طالب "تجمُّع المهنيين السودانيين"، الكيان الرئيس بالثورة السودانية، في بيان نشره السبت 6 نوفمبر/نشرين الثاني 2021، بحل قوات الدعم السريع والحركات المسلحة أو دمج بعضها في الجيش.
في معرض تقديمه خارطة طريقٍ تُخرج السودان من أزمته، قال "التجمع" إنه يدعو إلى اختيار شخصية وطنية مستقلة لرئاسة مجلس الوزراء من قِبل القوى الموقعة على الإعلان السياسي وميثاق استكمال ثورة ديسمبر/كانون الأول2019 ، تفوَّض لاختيار مجلس وزراء لا يتجاوز عشرين عضواً من كفاءات وطنية ملتزمة.
كما طالب بأن تتوافق القوى الموقعة على الإعلان والميثاق على اختيار مجلس سيادي مدني مصغر لا يتجاوز خمسة أعضاء بصلاحيات تشريفية.
هيكلة القوات المسلحة
كذلك دعا تجمُّع المهنيين السودانيين إلى إعادة هيكلة القوات المسلحة عبر تغيير عقيدتها لتتماشى مع دورها في حماية الوطن والدستور، وأن رئيس مجلس الوزراء يجب أن يكون هو القائد الأعلى للقوات المسلحة.
كما طالب بتصفية جهاز أمن الإنقاذ ومحاسبة كل ضالع في جرائمه منذ 1989 وإلى إزالة الانقلاب، مع تأسيس جهاز أمني قومي جديد، مهمته جمع وتحليل المعلومات التي تهم الأمن الوطني، وتقديمها للجهات العدلية والتنفيذية.
كما طالب بإلغاء وثيقة 2019 الدستورية وما تأسس عليها. وقدَّم "تجمع المهنيين" وثيقة أطلق عليها اسم "مقترح الإعلان السياسي لاستكمال ثورة ديسمبر"، وأكد أن هذا الإعلان السياسي من أجل استكمال ثورة ديسمبر/كانون الأول، على حد وصفه.
كما طالب بتكوين المجلس التشريعي خلال شهرين، عبر اختيار القوى الثورية القاعدية في 189 محلية بالبلاد لشخصيات تُمثلها، إلى جانب 61 مقعداً مخصصة للتمثيل النوعي (النقابيين والمهنيين والكيانات المطلبية والفئوية الأخرى بما يراعي التمثيل المُنصف للمرأة وللشباب).
التحقيق في جرائم الجيش
كذلك تضمنت المبادرة مراجعة كل الجرائم التي ارتُكبت بحق المواطنين بواسطة مختلف قوى النظام المُباد منذ الثلاثين من يونيو/حزيران 1989، ويمتد ذلك ليشمل جرائم المجلس العسكري ما بعد 11 أبريل/نيسان 2019 وإلى إزاحته من السلطة، وتقديم من ارتكبوها للعدالة في محاكم خاصة.
إضافة إلى العمل على وضع دستور ديمقراطي متوافق عليه يؤسس لدولة المواطنة والتعدد واحترام حقوق الإنسان، يستفتى عليه الشعب ويصدّق عليه المجلس التشريعي المنتخب بعد انتهاء الفترة الانتقالية.
"التجمع" قال كذلك في مقترحه لحل الأزمة السياسية بالسودان، إن من الضروري الشروع في الإعداد لانتخابات عامة نزيهة وشفافة بنهاية الفترة الانتقالية، يختار فيها السودانيون من يحكمهم وتكون انطلاقة للتدوال السلمي الديمقراطي للسلطة بصورة دورية.
يأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه مصدران من حكومة رئيس الوزراء السوداني المعزول، عبد الله حمدوك، السبت 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إن المفاوضات من أجل إيجاد حل للأزمة السياسية في السودان بعد الانقلاب وصلت إلى "طريق شبه مسدود"، وذلك بعدما رفض الجيش العودة إلى مسار التحول الديمقراطي.
فيما أضاف المصدران، في تصريحات خاصة نقلتها وكالة رويترز، أن الجيش شدّد أيضاً القيود المفروضة على حمدوك بعد حلِّ حكومته ووضعه رهن الإقامة الجبرية بمنزله في أعقاب الانقلاب الذي وقع في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
قيود جديدة على حمدوك
كما قال المصدران إن القيود الجديدة حدَّت من قدرة حمدوك على عقد اجتماعات أو إجراء اتصالات سياسية.
