تسببت الدعوة التي وجهتها السلطات في الصين لمواطنيها بتخزين احتياجاتهم اليومية، الثلاثاء 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، في انتشار حالة من الذعر على المستوى العالمي، خاصة أن العالم لم يتمكن بعد من تجاوز محنة انتشار فيروس كورونا الذي انطلق من الصين.
صحيفة The Guardian البريطانية أوضحت في تقرير، الثلاثاء، أن الدعوة التي وجَّهتها الصين أثارت الكثير من القلق والتكهنات، ومنها ما يتعلق بتزايُد التوترات مع تايوان، حتى إن تصفّح الوسوم ذات الصلة على مواقع التواصل الاجتماعي بلغ أكثر من 18 مليون مرة.
فيما تعاني الصين من ارتفاع في أسعار الخضراوات؛ نتيجة الظروف الجوية القاسية من أمطار غزيرة وفيضانات في الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى المخاوف العامة من نقص الإمدادات والتفشي المستمر لفيروس كورونا.
إشعار الصين يثير الذعر حول العالم
حثَّ الإشعار الذي نُشر على الموقع الإلكتروني لوزارة التجارة في وقت متأخر من يوم الإثنين، 1 نوفمبر/تشرين الثاني، السلطاتِ المحلية على العمل من أجل استقرار الأسعار، والعائلات "لتخزين كمية معينة من الاحتياجات الأساسية بما يكفي لتسيير الحياة اليومية ومواجهة حالات الطوارئ".
كتب أحد المستخدمين على موقع Weibo: "بمجرد ظهور هذه الأخبار سارع جميع كبار السن القريبين مني إلى الشراء بدافع الذعر من المتاجر ومحلات السوبر ماركت".
على الجانب الآخر، طلبت وسائل الإعلام الحكومية من المواطنين التزام الهدوء، وقال تشو شياو ليانغ، وهو مسؤول كبير في وزارة التجارة، لمحطة CCTV: إن "إمدادات الضروريات اليومية متوفرة على نحو كافٍ في كل مكان"، إلا أن إشعار السلطات انتشرت له تفسيرات مختلفة.
بكين تُطمئِن مواطنيها
قال بعض الناس إن وزارة التجارة غالباً ما تُصدر مثل هذه التنبيهات في الأسابيع التي تسبق الأعياد الوطنية، كما أشارت صحيفة The People's Daily إلى أن الوزارة أصدرت تعليمات مماثلة في وقت سابق من هذا العام، بسبب الكوارث الطبيعية وارتفاع أسعار الخضراوات والتفشي الأخير لحالات الإصابة بفيروس كورونا.
أما صحيفة The Economic Daily، المدعومة من الدولة، فإلى جانب تحذيرها السكان من "الانجراف إلى تصورات وهمية أكثر من اللازم" حول أسباب الإشعار الحكومي، فإنها قالت أيضاً إن التوجيهات مرتبطة بتفشي فيروس كورونا، وتهدف إلى ضمان استعداد الناس في حال دعت الحاجة إلى الإغلاق مرة أخرى.
يُذكر أن الصين أبلغت عن تسجيل نحو 500 حالة إصابة إجمالية بمتحور دلتا في أكثر من 16 مقاطعة على الأقل من أصل 31 مقاطعة في الصين، وهو ما دفع السلطات إلى إعلان عمليات إغلاق محلية، وإيقاف التحرك والسفر، وإطلاق اختبارات جماعية للكشف عن إصابات كورونا.
يوم الأحد 31 أكتوبر/تشرين الأول، مُنع أكثر من 30 ألف شخص من مغادرة مدينة الملاهي "شنغهاي ديزني لاند" إلى حين فحصهم جميعاً، بعد اكتشاف حالة إصابة واحدة لامرأة ربما تكون قد زارتها.
لا يزال بعض الناس متشككين
فقد لفت أحد مستخدمي موقع Weibo إلى أن البلاد لم تشهد تحذيرات مماثلة لتخزين السلع مع بداية الجائحة في عام 2020، قائلاً: "هذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها إشعار كهذا! أنا خائف قليلاً".
قال مستخدم آخر مشدداً: "إنه بالتأكيد ليس إشعاراً عادياً، فمن المعروف أن إصدار إشعار بتخزين الاحتياجات سيؤدي حتماً إلى عدم استقرار العرض والطلب في السوق، وتقلب الأسعار، وحالة من الذعر بين بعض الناس… الاحتمال الأرجح جداً أن يكون وراء الأمر حالة طوارئ خاصة".
كانت التقلبات الحادة في الطقس دمرت، في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، المحاصيل الزراعية بمنطقة شاندونغ، أكبر منطقة لزراعة الخضراوات في الصين، ما يهدد جهود هذا العام لزيادة الإمدادات قبل عطلة العام القمري الجديد.
على الرغم من تراجع الأسعار في الأيام الأخيرة، يتوقع اقتصاديون زيادةً كبيرة على أساس سنوي في مؤشر أسعار المستهلك (CPI) لشهر أكتوبر/تشرين الأول، وهي الزيادة الأولى في خمسة أشهر.
في هذا السياق، قالت وزارة التجارة إنه يتعين على السلطات المحلية شراء الخضراوات التي يمكن تخزينها مبكراً، وكذلك تعزيز شبكات التوصيل في حالات الطوارئ، وأضافت أنه ينبغي نشر المعلومات المتعلقة بالأسعار والطلب على السلع في الوقت المناسب لتحقيق الاستقرار في توقعات الناس.
تخطط الصين أيضاً للإفراج عن احتياطيات الخضراوات "في الوقت المناسب" لمواجهة ارتفاع الأسعار، وفقاً لتقرير تلفزيوني حكومي، يوم الإثنين 1 نوفمبر/تشرين الثاني، غير أنه ليس من الواضح ما هي الخضراوات التي تخزنها السلطات في احتياطياتها، وكم يبلغ حجمها.