حصلت حكومة طالبان في أفغانستان على دعم 10 قوى إقليمية لفكرة عقد الأمم المتحدة مؤتمراً للمانحين لمساعدة البلاد على تجنب الانهيار الاقتصادي وتفادي كارثة إنسانية، وذلك في محادثات واسعة عقدت في العاصمة الروسية موسكو الأربعاء 20 أكتوبر/تشرين الأول 2021، طالبت فيها الحركة مجدداً بالاعتراف بحكومتها، وتعهدت بإعادة إعمار البلاد بعد الإفراج عن الأموال المجمدة في الخارج.
وضمت المباحثات في موسكو روسيا والصين وباكستان والهند وإيران وخمس دول سوفييتية سابقة في آسيا الوسطى، وضمت أصواتها إلى صوت طالبان في دعوة الأمم المتحدة لعقد مؤتمر دولي في أقرب وقت ممكن للمساعدة في إعادة إعمار البلاد.
ولم تشارك الولايات المتحدة في المحادثات متذرعة بأسباب فنية، لكنها قالت إنها قد تحضر جولات أخرى في المستقبل.
تحمل عبء الإعمار
وأشار البيان الختامي للمؤتمر إلى أن "العبء الرئيسي ينبغي أن يقع على الدول التي كانت قواتها موجودة في هذا البلد على مدى السنوات العشرين الماضية"، في إشارة محددة للولايات المتحدة وحلفائها الذين غزوا أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، ومهد انسحابهم المفاجئ الطريق أمام استعادة حركة طالبان الإسلامية السيطرة على البلاد في أغسطس/آب.
في البيان الختامي كذلك أعرب المؤتمرون عن قلقهم من نشاط المجموعات الإرهابية بأفغانستان وأكدوا استعدادهم لتقديم المساعدة لضمان الأمن، داعين القيادة الأفغانية إلى احترام حقوق الإنسان والمجموعات العرقية وحقوق النساء والأطفال واتباع سياسة داخلية وخارجية معتدلة وحكيمة وودية تجاه الجيران.
كما طالب المؤتمر السلطات الأفغانية بتشكيل حكومة شاملة تناسب مصالح كل القوى السياسية والعرقية، وجاء في البيان الختامي: "يجب بناء المزيد من التفاعل مع أفغانستان مع مراعاة الواقع الجديد".
روسيا تقود مباحثات موسعة
وتقود روسيا دعوات تقديم المساعدات الدولية، من منطلق فهمها لأن أي انتشار للصراع من أفغانستان يمكن أن يهدد الاستقرار الإقليمي.
وتخشى موسكو في المقام الأول من مخاطر عدم الاستقرار في آسيا الوسطى وتدفق محتمل للمهاجرين ونشاط المتشددين الموجه انطلاقاً من أفغانستان.
حيث قال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين: "لا أحد يرغب في إصابة دولة بأكملها بالشلل التام تتاخم، إضافة لأمور أخرى، رابطة الدول المستقلة".
في حين ترفض الحكومات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك روسيا، منح حكومة طالبان الاعتراف الرسمي، أقر البيان "بالواقع الجديد" المتمثل في صعودهم إلى السلطة.
حرج دولي
وفيما تدفع كثير من الجهات الدولية للضغط على أمريكا للإفراج عن بعض أموال البنك المركزي الأفغاني التي تحتجزها، وكذلك على دول العالم بتكثيف مساعداتها الإنسانية لأفغانستان، فإن آليات إيصال هذه المساعدات وتوزيعها تثير جدلاً وحالة من الحرج في الأوساط السياسية التي لا ترغب في التعامل بشكل مباشر مع حركة طالبان.
حيث قالت مصادر مطلعة لوكالة رويترز، الخميس 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021، إن مسؤولين دوليين يخططون لنقل الأموال جواً إلى المحتاجين في أفغانستان مع تجنب تمويل حكومة طالبان.
في المقابل، قال مسؤولان كبيران إنه إضافة إلى نقل الأموال جواً لاحتواء الأزمة القائمة، تريد دول مانحةٌ تأسيس صندوق للاعتمادات المالية يساعد في دفع الرواتب والإبقاء على المدارس والمستشفيات مفتوحة.
وفقاً للبنك الدولي، فقد حرم رحيل القوات الأجنبية التي كانت تقودها الولايات المتحدة، والعديد من المانحين الدوليين، أفغانستان من تمويل كان يغطي نحو 75% من الإنفاق العام.
يشار إلى أن أفغانستان تشهد انهياراً سريعاً في الاقتصاد مع شح النقود، ولجوء كثيرين من الأفغان إلى بيع أمتعتهم لشراء الطعام، كما حذّرت الأمم المتحدة من أن 14 مليون أفغاني يواجهون الجوع، فيما حذّرت مديرة برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في أفغانستان، ماري-إيلين ماكجرورتي، من أن الاقتصاد قد ينهار تحت وطأة أزمة السيولة. وقالت إن "كثيراً من الآباء يتخلون عن الطعام من أجل إطعام أطفالهم".