دعت الأمم المتحدة، الإثنين 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي إلى إجراء محادثات جديدة بشأن تطورات محافظة الحديدة غربي البلاد، في الوقت الذي قصفت فيه قوات التحالف بقيادة السعودية مناطق إلى الجنوب من المدينة الساحلية، وهي مناطق زحف إليها المقاتلون الحوثيون وراء قوات منسحبة تابعة للتحالف.
جاء ذلك في بيان صادر عن بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاقية الحديدة "أونمها".
حيث قال البيان: "تلاحظ البعثة الأحداث المتمثلة في انسحاب القوات المشتركة من مدينة الحديدة ومن مديريتَي الدريهمي وبيت الفقيه وأجزاء من مديرية التحيتا وسيطرة أنصار الله (الحوثيين) عليها، وما ترتب من تغيرات كبيرة بخطوط التماس في المحافظة".
البيان أضاف: "هذه الأحداث والمتغيرات تستدعي فتح نقاش بين الأطراف المعنية في اتفاقية الحديدة (الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي)".
فيما استطرد البيان قائلاً: "تقف أونمها على أهبة الاستعداد لتيسير النقاش وفقاً لإطار الاتفاقية".
6 آلاف نازح
كما أشارت الأمم المتحدة إلى أن التغير في خطوط القتال دفع نحو 700 أسرة إلى الانتقال إلى الخوخة الواقعة على مسافة أكثر من 100 كيلومتر جنوب الحديدة، و180 أسرة إلى أبعد من ذلك جنوباً، إلى المخا الساحلية المطلة على البحر الأحمر، وهما منطقتان تحت سيطرة قوات "التحالف العربي".
بينما لم يصدر تعليق فوري من قِبل الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي على البيان.
في حين أعلنت الأمم المتحدة أن التقدم الأخير للحوثيين قرب ميناء الحديدة الرئيسي أدى إلى نزوح أكثر من ستة آلاف شخص.
والضربات الجوية التي بدأت الأحد 14 نوفمبر/تشرين الثاني، هي الأولى منذ أواخر عام 2018 عندما قبلت الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية والحوثيون المتحالفون مع إيران، اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة، على هدنة في الحديدة وإعادة انتشار لقوات الجانبين لم تحدث في أي وقت.
إعادة الانتشار بـ"الحديدة"
في وقت سابق من يوم الإثنين، أعلن المتحدث باسم "التحالف العربي"، تركي المالكي، أن إعادة انتشار القوات في محافظة الحديدة الساحلية تتماشى مع خططه المستقبلية، وكان ذلك بتوجيهات من قيادة القوات المشتركة للتحالف.
المالكي أضاف، في بيان، أن "العملية اتسمت بالانضباطية والمرونة بحسب ما هو مخطط لها"، مؤكداً أن "القوات المشتركة بالساحل الغربي حققت انتصارات نوعية تُوِّجت باتفاق ستوكهولم (لعام 2018)، وقدمت كثيراً من التضحيات لاستعادة الدولة اليمنية وإنهاء الانقلاب".
فيما ذكر أنه "بعد أن أمضت (القوات) نحو 3 سنوات في مواقعها الدفاعية وتعطيل الميليشيا اتفاق ستوكهولم، رأت قيادة القوات المشتركة للتحالف أهمية إعادة الانتشار والتموضع لهذه القوات؛ كي تصبح أكثر فاعلية ومرونة عملياتية"، متهماً جماعة الحوثي بـ"ارتكاب أكثر من 30 ألف انتهاك لاتفاق ستوكهولم منذ البدء بتنفيذه قبل نحو ثلاث سنوات".
"خلافات داخل التحالف السعودي"
لكن هناك أنباء ربما تشير إلى الخلافات داخل قوات التحالف بشأن تلك الخطوة، خاصة بعدما ندّد مقاتلو تهامة بالانسحاب ووصفوه بأنه لا مبرر له.
كانت القوات المشتركة قد انسحبت، يومي الخميس والجمعة الماضيين، من مناطق في الحديدة -بعضها حيوية- بشكل مفاجئ، ما أثار حفيظة الرأي العام في اليمن، ونفت الحكومة الشرعية علمها بهذا الانسحاب.
رغم قتال هذه القوات بجانب الحكومة، فإنها لا تخضع لسيطرة وزارة الدفاع، وتتلقى دعماً مالياً وعسكرياً من الإمارات، وفق وسائل إعلام محلية.
يشار إلى أن "أونمها" كانت قد تأسست في 13 ديسمبر/كانون الأول 2018، بموجب قرار المجلس 2452، بعد فترة وجيزة من توقيع اتفاق ستوكهولم بين الحكومة والحوثيين والذي نص على هدنة دائمة في الحديدة وإعادة انتشار قوات الطرفين.
تلك البعثة الأممية تساعد الأطراف اليمنية على ضمان إعادة انتشار القوات الموجودة في مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، المنصوص عليها في اتفاق ستوكهولم.
يُذكر أن واشنطن تضغط على الرياض من أجل رفع الحصار عن الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، وهو شرط الجماعة لبدء محادثات وقف إطلاق النار.
والحديدة هي نقطة الدخول الرئيسية للسلع التجارية والمساعدات الإنسانية، وتمثل شريان حياة لملايين من السكان يواجهون الموت جوعاً.
حرب مأساوية
يشار إلى أنه منذ فبراير/شباط الماضي، كثف الحوثيون هجماتهم في مأرب للسيطرة عليها؛ لكونها أهم معاقل الحكومة والمقر الرئيسي لوزارة الدفاع، إضافة إلى تمتُّعها بثروات النفط والغاز، ومحطة مأرب الغازية التي كانت قبل الحرب تغذي معظم المحافظات بالتيار الكهربائي.
جدير بالذكر أن اليمن يعاني منذ نحو 7 سنوات، حرباً مستمرة بين القوات الحكومية وقوات جماعة الحوثي، المسيطرة على محافظات، بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ عام 2014.
تلك الحرب أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80% من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
لهذا النزاع المتواصل امتدادات إقليمية منذ مارس/آذار 2015، إذ ينفذ تحالف بقيادة الجارة السعودية عمليات عسكرية دعماً للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران.