كشفت وثائق ضمن مشروع "أوراق باندورا" كيف خدع رجل الأعمال المصري محمد مجدي راسخ، الحكومة المصرية على مدار أكثر من 10 سنوات من خلال حصوله على اتفاقيات وصفقات من وزارة البترول، لاستيراد الغاز الطبيعي وتوريده إلى المنازل والمصانع، مثل نشاط شركته الأولى "ناشيونال جاس".
لكن هذه المرة، يكشف التحقيق، كانت الاتفاقيات ممثلة في شركة أخرى وهي "Fleet Energy" التي تأسست في بنما عام 2007 مع مكتب تشغيل رئيسي في دبي، حسب ما ذكره موقع "أريج" الاستقصائي الأربعاء 20 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
يأتي ذلك بينما أمرت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة في العباسية الأربعاء، بسرعة ضبط وإحضار رجل الأعمال مجدي راسخ، والد زوجة علاء مبارك، نجل الرئيس الراحل حسني مبارك، لاتهامه إلى جانب آخرين، بالاستيلاء على أكثر من مليار جنيه من أموال مستهلكي الغاز.
ظهور اسم مجدي راسخ في "أوراق باندورا"
التحقيق يستند إلى وثائق مسربة حصل عليها "الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين" ( ICIJ logo ) ، وشاركها مع "أريج" وعدد كبير من الناشرين حول العالم، ضمن مشروع أطلق عليه اسم "أوراق باندورا".
التسريبات هذه يحقق فيها أكبر مشروع تعاون صحفي عابر للحدود في التاريخ، وتضمّ ملايين الوثائق من مكاتب محاماة، حول الملاذات الضريبيّة، وتكشف عن الأصول والصفقات السريّة والثروات الخفيّة لأثرياء- من بينهم أكثر من 130 مليارديراً- وأكثر من 30 من قادة العالم وعدد من الهاربين أو المدانين ومشاهير الرياضة وغيرهم، وكذلك قضاة ومسؤولو ضرائب وأجهزة مكافحة التجسس.
ظهر اسم راسخ في الوثائق الخاصة بشركة Fleet Energy مع المهندس عصام كفافي الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة Fleet Energy، والتي لديها عدة شركات تابعة: (Fleet Energy Hydrocarbons Ltd. DMCC, Fleet Tanking Inc., Fleet Fuel FZC, Fleet Offshore Petroleum Services Inc. Fleet Oil and Gas S.A) وجميعها شركات تابعة ومملوكة بالكامل لشركة Fleet Holdings Inc.
تكشف إحدى الوثائق تحت "المعلومات السرية للعميل"، أن محمد مجدي راسخ "مجدي راسخ"، حامل جواز سفر (رقم 45519) من مواليد 23 كانون الأول/ ديسمبر 1943، وعنوانه 26 شارع محمد غنيم، مصر الجديدة، القاهرة، قد أسس شركة FLEET OIL & GAS S.A في 16 يناير/كانون الثاني 2008.
أظهرت الوثائق أن مجدي راسخ هو المالك المستفيد Beneficial Owner لشركة FLEET OIL & GAS S.A من خلال مكتب المحاماة ALEMAN, CORDERO, GALINDO & LEE TRUST (BELIZE) LIMITED، ووضع اسم عصام كفافي ممثل الشركة الحالي كـ Client of Record.
عقود بمليارات الجنيهات من الخارج
بحسب الموقع الإلكتروني الرسمي للشركة، يقع مكتبها الرئيسي في مدينة دبي بمنطقة أبراج بحيرات جميرا، ولديها فرعان في شارع 261 بحي المعادي بالقاهرة في مصر، والآخر في العاصمة الروسيّة موسكو.
عن عمل Fleet Energy مع الحكومة المصريّة، في عام 2010، مُنِحت الشركة الحق في معالجة 1: 1.5 مليون برميل من النفط الخام شهريّاً في مصفاة "ميدور"؛ حيث قامت بعمليات بيع متتالية لمنتجات كانت قد أُنتِجَت للهيئة المصرية العامة للبترول، وتؤكد Fleet Energy أنها تحظى بعلاقة عمل ممتازة مع الهيئة.
في عام 2014، تمّ بيع 510 ألف طن متري من الجازولين وزيت الغاز، من خلال شركائها الاستراتيجيين إلى الهيئة المصرية العامة للبترول.
يرد في موقع شركة Fleet Energy الإلكتروني أن لديها شراكات تجارية نشطة مع شركة النفط الروسية "روسنفت"، وشركة "روسنفت" التجارية التابعة لها بجنيف، وشركة "شِل" للنقل والتجارة، و"كاز موناي غاز" الكازاخستانية.
إضافة إلى "رومبِترول" الرومانية، و"أو إم في" للإمدادات والتجارة، والهيئة المصرية العامة للبترول EGPC، والمصرية القابضة للغازات الطبيعية EGAS، والشركة الإسبانية للبترول، و"لوك أويل" الروسية، و"أويل ليبيا".
أيضا تضم مجموعة "كولمار" المُساهِمة البلغارية، و"بتروسا" الجنوب أفريقية، و"بتروتشاينا"، و"ساراس إس. بي. إيه" الإيطالية، و"إينوك" الإماراتية للإمداد والتجارة، و"مصافي عدن" بما في ذلك غيرها من المصافي الخاصة والأخرى المملوكة للدولة، وشركات التوزيع بالجملة والتُجَّار داخل السوق.
يتألف عملاؤها من شركات نفط وطنيّة كالمؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، ودول في شمال وشرق إفريقيا.
مشاكل مجدي راسخ لا تقتصر على النفط
علاقة مجدي راسخ المالية الإشكالية مع الدولة المصرية، لا تقتصر على قطاع النفط، فقد أعلنت النيابة العامة في 20 شباط/ فبراير 2021، عبر صفحتها الرسميّة على "فيسبوك"، عن توقيع "اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول والموجودات في الخارج" تعاقداً لتسوية وتصالح المتهمين محمد إبراهيم سليمان، ومحمد مجدي حسين راسخ، فيما نُسب إليهما ببعض القضايا.
وقّعت اللجنة، برئاسة المستشار حمادة الصاوي، النائب العام المصري، عقد تسوية وتصالح في الطلبين المُقدمين من المتهمين سليمان وراسخ، للتصالح عن الاتهامات المنسوبة إليهما، وبلغ إجمالي ما قدماه لصالح الدولة ملياراً و315 مليوناً و701 ألف و24 جنيهاً.
في الوقت الذي كانت تبرم شركة راسخ وكفافي الاتفاقيات النفطيّة مع الحكومة المصرية، كانت محكمة النقض المصرية تحكم بجلستها في 21 كانون الأول/ديسمبر 2016، بتأييد أحكام الإدانة الصادرة عن محكمة جنايات القاهرة بجلستها بتاريخ 21 سبتمبر/أيلول 2015.
تضمن الحكم معاقبة محمد مجدي راسخ، رئيس مجلس إدارة شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار "سوديك"، غيابياً بالسجن المشدد لمدة 5 سنوات. وهو ما كان يُعد حكماً نهائياً في قضية "سوديك" والتي وجهت فيه المحكمة للمتهمين اتهامات بالتربح والإضرار العمدي بالمال العام.
تعود أحداث هذه القضية إلى اتهام محمد مجدي حسين راسخ، بالحصول على مساحات من الأراضي بمدينتي الشيخ زايد والجيزة الجديدة بأسعار تقل عن قيمتها السوقية، وذلك بالتواطؤ مع محمد إبراهيم محمد سليمان، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الأسبق، وبعض المسؤولين بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.