طاقمها ليس إيرانياً! غموض حول ملكية ناقلة النفط التي سيطرت عليها طهران وسط تضارب في الروايات

عربي بوست
تم النشر: 2021/11/04 الساعة 09:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/04 الساعة 09:47 بتوقيت غرينتش
ناقلة النفط التي صادرتها إيران في خليج عُمان/ رويترز

بينما قدمت إيران وأمريكا روايتين متناقضتين بشأن مصادرة طهران لناقلة نفط في بحر عُمان، في حادث يعود إلى شهر أكتوبر/تشرين الأول 2021، وأعلنت عنه طهران الأربعاء 3 نوفمبر/تشرين الثاني، خرجت فيتنام لتعلن صباح الخميس عن مفاوضات مع إيران لاستعادة ناقلة نفط محتجزة لديها، ما يزيد الأمر غموضاً.

إذ قال مسؤولون إيرانيون، الأربعاء 3 نوفمبر/تشرين الثاني، إن الولايات المتحدة كانت احتجزت ناقلة نفط إيرانية في 24 أكتوبر/تشرين الأول، وإن هجوماً شنته قوات كوماندوز إيرانية نجح في استعادة الناقلة.

في المقابل، قال مسؤولان أمريكيان، تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما لارتباط الموضوع بتقييمات استخباراتية سرية، إن إيران احتجزت ناقلة النفط "مي في ساوثيز" MV Southys التي ترفع العلم الفيتنامي.

لمن تعود ملكية ناقلة النفط؟

بعد مرور نحو 24 ساعة على إعلان طهران سيطرتها على ناقلة نفط في بحر عُمان، وبينما كانت إيران تؤكد ملكيتها للناقلة وأمريكا تؤكد أن طهران استولت عليها وأنها كانت تحمل العلم الفيتنامي عندما احتجزتها البحرية الأمريكية.

خرجت وزارة الشؤون الخارجية الفيتنامية صباح الخميس 4 نوفمبر/تشرين الثاني لتصرح بأن فيتنام تجري محادثات مع السلطات الإيرانية بشأن احتجاز ناقلة نفط فيتنامية قبالة الساحل الإيراني، وفق ما ذكرته وكالة رويترز.

إذ صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فام تو هانج في مؤتمر صحفي اعتيادي: "وزارة الشؤون الخارجية أجرت محادثات مع السفارة الإيرانية في هانوي، كما أجرت السفارة الفيتنامية في إيران محادثات مع السلطات الإيرانية للتحقق من المعلومات وتسوية الحادث لضمان سلامة المواطنين الفيتناميين وتلقيهم المعاملة الإنسانية".

في المقابل، رفض متحدث باسم البنتاغون ما سماه الادعاء الإيراني بأن الولايات المتحدة كانت قد استولت على هذه الناقلة العام الماضي.

وهو ما كان قد أشار إليه مسؤول أمريكي في تصريح  لصحيفة The New York Times  الأمريكية، إذ قال الرائد روب لودويك، في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "السفينة التي استولت عليها القوات الإيرانية في 24 أكتوبر/تشرين الأول ليس لها علاقة بواقعة السفينة المتجهة من إيران إلى فنزويلا قبل 8 أشهر".

روايتان مختلفتان للواقعة

قال أحد المسؤولين إن المدمرة التابعة للبحرية الأمريكية "سوليفان" The Sullivans، وصلت لمراقبة عملية الاستيلاء على الناقلة، لكنها لم تتخذ أي إجراء ولم تتعرض للتهديد عند اقترابها من الزوارق السريعة الإيرانية.

كما نفى المتحدث باسم الكونغرس، جون إف كيربي، ما سماه مزاعم إيران بأن الولايات المتحدة استولت على السفينة التجارية، التي رفض الكشف عن جنسيتها.

كيربي قال للصحفيين في واشنطن: "إنه ادعاء سخيف. ما قيل غير صحيح على الإطلاق. وأود أن أضيف أن تصرفات إيران، وهي الأجزاء التي صدقوا فيها، بالإنزال غير القانوني والاستيلاء على سفينة تجارية، تشكِّل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي".

مع ذلك، فقد قدمت التقارير الواردة على حسابات التواصل الاجتماعي التابعة للحرس الثوري الإيراني نسخةً مختلفة من القصة، ووضعتها في سياق أحدث الحلقات من سلسلة طويلة من المناوشات البحرية بين إيران والدول الغربية. وقد اعتمد مصدران إيرانيان على علم بتفاصيل الواقعة هذه الرواية.

قال المصدران إن الناقلة المشار إليها واحدة من أربع ناقلات نفط إيرانية كانت في طريقها إلى فنزويلا، قبل أن تستولي عليها الولايات المتحدة في المحيط الأطلسي في أغسطس/آب من العام الماضي.

أضاف المصدران أن المسؤولين الإيرانيين كانوا ينتظرون منذ ذلك الحين اقتراب الناقلة من السواحل الإيرانية لاستعادتها.