يُذكر أن حمدوك وضع شروطاً مسبقة تشمل الإفراج عن قيادات مدنية تم احتجازها خلال الانقلاب، والعودة إلى مسار الانتقال الديمقراطي الذي بدأ بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في عام 2019.
في حين تسعى جهود الوساطة، التي تشارك فيها الأمم المتحدة، إلى إيجاد طريقة لإعادة حمدوك رئيساً للوزراء في حكومة، كلها من التكنوقراط.
كان مصدر مقرب من حمدوك قد صرّح، الخميس، بأن المحادثات بينه وبين زعماء الانقلاب العسكري تُحرز تقدماً، في الوقت الذي تضغط فيه الولايات المتحدة والأمم المتحدة للتوصل إلى حل.
قال مصدر ثانٍ إن السودان قد يشكّل قريباً مجلساً سيادياً جديداً من 14 عضواً، في خطوة أولى من قِبل الجيش لتشكيل مؤسسات انتقالية جديدة.
إلا أن تلك التطورات التي وصفها مراقبون في السابق بالإيجابية، يبدو أنها لن تكون قريبة المنال على الأقل في الوقت القريب.
"تأليب" المؤسسات الدولية ضد السودان
في غضون ذلك، اتهم الجيش السوداني، في وقت سابق من السبت، دبلوماسيين ومسؤولين سابقين (لم يسمهم)، بأنهم "يؤلّبون المؤسسات الدولية ضد شعبهم ووطنهم، ويضرون بالجهات التي ينتمون إليها وبالوطن".
جاء ذلك في بيان صادر عن المستشار الإعلامي للقائد العام للجيش السوداني، الطاهر أبو هاجة.
حيث قال المسؤول العسكري: "ظلَّت تقديرات الذين يؤلّبون المؤسسات الدولية ضد شعبهم ووطنهم ليلاً ونهاراً، لقد غلَّبوا النظرة الضيقة على المصلحة الوطنية العليا".
في حين أضاف أبو هاجة: "طريق التصحيح بعد 25 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم هو الانتقال الديمقراطي، الذي يرتكز على قرار الشعب السوداني، وليس أهواء الأشخاص والأحزاب ومصالحها الضيقة".
يشار إلى أن دبلوماسيين ووزراء سابقين بحكومة حمدوك يعارضون القرارات الأخيرة التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
عودة "فورية" للحكومة المدنية
كان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد طالب، الجمعة، بعودة الحكومة المدنية المعزولة في السودان "فوراً".
يأتي ذلك عقب اعتماد المجلس في جلسة خاصة بشأن الأوضاع في السودان، "قراراً يندد بالاعتقال الجائر" لـ"حمدوك"، ومسؤولين آخرين.
كانت أعلى هيئة لدى الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان قد عقدت جلسة طارئة بطلب من بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة والنرويج.
في سياق آخر، قال التلفزيون السوداني، الجمعة، إن الجيش حل مجالس إدارات كل الشركات الحكومية والمشاريع الزراعية الوطنية، فيما يبدو أنها أحدث خطوة يتخذها المجلس العسكري لتشديد قبضته بعد الاستيلاء على السلطة.
تجدر الإشارة إلى أنه في 25 أكتوبر/تشرين الأول2021، أعلن البرهان حالة الطوارئ في البلاد، وحلّ مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليَّين، وإعفاء الولاة، واعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، ووضع حمدوك قيد الإقامة الجبرية.
لكن البرهان أصدر، الخميس، قراراً بالإفراج عن وزراء: الإعلام والثقافة حمزة بلول، والشباب والرياضة يوسف آدم الضي، والتجارة والتموين علي جدو، والاتصالات هاشم حسب الرسول، وفق التلفزيون الرسمي.
جدير بالذكر أنه منذ أكثر من أسبوع، يشهد السودان احتجاجات؛ رفضاً لما يعتبره المعارضون "انقلاباً عسكرياً".
قبل إعلان قرارات الجيش الأخيرة، كان السودان يعيش منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر 53 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كلٌّ من الجيش وقوى مدنية، وحركات مسلحة وقَّعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.