اتهمت وزيرة الخارجية السودانية المستقيلة، مريم الصادق المهدي، الإثنين 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، دولتي إسرائيل ومصر بدعم ما وصفته بـ"الانقلاب العسكري" الأخير الذي وقع في بلادها، مؤكدةً أن قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، حاول التودد إلى إسرائيل، فيما ادعى في الوقت ذاته أن هناك سياسيين أبعدهم عن الحكومة كانوا مناهضين لتل أبيب.
جاء ذلك في مقابلة لها مع مركز "أتلانتيك كاونسيل" الأمريكي للدراسات، بخصوص تطورات الأزمة السودانية.
حيث قالت إن "الحكومة السودانية علمت بدور إسرائيل الداعم للانقلاب العسكري، رغم أنها لم تظهر في واجهة الأحداث"، مؤكدةً أن "المبعوث الأمريكي للقرن الإفريقي، جيفري فيلتمان، أجرى زيارة لتل أبيب لهذا الغرض".
فيما أشارت المهدي إلى أن الاتفاق الجديد الذي وقَّعه البرهان ورئيس الحكومة عبد الله حمدوك "يمثل نكسة، ولا يمكننا القبول به، ولا يمكن اعتباره بداية جديدة؛ لافتقادنا الثقة بالمكون العسكري، خاصةً أنه يصب في مصلحة الانقلاب، فضلاً عن أنه لا يلبي تطلعات الشباب في السودان ولا تضحياتهم للثورة".
رفض الاتفاق الجديد
الوزيرة السودانية أضافت: "نحن موقفنا الواضح كقوى الحرية والتغيير وهو رفض الاتفاق الجديد والتمسك بمطالب الشارع".
كانت المهدي، إلى جانب 11 وزيراً ممن عزلهم البرهان، قد أعلنوا في وقت سابق من يوم الإثنين، تقديم استقالاتهم مكتوبة لـ"حمدوك"؛ رفضاً للاتفاق السياسي الجديد.
في هذا الإطار، أوضحت المهدي: "قدمنا استقالاتنا كوزراء قوى الحرية والتغيير حضورياً لحمدوك تقديراً له، ولم نعلنها عبر وسائل الإعلام"، مشيرة إلى أنهم حاولوا إيجاد حل ثالث يوازن بين الحل السياسي والشارع المطالب بتحجيم السلطة العسكرية ووقف العنف.
بينما استدركت: "حمدوك شخص نزيه وقدمنا استقالاتنا مكتوبة؛ احتراماً لشخصه"، مؤكدةً أن رئيس الحكومة الانتقالية "لم يتواصل مع وزراء قوى الحرية والتغيير قبل توقيعه الاتفاق مع البرهان".
"خطوة نحو الشرعية الدستورية"
في غضون ذلك، رحب رئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي، موسى فكي، الإثنين، بتوقيع الاتفاق السياسي في السودان، واعتبره "خطوة هامة نحو العودة إلى الشرعية الدستورية التي تأسست عليها المرحلة الانتقالية في السودان ".
ودعا فكي، في برقية تهنئة إلى رئيس مجلس السيادة، وفق بيان من إعلام المجلس، "كل الشركاء السياسيين والاجتماعيين إلى تعميق مسار الانتقال الديمقراطي في مناخ يسوده السلم والتصالح الوطني"، مؤكداً تضامنه مع السودان لتعزيز السلم والتحضير لانتخابات حرة.
يشار إلى أنه في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قرر الاتحاد تجميد مشاركة السودان في أنشطته، بعد يومين من "استيلاء الجيش السوداني على السلطة وحل الحكومة الانتقالية"، وفق بيان آنذاك.
اتفاق البرهان وحمدوك
كان البرهان قد وقع، الأحد، اتفاقاً سياسياً مع حمدوك؛ بهدف إنهاء الأزمة التي تمر بها البلاد منذ نحو شهر، وذلك في أعقاب ضغوط دولية مكثفة ومظاهرات متواصلة تطالب بالحكم المدني.
حضرت مراسم توقيع الاتفاق قيادات عسكرية وسياسية، وهو يتضمن 14 بنداً، أبرزها إلغاء قرار إعفاء حمدوك من رئاسة الحكومة الانتقالية.
كما يتضمن الاتفاق إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفين بالعمل معاً لاستكمال المسار الديمقراطي.
الاتفاق ينص أيضاً على أن يشرف مجلس السيادة الانتقالي على تنفيذ مهام الفترة الانتقالية دون تدخل في العمل التنفيذي، وبناء جيش قومي موحد، وتنفيذ اتفاق السلام لعام 2020.
تضمن الاتفاق كذلك إعادة هيكلة لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد، وبدء حوار موسع وشفاف بين كافة القوى السياسية والمجتمعية وقوى الثورة، بما يؤسس لقيام المؤتمر الدستوري، والإسراع في استكمال جميع هياكل مؤسسات الحكم الانتقالي، بتكوين المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية وتعيين رئيس القضاء والنائب العام.
عقب توقيع هذا الاتفاق، قال البرهان إن حمدوك محل ثقة، و"موقفنا اليوم للدفاع عن ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، وهذا الاتفاق هو التأسيس الحقيقي للمرحلة الانتقالية".
أحداث ساخنة في السودان
منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يعاني السودان أزمة حادة، إذ أعلن البرهان حالة الطوارئ وحلّ مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، مقابل احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات، باعتبارها "انقلاباً عسكرياً".
مقابل اتهامه بتنفيذ "انقلاب عسكري"، يقول البرهان إن الجيش ملتزم باستكمال عملية الانتقال الديمقراطي، وإنه اتخذ إجراءاته الأخيرة؛ لحماية البلاد من "خطر حقيقي"، متهماً قوى سياسية بـ"التحريض على الفوضى".
فيما أصدر البرهان، الخميس 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، مرسوماً بتشكيل مجلس السيادة الانتقالي الجديد برئاسته، وتعيين محمد حمدان دقلو "حميدتي" نائباً له.
قبل تلك الإجراءات كان السودان يعيش منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر بموجب "الوثيقة الدستورية" 53 شهراً، تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية، وحركات مسلحة وقّعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.