لا يزال رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي متمسكاً ببقاء حكومته ويعمل بشكل يومي على تفعيل اللجان الحكومية، ورغم الأزمة التي حلت بالحكومة بسبب تصريحات كان قد أدلى بها وزير الإعلام جورج قرداحي بشأن جماعة الحوثي ومطالب باستقالته فإنه يحاول حل الأزمة بأقل خسائر ممكنة.
بالتوازي نصح رئيس مجلس النواب نبيه بري صديقه ميقاتي بضرورة التواصل مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهو التيار الذي سمى جورج قرداحي في الحكومة، وعليه فإن ميقاتي أجرى تواصلاً مع فرنجية لإقناعه بوجوب دفع قرداحي إلى الاستقالة.
ميقاتي يطلب من فرنجية الضغط على قرداحي
وبحسب معلومات "عربي بوست" من مصدر سياسي مطلع، فإن ميقاتي استقبل فرنجية في بيروت وشرح له مسارات الأمور وتطورات الأزمة مع السعودية ودول الخليج العربي والتحديات التي تواجه لبنان على الصعيد السياسي والإقتصادي، ووفقاً لمصدر سياسي أكد لـ"عربي بوست" فإن ميقاتي طلب من فرنجية التدخل لدى وزير الإعلام جورج قرداحي ليتخذ القرار المناسب والذهاب بالاستقالة من الحكومة كبادرة منه لإنقاذ البلاد.
لكن فرنجية -وبحسب المصدر- أبلغ ميقاتي أنه ليس في وارد الضغط على قرداحي لدفعه للاستقالة وأنه لا يزال عند رأيه الذي أعلنه بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي، لافتاً إلى أن الرجل ظُلم وأنه سيكون إلى جانبه في أي موقف يقرر اتخاذه، إنما لن أطلب منه أن يستقيل لأنني لا أقبل أن يلحق الظلم بأحد فكيف بشخص في فريقنا السياسي.
وبحسب المصدر، فإن ميقاتي سأل فرنجية إن كان حزب الله يضغط عليه وعلى قرداحي لعدم الاستقالة من الحكومة، لكن فرنجية قال لميقاتي إن الحزب حليف وننسق في الأمور الأساسية، ونحن متفقون على فكرة عدم الخضوع لهذا النوع من الضغط طالما أننا لن نحصل مقابلاً أو تأكيداً على عودة الأمور إلى نصابها مع الخليجيين، وأن الجميع في المنطقة بات مدركاً أن السعوديين لن يتجاوبوا مع أي مبادرة في الوقت الحالي، لأن مشكلتهم أبعد من لبنان.
ووفقاً للمصدر، فإن فرنجية بادر بالقول إنه إذا كنت يا دولة الرئيس تود الطلب من قرداحي الاستقالة فعليك طلب ذلك منه مباشرة وربما هو محرج، وبنقاشك معه قد يتنازل ويستقيل وعندها تكون الأمور باتت في ملعبكم.
لم نتلقَّ تطمينات بتحسن الأوضاع بعد استقالة قرداحي
حسب المصدر، فإن ميقاتي وبعد لقائه بفرنجية أجرى اتصالاً بالوزير قرداحي وجرى ترتيب لقاء بينهما في دار ميقاتي، وبحسب المصدر، فإن اللقاء كان ودياً جداً حيث بدأ ميقاتي في عرض فكرة الاستقالة على أنها لا بد منها لوقف التصعيد عند السقف الذي وصل إليه دون إمكان اتخاذ إجراءات قاسية ضد اللبنانيين العاملين في المملكة والخليج، لإفساح المجال أمام مبادرات قطرية ومصرية للتوسط لدى السعودية وباقي الدول العربية التي اتخذت موقفاً مشابهاً للموقف السعودي.
أكد ميقاتي لقرداحي أن استقالته هي مدخل إلزامي للبدء في معالجة الخلاف مع الرياض، بمعزل عما إذا كانت كافية في حد ذاتها أم لا لإعادة العلاقة إلى مرحلة ما قبل سحب السفراء واتخاذ التدابير العقابية، وسرد المصدر أن ميقاتي يعتبر أنه في حال عودة الحكومة بشكل قريب للاجتماع بحضور قرداحي، وخاصة أنه الوزير الذي يتلو مقررات الجلسة قد يزيد الأزمة، وقد تؤدي لاستفزاز الدول المنزعجة، وربما تلك التي تسعى لحل الأزمة.
ويضيف المصدر أن قرداحي علق على كلام ميقاتي بقوله إن أهل الخليج أهل كرم وشهامة، ولا أظن أنهم سيتخذون إجراءات عقابية بحق اللبنانيين العاملين في بلادهم، لأنهم يحبون لبنان، والمواطنون اللبنانيون جزء رئيسي من نهضة هذه الدول، وهم يملكون شركات كبيرة يحرص الجميع على التعامل معها.
ويؤكد المصدر أن قرداحي أكد لميقاتي أن المواقف السعودية ليست موجهة له ولا رداً على كلامه، وهي موجهة لميقاتي والحريري وكل الأفرقاء السياسيين المتواجدين في الحكومة، وهذا الكلام يقوله من هم في أوساط السعوديين الذين يعتبرون ويرددون أن الحكومة صيغت بنفس الأدوات التي ترفضها المملكة أي عقد شراكة سياسية مع حزب الله وحلفائه السياسيين، لذا لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق، لكنهم اتفقوا على المزيد من التشاور وعقد لقاءات أخرى للخروج بحل من المأزق.
وعليه يؤكد المصدر أن ميقاتي يعوّل على جهود الرئيس نبيه بري، الذي أعلن لميقاتي عن موقفه، والذي يعتبر مغايراً لموقف حزب الله وهو استقالة قرداحي، وهذا قد يؤدي في النهاية، وفي حال تطورت المحادثات الأمريكية-الإيرانية في فيينا والإيرانية-السعودية في بغداد نهاية الشهر الحالي بالذهاب نحو انفراجة سياسية قد تؤدي لحل أزمة قرداحي وتنعقد الحكومة.
عودة للحكومة؟
على خط سياسي منفصل يعمل ميقاتي، وفق ما تقول أوساطه السياسية لـ"عربي بوست" لإعادة تحريك العجلة السياسية في البلاد، وهذا ما يقوده بالتنسيق مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري، وتؤكد الأوساط الحكومية أن ميقاتي سيدعو خلال أيام إلى جلسة لمجلس الوزراء، وأنه أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون بذلك خلال اجتماعهما صباح اليوم بعدما لمس بعض الخطوات الإيجابية من قِبل الأفرقاء السياسيين، وخاصة أنه بات هناك أكثر من 100 بند على جدول أعمال مجلس الوزراء، ما يقتضي الدعوة إلى عقد جلسة قريباً لتسيير أمور الدولة، بالإضافة إلى ضرورة الإسراع في إقرار الموازنة العامة وإحالتها على مجلس النواب لدراستها وإقرارها بالتوازي مع إقرار الإصلاحات المطلوبة لمواكبة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
ويضيف أنه لا خيار إلا التوجه إلى صندوق النقد الدولي، وقد تستغرق المفاوضات معه وقتاً إضافياً يتعدى نهاية العام الحالي، ولكن من خلال صندوق النقد يعطي لبنان إشارة معينة لكل الدول بأن لبنان قابل للتعافي ويجب دعمه.