تكتظ مستشفيات العاصمة الأفغانية كابول بحالات لأطفال يتلقون العلاج جراء معاناتهم من الجوع، في وقت تواجه فيه البلاد ظروفاً اقتصادية صعبة تثقل كاهل السكان، ويتزامن معها ضعف في الإمكانيات الطبية.
صحيفة The Times البريطانية تحدثت، الإثنين 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، في تقرير عن الصعوبات التي تعصف بالقطاع الطبي في أفغانستان، أمام الحالات المرضية للأطفال.
تحدثت الصحيفة عن الطفل محمد الذي يبلغ من العمر 8 أشهر، وقالت إنه يمكن للأشخاص العاديين الخلط بين مظهره، بوجنتيه وسيقانه الممتلئة، وبأنه طفل صحي، لكنه في الواقع يعاني من سوء التغذية الحاد، الذي من بين أعراضه التورم.
يمكث محمد في مستشفى أتاتورك للأطفال في كابول منذ 16 يوماً، وجسده الصغير لا يتحرك، وفي رأسه أنبوب لتصريف السوائل، ويعاني من العديد من الحالات الطبية نتيجة إصابة والدته أيضاً بسوء التغذية أثناء الحمل.
والدة الطفل محمد، فيريشتا وفا، التي تبلغ من العمر 27 عاماً، لديها ثلاثة أطفال لكنها فقدت بالفعل طفلين آخرين بسبب سوء التغذية، وانهارت وبكت دون سيطرة عندما تحدثت عن وفاتهما.
تشير الصحيفة إلى أنه من الممكن أن يموت مليون طفل دون علاج منقذ للحياة، الذي لن يحدث إلا بالتدخل على نطاق دولي.
شُخِّص محمد بالإصابة بأمراض قلب خِلقِية وأمراض الكبد الأيضية والالتهاب الرئوي، ولا تستطيع والدته تحمل تكلفة الفحوصات لتحديد مستويات الإنزيمات لديه، وبالتالي لا يمكنه تلقي العلاج لحالة الكبد لديه.
يأتي هذا بينما تواجه أفغانستان عجزاً نقدياً هائلاً ومجاعة جماعية وأزمة هجرة جديدة، مع تجميد الولايات المتحدة لمليارات الدولارات احتياطيات البنك المركزي الأفغانستاني منذ سيطرة طالبان على البلاد.
في هذا السياق، قال جون سيفتون، مدير المناصرة في آسيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش": "الاقتصاد والخدمات الاجتماعية في أفغانستان ينهاران، والأفغان في جميع أنحاء البلاد يعانون بالفعل من سوء التغذية الحاد".
أشار سيفتون إلى أن "المساعدات الإنسانية أمر بالغ الأهمية، لكن في ضوء الأزمة، تحتاج الحكومات والأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية إلى تعديل القيود والعقوبات الحالية التي تؤثر في اقتصاد البلد والقطاع المصرفي على وجه السرعة".
الأسرّة ممتلئة
وفي مستشفى إنديرا غاندي للأطفال، المستشفى الرئيسي للرُضع في العاصمة، تمتلئ الأسرّة في جناح الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية برُضع وأطفال يشبهون الهياكل العظمية.
على أحد الأسرّة، تستلقي مينا، البالغة من العمر عامين، وهي صغيرة ونحيفة للغاية حتى أنها تبدو نصف عمرها، وتحدق في الغرفة بهدوء، وجدتها بيبي حنيفة بجانبها، بحسب ما أوردته الصحيفة البريطانية.
قالت حنيفة، التي سافرت 150 كيلومتراً من مدينة غزني: "توفيت والدتها منذ 18 شهراً؛ لذا فقد رضعت فقط لمدة ستة أشهر"، وأضافت أن "والدها مدرس في مدرسة خاصة لكنه لم يتقاضَ راتبه خلال الأشهر القليلة الماضية لأنَّ الطلاب توقفوا عن القدوم إلى المدرسة؛ إذ لم يعد بإمكانهم دفع الرسوم الدراسية بعد الآن".
جميع العائلات الأربع الموجودة في غرفة ضيقة بالمستشفى أتت من القرى التي كانت تسيطر عليها طالبان قبل 15 أغسطس/آب 2021، وقالوا إنهم لا يمكنهم الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية المناسبة.
تقول الممرضات في المستشفى إنَّ هذا "هو الحال بالنسبة لمعظم العائلات التي تجلب أطفالاً مرضى للعلاج والذين أصبحوا الآن قادرين على السفر إلى المدينة منذ انتهاء الصراع وتحسن الوضع الأمني".
يحتوي هذا المستشفى على 20 سريراً متاحاً للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، لكن خلال فصل الشتاء، يمكن أن يستقبل كل سرير في كثير من الأحيان ما يصل إلى ثلاثة مرضى، كما يقول الطاقم الطبي.
فعلى الرغم من أنَّ العلاج مجاني في كلا المستشفيين اللذين تحدثت عنهما الصحيفة، إلا أنَّ هناك نقصاً في الأدوية؛ لذا يتعين على العائلات دفع ثمنها بأنفسهم في الصيدليات، غالباً بتكلفة تتراوح بين 150 ألف أفغاني (1600 دولار أمريكي) إلى 200 ألف أفغاني (2187 دولاراً أمريكياً) يكافحون من أجل توفيرها.
تقول The Times إنه على الرغم من أنَّ الأزمة الاقتصادية الحالية التي أصابت البلاد بالشلل أدت إلى تفاقم مشكلة الأمن الغذائي في أفغانستان، لكن هذه المشكلة قائمة بالفعل منذ فترة طويلة وبدرجة خطيرة في جميع أنحاء البلاد.