قال الرئيس التونسي قيس سعيد، الخميس 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إنه يعمل على وضع جدول زمني لإصلاح النظام السياسي، دون تحديد موعد لذلك؛ وذلك في محاولة -فيما يبدو- لتهدئة المعارضة المتنامية في الداخل والخارج منذ استئثاره بأغلب السلطة قبل أربعة أشهر.
إعلان سعيّد يأتي في الوقت الذي يواجه فيه ضغوطاً قوية لإعلان خارطة طريق واضحة وإنهاء الإجراءات الاستثنائية والعودة إلى المسار الديمقراطي.
فقد استحوذ سعيّد على جميع السلطات تقريباً في يوليو/تموز، وأوقف عمل البرلمان، وأقال الحكومة، في خطوة وصفها منتقدوه بالانقلاب، قبل تنصيب رئيس وزراء جديد والإعلان عن قدرته على الحكم بمرسوم.
لكن سعيّد قال إن الخطوة ضرورية لإنقاذ تونس، وسط شلل اقتصادي وتفشي الفساد في البلاد.
الأسبوع الماضي، احتج الآلاف بالقرب من البرلمان في العاصمة، مطالبين سعيّد بإعادة عمل البرلمان، فيما تحثُّ الدول الغربية سعيّد على إعلان خارطة طريق واضحة للعودة إلى المسار الديمقراطي.
من المتوقع أن ينظم الحزب الدستوري الحر الذي تتزعمه عبير موسى احتجاجاً أمام مقر الحكومة بالقصبة يوم السبت؛ للمطالبة بالدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة وإنهاء الحالة الاستثنائية.
مخاوف من نظام حكم عسكري
فقد أعرب راشد الغنوشي، رئيس حركة "النهضة"، ورئيس البرلمان التونسي المجمدة أعماله، عن خشيته "من أن تكون قرارات 25 يوليو/تموز بداية لحكم عسكري مقنَّع على طريقة أمريكا اللاتينية، أو سافِر على الطريقة العربية الإفريقية".
في مقال نشرته أسبوعية "الرأي العام" التونسية، الخميس، قال الغنوشي: "نحن على يقين بأنه لن يمضي وقت طويل حتى تسترد الثورة وتلتقط أنفاسها وتستأنف مسارها في أوضاع محلية وإقليمية أفضل".
كما رأى الغنوشي أن "الرهان اليوم على استعادة الديمقراطية وتجميع كل قوى الداخل والخارج، من أجل هدف واحد، وهو وضع قطار تونس الحبيبة على سكة الديمقراطية، بالمحافظة على النظام البرلماني ولو بتعديلات، وبناء (تشكيل) المحكمة الدستورية، وتعديل القانون الانتخابي، وعودة البرلمان مع تعديلات في نظامه الداخلي، بما يضع حداً للفاشية والفوضى".
بإجراءاته الاستثنائية، عزز سعيّد صلاحيات الرئاسة على حساب البرلمان والحكومة، ويقول منتقدون إنه يسعى إلى تغيير نظام الحكم إلى نظام رئاسي.
وأكد الغنوشي ضرورة "الحرص الشديد على تجنب الصدام مع الدولة ومؤسساتها، وتجميع قوى الشعب لوضع حد للانقلاب وقوى الردة والفاشية".
انتصار "الثورة المضادة"
وفي 2019، بدأ سعيّد ولاية رئاسية من 5 سنوات، وهو يقول إن إجراءاته الاستثنائية ليست انقلاباً، وإنما تدابير في إطار الدستور؛ لحماية الدولة من "خطر داهم"، وفق تقديره.
ووصف الغنوشي قرارات 25 يوليو/تموز بـ"الصاعقة"، واعتبر أن قرارات 22 سبتمبر/أيلول الماضي "إعلان عن انتصار الشعبوية في مواجهة الثورة".
في 22 سبتمبر/أيلول، أصدر سعيد أمراً رئاسياً بتدابير استثنائية، بينها: إلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، وأن يتولى هو إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية، بمعاونة لجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي آخر.
يقول الغنوشي بهذا الخصوص: "نُقر بأن ما حصل يوم 25 يوليو/تموز انتصار للثورة المضادة توافرت أسبابه.. هي مجرد معركة مهمة كسبوها".
كما أردف: "ليس هناك ما يشهد على أن رئيس الدولة له انتماء من قريب أو بعيد للاستئصال، ولكن لا يخلو محيطه من أصحاب مصالح، بل حتى استئصاليين.. بما يفرض الحذر من دفعه إلى التورط في توظيف شعبيته في التخلص من خصومهم".
بينما ترفض غالبية القوى السياسية في تونس إجراءات سعيّد الاستثنائية، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، فيما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).
خلال سبتمبر/أيلول، وأكتوبر/تشرين الأول الماضيَين، شهدت تونس العاصمة تحركات احتجاجية شارك فيها الآلاف؛ للتنديد بالإجراءات الاستثنائية في بلد يعاني أيضاً من أزمة اقتصادية حادة.