حوَّل الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، الذي تصفه وسائل إعلام غربية بأنه "آخر ديكتاتور في أوروبا"، أحلام آلاف من السوريين والعراقيين إلى سلاح في "حربه" على الدول الأوروبية، بعد أن صرح بأنه لن يعود إلى منع المهاجرين والمخدرات من دخول أوروبا، في يونيو/حزيران، وهو الأمر الذي ساهم في ازدهار أعمال وكلاء السفر في العراق.
حسب تقرير لصحيفة The Telegraph البريطانية، الأربعاء 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، فقد قدَّم غضب الرجل القوي من العقوبات الأوروبية مكاسب هائلة إلى وكلاء السفر العراقيين والمهربين، الذين استفادوا من العدد الكبير للعملاء المتلهفين على مسلك سهل إلى أوروبا، حيث يعتقدون أن الوظائف والحياة السهلة تنتظرهم.
إذ يقدم وكلاء السفر للسوريين والعراقيين عروض سفر إلى بيلاروسيا، مع إعلان يعني ضمنياً أنهم يستطيعون مواصلة السفر للبحث عن عمل في أوروبا.
تُصمََم الإعلانات المرفوعة على مواقع التواصل الاجتماعي كي تجعل الرحلة تبدو شرعية وتتعهد بسفر يسير، وتسلط الضوء على أن المسافرين تُصدر لهم تأشيرات سياحة للبقاء في بيلاروسيا، مدتها 7 أيام.
في منشور حديث بموقع فيسبوك، قال أحد وكلاء السفر إنه كان يجلب الناس إلى أوروبا عبر "طرق تقليدية".
كما يذكر المنشور: "الخطوط الجوية الأوروبية فقط تحتاج إلى 1.2 مليون لاجئ. استغِلوا الفرصة. ادفَعوا لنا بعد الوصول". لكنه حُذف لاحقاً بعد أن جذب انتباه وسائل الإعلام.
من هم العملاء؟
في منطقة شيلادزي العراقية الكردية، أخبر أحد وكلاء السفر وكالة Reuters، في الشهر الماضي، بأنه باع عروض سفر إلى 200 شخص منذ انطلاق الأعمال في أواخر الربيع.
فقد غادر بالفعل إلى بيلاروسيا هذا العام ما يصل إلى 400 شخص، من منطقة يصل تعدادها السكاني لنحو 40 ألف شخص، بجانب مغادرة مزيد منهم يوماً بعد يوم، وذلك بحسب تقديرات صحفيٍّ محلي.
في حديثه مع وكالة Reuters، قال عبد الله عمر، مصفِّف شعر يبلغ من العمر 38 عاماً وينحدر من منطقة شيلادزي: "كثير من أقاربي وأصدقائي غادروا بهذه الطريقة. وآخرون كثيرون يريدون فعل الشيء نفسه. الناس باعت منازلها أو سياراتها؛ كي يتحملوا تكلفة الأمر".
يذكر كثيرون في المدينة غياب الفرص الاقتصادية والصراع المستمر بين تركيا والجماعة المسلحة المحظورة (حزب العمال الكردستاني)، التي تنشط في المنطقة.
قال هلكافت محمد، أحد سكان شيلادزي، خلال حديثه مع وكالة Reuters: "منطقتنا محاصرة، إنها في أيدي حزب العمال الكردستاني والأتراك. منطقتنا لطيفة، لكننا خائفون ولا نثق بالبقاء هنا". وأوضح محمد أن ابنه البالغ من العمر 19 عاماً، وصل إلى ألمانيا في سبتمبر/أيلول.
الرحلات
في البداية يطير المسافرون مباشرة من العراق إلى مينسك، عاصمة بيلاروسيا، على متن رحلات الخطوط الجوية العراقية وخطوط فلاي بغداد، ولكن في أغسطس/آب، ضغط الاتحاد الأوروبي على العراق لإيقاف الرحلات الجوية المباشرة، وبدأ وكلاء السفر في بيع رحلات ذات توقفات ترانزيت في دبي أو تركيا.
يقول المسافرون، الذين يستخدمون جوازات سفرهم الخاصة ويسافرون على متن الرحلات التجارية العادية، إنهم يُبلَّغون بأن العبور إلى أوروبا قانوني إذا كانوا يحملون تأشيرة بيلاروسيا.
فيما يقول الأشخاص الذين يبيعون هذه العروض، إن الرحلة قد تكلّف أكثر من 10.804 دولارات، مع الوضع في الحسبان الرحلات والتهريب لعبور حدود الاتحاد الأوروبي.
الوصول إلى مينسك
بعد الوصول إلى مينسك، يُنقل المسافرون داخل سيارات "فان" مرسيدس إلى فنادق ثلاث نجوم وأربع نجوم في العاصمة بيلاروسيا، وذلك وفقاً للنسخة الإنجليزية من راديو وتلفزيون ليتوانيا الوطني LRT English.
بينما ينتظر المهاجرون نقلهم إلى الحدود، فإنهم يتزوَّدون في مراكز التسوق البيلاروسية.
بحسب القناة التلفزيونية البولندية Belsat، يبتاع هؤلاء خياماً رخيصة وحقائب نوم وملابس شتوية وقوارب مطاطية وقفازات ثقيلة؛ لحماية أيديهم من الأسلاك الشائكة عند الأسوار الحدودية.
كما تقول قناة بيلاروسية في تطبيق تليغرام، إن هذه المجموعات يصاحبها دائماً مترجم في أثناء التسوق.
عبور حدود الاتحاد الأوروبي
بعد الانتظار لأيام عديدة في مينسك، يركب المسافرون السيارات ويتحركون لساعات عديدة وصولاً إلى بولندا أو ليتوانيا أو لاتفيا، ومن هناك، يحاولون العبور مشياً على الأقدام؛ كي يعبروا إلى الاتحاد الأوروبي، وأحياناً يرشدهم حرس الحدود البيلاروسيون.
أحياناً يسيرون لساعات عبر الغابات قبل الوصول إلى الحدود، ويُبلَّغ كثيرون منهم أن طرفاً ما سوف يصطحبهم إلى ألمانيا أو فرنسا، لكن ينتهي الأمر بغالبيتهم معتقلين عن طريق حرس الحدود الأوروبي.
في حديثه مع صحيفة The Washington Post، قال نائب وزير الداخلية الليتواني أرنولداس أبرامافيسيوس، إن كثيراً من المهاجرين تخلَّصوا من وثائقهم فور اعتراضهم، مضيفاً أن 75% منهم قالوا إنهم من العراق.