشعارات الحمراء إلى ما بعد 11 سبتمبر/أيلول، عندما أشرَفَ الأمين العام للإنتربول رونالد نوبل على توسيع نطاق وصول الإنتربول.
انتخب الأعضاء رئيساً جديداً ويستبدلون معظم اللجنة التنفيذية للمنظمة، التي تدير عملياتها اليومية، بالإضافة إلى جميع أعضاء لجنة التحكُّم في ملفات الإنتربول، التي تتعامل مع الشكاوى المتعلِّقة بالنشرات الحمراء.
في حين أن الدول الأعضاء ليست ملزمةً بالعمل بموجب إشعار أحمر من الإنتربول، فإن الأفراد الذين يستهدفونهم غالباً ما يتعرَّضون للاعتقال أو الاحتجاز، وأحياناً لفتراتٍ طويلة، بالإضافة إلى تسليمهم.
كذلك، يمكن للأشخاص المذكورين في الإشعارات الحمراء أن يفقدوا أيضاً إمكانية الحصول على الخدمات المالية أو تُلغَى تأشيراتهم أو جوازات سفرهم.