قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، السبت 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إنه لن يقوم بـ"الخطوة الأولى" لمحاولة تخفيف التوتر مع فرنسا بعد تصريحات ماكرون التي انتقد فيها "الأمة" الجزائرية، متهماً الرئيس الفرنسي بـ"المسّ بكرامة الجزائريين".
تصريحات الرئيس الجزائري جاءت في مقابلة مع المجلة الألمانية الأسبوعية "دير شبيغل"، وذلك في تعليقه على العلاقات الفرنسية الجزائرية المتوترة منذ تصريحات للرئيس إيمانويل ماكرون شكك فيها بوجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي.
حيث قال الرئيس تبون: "لو قال (اليميني المتطرّف إيريك) زمور شيئاً من هذا القبيل لا يهمّ، لا أحد ينتبه. لكن عندما يعلن رئيس دولة أن الجزائر ليست أمّة قائمة بذاتها فهذا أمر خطير للغاية".
وأضاف أنه في هذه الظروف "لن أبادر بالخطوة الأولى" وإلّا "سأخسر كلّ الجزائريين، فلا علاقة لهذا بشخصي إنما بالأمة كلها". وأضاف: "لن يقبل أي مواطن جزائري أن أتواصل مع الذين أهانونا".
كما قال أيضاً: "لا أشعر بأي ندم، أعاد ماكرون فتح نزاع قديم بطريقة غير مفيدة"، مشيراً إلى أنه "لا مساس بتاريخ شعب ولا لشتم الجزائريين".
ورأى أن "ما ظهر هو الكراهية القديمة للأسياد المستعمرين، وأنا أعلم أن ماكرون بعيد عن التفكير بهذه الطريقة"، متسائلاً: "لماذا قال هذا؟ أعتقد أن ذلك أسبابه انتخابية استراتيجية".
ولفت إلى أن الجزائر وفرنسا لم تعودا "مضطرتيْن للتعاون مع بعضهما البعض" متهماً ماكرون بـ"المسّ بكرامة الجزائريين".
تصريحات ماكرون
تصريح أدلى به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أشعل أزمة أخرى ودفع الجزائر إلى استدعاء سفيرها لدى باريس، لتضاف إلى سلسلة تصريحاته المثيرة للجدل بشأن حلف الناتو والإسلام.
صحيفة "لوموند" الفرنسية نقلت عن ماكرون في تشرين الأول/أكتوبر 2021، تصريحات رأى فيها أن الجزائر بُنيت بعد استقلالها في 1962 على "ريع للذاكرة" كرّسه "النظام السياسي-العسكري". وشكك في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي.
"لوموند" نقلت عن ماكرون قوله إن "التاريخ الرسمي للجزائر أعيدت كتابته بشكل كامل"، مضيفاً أن "هذا التاريخ لا يعتمد على الحقائق، بل على الضغينة التي تُكنّها السلطات الجزائرية نحو فرنسا". وتمادى الرئيس الفرنسي متسائلاً، بحسب تقرير "لوموند": "هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي؟".
كما ادعى ماكرون أنه "كان هناك استعمار قبل الاستعمار الفرنسي" للجزائر، في إشارة لفترة التواجد العثماني بين أعوام 1514 و1830م. وقال مواصلاً مزاعمه: "أنا مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تماماً الدور الذي لعبته في الجزائر، والهيمنة التي مارستها، وشرح أن الفرنسيين هم المستعمرون الوحيدون، وهو أمر يصدقه الجزائريون".
وعلى الفور استنكرت الجزائر تصريحات ماكرون ضدها، واعتبرتها "مساساً غير مقبول" بذاكرة أكثر من 5 ملايين مقاوم قتلهم الاستعمار الفرنسي. وأصدرت الرئاسة الجزائرية بياناً، نقله التلفزيون الرسمي، أعلنت فيه استدعاء السفير محمد عنتر داود من باريس للتشاور.
واعتبر البيان أن تصريحات ماكرون "تمثل مساساً غير مقبول بذاكرة 5 ملايين و630 ألف شهيد ضحوا بأنفسهم عبر مقاومة شجاعة ضد الاستعمار الفرنسي"، بين عامي 1830 و1962م.
وأضاف أن "جرائم فرنسا الاستعمارية، التي لا تعد ولا تحصى، هي إبادة ضد الشعب الجزائري، وغير معترف بها (من قبل فرنسا)، ولا يمكن أن تكون محل مناورات مسيئة".
ولفت بيان الرئاسة الجزائرية إلى أن التصريحات المنسوبة للرئيس الفرنسي "لم يتم تكذيبها رسمياً"، موضحاً أن الجزائر "ترفض رفضاً قاطعاً التدخل في شؤونها الداخلية كما ورد في هذه التصريحات، وأن الرئيس عبد المجيد تبون قرر الاستدعاء الفوري لسفير الجزائر بفرنسا محمد عنتر داود للتشاور".