قال الملياردير المصري نجيب ساويرس، إن الدولة تزاحم القطاع الخاص في البلاد على إنجاز المشاريع، مشدداً على أن الدولة ينبغي أن تكون "جهة تنظيمية وليست مالكة" للنشاط الاقتصادي، مفضلاً الصمت عندما سُئل عن مصر في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها وكالة الأنباء الفرنسية مع ساويرس في أحد منتجعاته بالجونة، ونشرتها الأحد 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، ولفتت إلى أنها أجرتها معه على هامش مهرجان الجونة السينمائي الشهر الماضي.
ساويرس قال إن المنافسة في مصر بين القطاعين الحكومي والخاص "غير عادلة منذ البداية"، وأوضح أن "الشركات المملوكة للحكومة أو التابعة للجيش لا تدفع ضرائب أو جمارك".
فمنذ أن تولى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حكم البلاد في 2014، أطلق مشاريع قومية ضخمة للبنية للتحتية على رأسها عاصمة جديدة في الصحراء، وحقق اقتصاد الجيش نمواً ملحوظاً؛ إذ تسند له العديد من المشاريع.
بناء على ذلك يقيم الجيش شراكات مع مجموعات القطاع الخاص لمشاركته التنفيذ، من بينها "أوراسكوم للإنشاء" المملوكة لعائلة ساويرس.
كان السيسي قد قال في أحد المؤتمرات العامة عام 2016، إن اقتصاد الجيش يمثل نحو 2 في المئة من الاقتصاد الوطني. واضاف "نود أن يصل إلى 50 في المئة"، وعادة لا تنشر مصر أي أرقام رسمية حول الوضع المالي للجيش.
وسط هذا المشهد، يرى ساويرس أن "الاقتصاد (المصري) تلقى دفعاً مؤخراً بسبب الإنفاق الحكومي على البنية التحتية مثل الطرق الجديدة والعاصمة الجديدة و(شركات) القطاع الخاص هي التي تبني هذه المشاريع".
أضاف أنه "لا تزال هناك منافسة من الحكومة، لذا فإن المستثمرين الأجانب خائفون بعض الشيء. أنا نفسي لا أخوض عروضاً عندما أرى شركات حكومية.. ساحة اللعب لا تعود متكافئة".
يُعد ساويرس (67 عاماً) أحد أكبر أغنياء القارة الإفريقية وثاني أثرياء مصر بعد شقيقه، بثروة تقدر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار.
بنى ساويرس سليل واحدة من أغنى العائلات في مصر، ثروته من الاستثمار في مجال الاتصالات؛ حيث كان يملك شبكات للهواتف الجوالة في دول مثل بنغلاديش والعراق وباكستان. وحصل على رخصة الاتصالات العاملة الوحيدة في كوريا الشمالية.
الحياة السياسية في مصر
في أعقاب ثورة يناير/كانون الثاني المصرية عام 2011 وعقب إطاحة المصريين بالرئيس السابق حسني مبارك، راهن ساويرس على الحريات السياسية وقام بتأسيس حزب سياسي ليبرالي.
قال في هذا السياق: "كان لدينا أمل في الشباب بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني لكنهم قالوا إنهم غير مهتمين بتشكيل حزب سياسي.. كانوا أكثر اهتماماً بإسقاط النظام.. لكن ماذا بعد؟!".
نشط حزب "المصريين الأحرار" الذي أسسه ساويرس بعد الثورة لكنه فشل في الفوز بمقعد واحد في البرلمان الأخير الذي حصد معظم مقاعده الموالون للسيسي، وقال ساويرس آسفاً في حديثه للوكالة الفرنسية: "لا تجد أبداً ثورياً حقيقياً يهتم بحياة الناس ويريد حلها حقاً ينتصر".
أشارت الوكالة إلى أن رجل الأعمال المصري كان حريصاً في الحديث عندما تعلق الأمر بالمشهد السياسي في ظل حكم السيسي، وقال بابتسامة ساخرة: "لديك برلمان على الأقل، لا أريد أن أتكلم كثيراً هنا".
وتواجه الحكومة المصرية باستمرار انتقادات شديدة من المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية بسبب انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان في البلاد.
جوانب من حياة ساويرس
على الرغم من تأكيده أنه أصبح حالياً مقلاً في عمله، ما زال ساويرس حريصاً على استغلال فرص العمل، وقال: "أحب العقارات لأن هناك إحساساً بالخلق، لذلك عندما تذهب إلى موقع قاحل ثم ترى بناية جديدة جيدة الشكل كما هو الحال هنا في الجونة، فإنك ترى شيئاً واقعياً وُلد من الصحراء".
استطاع الملياردير المصري من خلال فطنته الاقتصادية أن ينجو من الأزمة المالية العالمية عام 2008 عندما اتجه للاستثمار في الذهب والتعدين في غرب إفريقيا وأستراليا.
يحب ساويرس السينما، ويتفاعل باستمرار مع مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، فلديه على سبيل المثال، أكثر من سبعة ملايين ونصف متابع على موقع تويتر.
يرفض ساويرس الجيل الناشئ من المليارديرات في العالم "من (مارك) زوكربيرغ وفيسبوك، وكل هؤلاء الأطفال الرائعين في السراويل القصيرة الذين ربحوا مليارات الدولارات" لعدم أخذهم "الأعمال التقليدية" على محمل الجد بشكل كاف.
لم يخفِ إعجابه في هذا السياق بالمسلسل الكوري "سكويد جيم" الذي يعرض على منصة نتفليكس. وقال إنه مفتون بـ"التمثيل من الدرجة الأولى، والإخراج الممتاز والمشاعر الرائعة"، وأضاف أن المسلسل "يريك كيف يحب الإنسان نفسه أياً ما تكن مبادئه".