حديث عن "خيانة" إيران

من جهته، قال سيد محمد مرندي، وهو أكاديمي ومحلل سياسي مقيم في طهران ومقرب من الحكومة، في تغريدة على موقع تويتر: "الآن، استعادت البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلةَ النفط نفسها بقائدها وطاقمها [الذين خانوا إيران] وتحت أعين الحماية العسكرية الأمريكية".

على النحو نفسه، أكد تاجر نفط إيراني على علم بالواقعة تلك الرواية. وقال إن إيران ردَّت لإثبات أن الاستيلاء على نفطها في المياه الدولية لن يمر دون رد.

استدل ناجر النفط الإيراني بواقعة سابقة حين احتجزت إيران ناقلة نفط بريطانية في عام 2019 رداً على مصادرة القوات البريطانية ناقلة نفط إيرانية بالقرب من جبل طارق.

من جهة أخرى، قالت وسائل إعلام رسمية إيرانية إن السفينة التي صودرت الشهر الماضي كانت محتجزة في ميناء بندر عباس وإن طاقمها محتجز أيضاً.

لماذا تحدثت إيران الآن؟

على صعيد آخر، لم يتضح السبب وراء إعادة تسليط الضوء على عملية الاستيلاء على الناقلة التي جرت في 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي مرةً أخرى يوم الأربعاء 3 نوفمبر/تشرين الثاني.

إذ قال مسؤول أمريكي إن الولايات المتحدة لم تعلن عن الواقعة بسبب الحساسيات الدبلوماسية الحالية مع إيران.

كيربي، المتحدث باسم الكونغرس، قال: "إذا كنت تسألني، لماذا أتحدث عن هذا الأمر اليوم، فلأن الإيرانيين كذبوا بشأنه اليوم. لكن الواقع أننا نراقب حركة المرور البحرية كل يوم هناك، ولا يرقى كل ذلك إلى مستوى الحاجة إلى إصدار بيان صحفي".

يُذكر أن المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 توقفت منذ شهور. وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية يوم الأربعاء 3 نوفمبر/تشرين الثاني أن المحادثات ستُستأنف يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني في فيينا.

بالإضافة إلى ذلك، ربما تكون إيران اختارت الإعلان عن مصادرتها للناقلة يوم الأربعاء، وعمدت إلى تعزيز الأخبار بشأن مواجهة مزعومة مع الأمريكيين، لأن هذا اليوم يأتي قبل يوم واحد من الذكرى الثانية والأربعين لاستيلاء إيران على السفارة الأمريكية في عام 1979، وهو حدث تحتفل به إيران سنوياً بكثير من الصخب ومظاهر الأبهة.

صحيفة The New York Times الأمريكية قالت: ربما يعزز هذه الرؤية الطريقة التي تناولت بها وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية واقعة مصادر الناقلة، فقد وصفتها بأنها عمل شجاع قامت به القوات الخاصة التابعة للحرس الثوري، بعد مطاردتها السفن الحربية الأمريكية وتهديدها بـ"توجيه الصواريخ" إلى الفرقاطة الأمريكية وإنذار طاقمها بأن عليه مغادرة المنطقة وإلا الوقوع في مواجهة عسكرية.

فيديو "يُعزز" الرواية الإيرانية

كما أظهر مقطع فيديو مثير بثَّه التلفزيون الحكومي الإيراني، ما يبدو أنه عملية الاستيلاء على الناقلة في 24 أكتوبر/تشرين الأول، وتظهر فيه قوات الكوماندوز الإيرانية وهي تستقل طائرة هليكوبتر وتنفِّذ عملية إنزال على ناقلة حاملين مدافع رشاشة موجهة نحو الطاقم. وتظهر عدة زوارق سريعة وهي تطوف حول الناقلة وصوت باللغة الإنجليزية يحذر السفينة الأمريكية بأن عليها مغادرة المنطقة.

مع ذلك، نفى أحد المسؤولين الأمريكيين تلك الرواية، قائلاً إن بعض الزوارق السريعة التابعة للحرس الثوري اقتربت بالفعل من المدمرة الأمريكية "سوليفان" لكنها لم تهدد. ووصف الأمور من هذا النوع بأنها أقرب إلى "تمارين التحمية" بين الحرس وسفينة البحرية.

في سياق آخر، قال مسؤول أمريكي الأربعاء 3 نوفمبر/تشرين الثاني إن عديداً من الطائرات المسيرة، التي يُعتقد أنها إيرانية، أقدمت على "احتكاكات غير آمنة وغير مهنية" مع حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس إسكس" عندما عبرت مضيق هرمز خلال الـ24 ساعة الماضية.

كما قال المسؤول الأمريكي إن الطائرات المسيرة الإيرانية حلقت بالقرب من "إسكس"، وحاولت التداخل مع العمليات الجوية للسفينة لدفعها إلى اتخاذ إجراءات دفاعية، لكن السفينة اختارت تهدئة الأوضاع وتجنب الانجراف إلى الاستفزاز.

تحميل المزيد