كشف استبيان داخليّ، أن نسبة من أفراد الجيش الأمريكي غير مستعدين لخوض القتال "على الفور"، وهو ما يُفنّد القول المأثور لوزارة الدفاع الأمريكية بأن قوات الجيش الأمريكية المتمركزة في شبه الجزيرة الكورية مستعدة "للقتال الليلة"، إذا اندلعت حرب في أي مكان.
مجلة Foreign Policy الأمريكية قالت الثلاثاء، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2021، ليس جميع من في الجيش الأمريكي متأكدين للغاية بشأن هذا الاستعداد، ولا سيما الجنود في مقدمة الصفوف، الذين ربما سيخوضون أغلب القتال والتضحية بالنفس، وذلك وفقاً لاستبيان داخلي.
تراجع استعداد القوات الأمريكية
في استبيان شارك فيه أكثر من 5400 جندي ومدني من رتب مختلفة، أجراه الجيش الأمريكي في يوليو/تموز، وأغسطس/آب 2020، قال 14% من المستجيبين للاستبيان إن وحدتهم سوف تكون مستعدة للانتشار والقتال والانتصار في أي مكان بالعالم على الفور.
بينما قال حوالي 13% من المستطلعة آراؤهم إنهم سوف يحتاجون إلى وقت أطول، بينما قال 3% من هؤلاء إنهم سيكونون مستعدين لخوض القتال خلال أسبوع، وقال 4% إنهم يمكنهم الاستعداد خلال شهر.
بينما قال 56% ممن شاركوا في الاستبيان إن السؤال لا ينطبق عليهم، وربما يُعزى هذا إلى الحقيقة التي تقول إن غالبية المستجيبين كانوا من المدنيين.
لكن الأرقام تبدو لافتة للنظر بصورة أكبر عند تقسيمها حسب الرتب؛ إذ إن أقل من 20% من ضباط الصف من القوات المجندة ذات التخصصات العالية، الذين انتشروا في أفغانستان وساحات قتال أخرى خلال حروب ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، قالوا إنهم واثقون من أن وحداتهم يمكنها تحقيق النصر اليوم.
بينما استجاب عدد أقل من الجنرالات لهذا الاستبيان، وكان 40% منهم واثقين من أنهم قادرون على الانتشار على الفور وتحقيق النصر.
أرقام مقلقة وموقف صعب
قال توماس سبير، وهو فريق متقاعد بالجيش الأمريكي، يرأس برنامج الدفاع بالمؤسسة المحافظة Heritage Foundation: "إذا اندلعت الحرب اليوم أعتقد أن الجيش سيكون في موقف صعب. بعض فرق الألوية القتالية مدربة تدريباً جيداً، لكنَّ هناك عدداً لا بأس به ليس كذلك".
حصلت مجلة Foreign Policy على الاستبيان، وهو جزء من "خطة عمل الجيش لكوفيد-19" البالغة 81 صفحة، التي كُلف بها الجيش في العام الماضي، في إطار طلبٍ بموجب قانون حرية المعلومات الأمريكي.
بينما قال المتحدث باسم الجيش الأمريكي، المقدم تيرينس كيلي، إن كبار قادة الجيش لا يزالون واثقين من أن الجيش "مستعد للقتال وتحقيق النصر، سواء اليوم أو الصيف الماضي".
شدد كيلي على أن الاستبيان أُجري في منتصف عام 2020. إذ قال: "في ذلك الوقت قال 61% من المستجيبين ذوي الصلة إنهم كانوا مستعدين للانتشار والقتال وتحقيق النصر في مدة معقولة من الوقت، ما بين الآن وفي غضون شهر".
كما أشار إلى أن الجيش استأنف التدريب الاعتيادي وقدم اللقاحات إلى أكثر من 93% من أفراد الخدمة الفعلية، وأضاف أن مراكز التدريب القتالية التابعة للجيش تعمل بكامل طاقتها.
يرى سبير وخبراء آخرون أن النتائج تعكس اتجاهاً تنازلياً مقلقاً في مدى استعداد الجيش، فقد اشتكى قادة الخدمات بالجيش من أن التضخم يستقطع من الميزانيات الثابتة.
في تقييم سنوي لقوة الجيش الأمريكي نُشر في الأسبوع الماضي، ذكرت مؤسسة Heritage Foundation أرقاماً أشارت إلى أن 58% من فرق الألوية القتالية، وهي القوة القتالية الأولى في الخدمات، كانت على أعلى مستوى من الاستعداد التكتيكي، أي بنسبةٍ أقل 8% من مستهدف الجيش وبتراجع 16% عن نسبة العام الماضي.
قال سبير: "استعداد الجيش وصل إلى ذروته، وبدأ في الهبوط، وإذا صُدِّق على الموازنة بالطريقة التي يقدمونها بها فسوف يهبط أكثر وأكثر، حسبما أعتقد".
مشاكل أخرى تواجه وزارة الدفاع
لكن مشاكل وزارة الدفاع الأمريكية مع الاستعدادية ليست مقصورة على الجيش الأمريكي.
فقد واجهت خدمات الجيش صعوبات لمواكبة وتيرة تدريبها في ظل سعي إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لتثبيت ميزانية البنتاغون، والاستثمار في أنظمة الأسلحة الحديثة التي يمكن أن تستخدم في أي صراع مستقبلي ضد الصين أو روسيا.
إذ إن أحدث ميزانية مقترحة للبنتاغون سوف تقلل من تناوب الوحدات على مركز التدريب الوطني في فورت إيروين بولاية كاليفورنيا، حيث تتدرب القوات ضد وحدة مكرسة لمحاكاة خصوم الولايات المتحدة مثل روسيا والصين.
بدلاً من ذلك سوف يُطلب من الوحدات أن تتدرب في مواقع تمركزها الأصلية، في ظل ظروف أقل واقعية بسبب الافتقار إلى إمكانات المحاكاة التي توفرها وحدة مركز التدريب الوطني في فورت إيروين.
بحسب مجلة Foreign Policy، ينظر الجيش الأمريكي إلى الأرقام المتعلقة باستعداده على أنها مؤشرات ثمينة، وهي نفس نظرة الجيوش الأجنبية التي تتدرب من أجل أي حرب مستقبلية محتملة ضد الولايات المتحدة، مثل جيوش الصين وروسيا، التي تبحث عن أي أدلة تتعلق بمدى استعداد القوات الأمريكية لمواجهتها.