ذكر موقع Middle East Eye البريطاني، نقلاً عن مصادر طبية، الأربعاء 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أن عنفاً غير مسبوقٍ قد استُخدِمَ ضد المتظاهرين في السودان منذ انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول، وضمن ذلك الهجمات التي شنَّتها قوات الأمن على المستشفيات وعربات الإسعاف التي مُنِعَت من الوصول إلى المصابين.
فقد أكَّدَت اللجنة المركزية لأطباء السودان ووزارة الصحة مقتل 20 متظاهراً على الأقل منذ بدء الانقلاب، فيما قالت مصادر طبية إن 150 متظاهراً أُصيبوا خلال الفترة نفسها.
عنف غير مسبوق
أحد المصادر الطبية، طلب عدم ذكر اسمه، قال للموقع: "رأينا عنفاً لم يُمارَس من قبل، فلم يُقتَل المتظاهرون فحسب، بل هاجمت قوات قوات الأمن أربعة مستشفيات، وهي مستشفيات أم درمان ووعد وشرق النيل ومستشفى آخر"، لأسبابٍ أمنية.
كما أضاف: "منعوا المدنيين من تلقي العلاج في المستشفى العسكري بأم درمان، ومنعوا سيارات الإسعاف من نقل بعض الحالات الحرجة من أم درمان إلى الخرطوم".
يحدث هذا بعد أن اعتقل قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، رئيسَ الوزراء عبد الله حمدوك في 25 أكتوبر/تشرين الأول، إلى جانب العديد من المسؤولين الرئيسيين الآخرين، وسيطر على البلاد منذ ذلك الحين. وشهدت الأسابيع الثلاثة التالية من الحكم العسكري عمليات إغلاق واسعة النطاق للإنترنت، وأعمال عنفٍ من جانب السلطات والجماعات شبه العسكرية.
فيما وصف المجتمع المدني السوداني هذه الخطوة بأنها انقلابٌ عسكري، ودفعت باتجاه انتقال ديمقراطي في البلاد منذ 2019. وخرج عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع؛ للتنديد بالاستيلاء على السلطة.
جريمة ضد الإنسانية
في هذا السياق، قال خبيرٌ قانوني سوداني، طلب عدم ذكر اسمه؛ لأسبابٍ أمنية، للموقع البريطاني، إن تصرُّفات السلطات "جريمة ضد الإنسانية".
يقول المتحدث نفسه: "الاعتداءات على سيارات الإسعاف والمستشفيات والمرضى، إضافة إلى قطع الإنترنت ومنع بعض المكالمات المحلية، وهذا يعني أنهم يريدون إخفاء ما يجري. وهذا مخالفٌ للقانون الدولي، ويرقى إلى حدِّ الجريمة ضد الإنسانية".
أما اللجنة المركزية لأطباء السودان، التي تُعَدُّ أشهر منظمة طبية مؤيِّدة للديمقراطية في السودان، فقد دعت في بيانٍ أصدرته، منظمات حقوق الإنسان الدولية إلى "التدخُّل لرصد هذا العنف والإبلاغ عنه؛ للمساعدة في محاسبة هؤلاء المجرمين".
يحدث هذا، في الوقت الذي من المُتوقَّع أن تتصاعد فيه التوتُّرات بالبلاد، إذ دعا تجمُّع المهنيين السودانيين، إحدى المنظمات الرئيسية وراء انتفاضة 2019 التي أطاحت الرئيس السابق عمر البشير، إلى "مليونية" أخرى، الأربعاء 17 نوفمبر/تشرين الثاني، مؤكِّداً أن الاحتجاجات ستتواصل حتى ينتهي الانقلاب.
نفي رسمي
من جانبها، نفت الشرطة في بيانين منفصلين، أن أكثر من 50 ضابطاً أُصيبوا منذ بدء الاحتجاجات في 25 أكتوبر/تشرين الأول.
قالت الشرطة في بيانها، السبت 13 أكتوبر/تشرين الأول: "بدأت الاحتجاجات بشكلٍ سلمي، ولكن فجأة تحوَّلَت إلى عنف، مِمَّا دَفَعَ الشرطة إلى استخدام الحد الأدنى من القوة لوقفها، لذلك استخدمنا الغاز المسيل للدموع فقط، ولا نعرف من أين تأتي التقارير حول استخدام الذخيرة الحية!".
كما أضاف البيان: "زعمت بعض مجموعات الأطباء أن الشرطة استخدمت الذخيرة الحية وقتلت بعض المتظاهرين. ونؤكِّد هنا أن هذه التقارير غير صحيحة وتهدف إلى زعزعة استقرار الوضع".
في الجهة المقابلة، زعم مصدرٌ في الشرطة، طلب عدم ذكر اسمه؛ لأنه غير مُخوَّل له التحدُّث لوسائل الإعلام، أن بعض المتظاهرين أحرقوا سيارةً للشرطة في منطقة "محطة سبعة" بالخرطوم يوم السبت.
مع ذلك، قال متظاهرٌ كان موجوداً بالمنطقة في ذلك اليوم، إن الشرطة أحرقت السيارة عمداً؛ من أجل إعطاء أنفسهم ذريعة للتصرُّف بعنفٍ مع سبق الإصرار.
بينما نفى الجيش أيضاً تورُّطه في أعمال عنفٍ ضد المتظاهرين، في حين لم يردّ متحدِّثٌ آخر باسم الجيش اتصل به موقع Middle East Eye.