أمر ملك دولة إسواتيني، مسواتي الثالث، وهو آخر ملوك إفريقيا جنوب الصحراء، بغلق جميع المدارس في البلاد، في إجراء عقابي جديد بعد أن قاطع التلاميذ صفوفهم للانضمام إلى الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية، والتي قوبلت بقمع شديد من النظام أدى إلى وفاة عشرات الأشخاص، حسب ما ذكره تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الإثنين 18 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
وفق المصدر نفسه، فإن صبياً يبلغ من العمر سبع سنوات، كان من بين من أُلقي القبض عليهم في سوازيلاند، إذ لقي ما لا يقل عن 80 شخصاً مصرعهم في مظاهرات مناهضة للملك، الذي ورث العرش عام 1986 حين كان يدرس بمدرسة شيربورن في دورست، وتزعُم جماعات حقوقية أن عدد القتلى في الاضطرابات اقترب من 100 قتيل.
موجة غضب عارم
كان التلاميذ يطالبون بالإفراج عن نائبين إصلاحيين تعرضا للاعتقال، واستعان الملك بالجنود والشرطة لقمع المظاهرات في أكثر من 80 مدرسة.
كما قُطع الإنترنت لساعاتٍ يوم الجمعة 15 أكتوبر/تشرين الأول، بعد توجه المتظاهرين المطالبين بالإصلاحات إلى مبابان، إحدى عاصمتي البلاد، التي قطع سائقو الحافلات طرقها.
واجه مسواتي (53 عاماً)، الاحتجاجات ووصفها بأنها شيطانية وأنكر إهداره المال العام على الحياة المترفة التي يحياها زوجاته وأبناؤه.
بدأت هذه الاضطرابات في يونيو/حزيران، بعد وفاة طالب قانون عُزيت إلى وحشية الشرطة.
بعدها، اجتاح الغضب العديد من المناطق الريفية في البلاد، التي يبلغ عدد سكانها 1.1 مليون نسمة وتقع داخل حدود جنوب إفريقيا. وفي الوقت الذي يتباهى فيه الملك وعائلته ببذخهم على الشبكات الاجتماعية، يعيش معظم رعاياه على نحو دولار واحد في اليوم.
هذا ومُنعت الأحزاب السياسية من المشاركة في الانتخابات منذ عام 1973. وعام 2018، قرر مسواتي تغيير اسم سوازيلاند إلى إيسواتيني، لكن أحد المحامين الحقوقيين القلائل ممن بقوا بالبلاد طعن في القرار.
حياة الملك الباذخة وتعاسة الشعب
وفقاً لصحيفة The New York Times الأمريكية، فدولة سوازيلاند، التي لا يتجاوز حجمها حجم ولاية نيوجيرسي الأمريكية، ليست جديدة على الاضطرابات الكبرى.
فبعد حصول البلاد على استقلالها عام 1968، أصبح سوبهوزا الثاني، الذي عيّنه المحتلون البريطانيون الزعيم الأعلى للبلاد، ملكاً، وبعد خمس سنوات فقط من حكمه، مزق الدستور وحظر الأحزاب السياسية، وأحكم سيطرته على معظم البلاد.
قبل أن تنتقل هذه السلطة إلى الأمير مخوسيتيف، نجل الملك سوبهوزا الثاني، البالغ من العمر 18 عاماً، عام 1986، بعد أربع سنوات من وفاة الملك، ونال الأمير لقب الملك مسواتي الثالث.
رغم رضوخ الملك مسواتي الثالث، البالغ من العمر الآن 53 عاماً، للمطالب الشعبية بوضع دستور جديد عام 2005، لايزال محتفظاً بسلطته المطلقة.
إلى جانب ذلك، تمتلك عائلته حصة في العديد من المشاريع التجارية، تشمل ما لا يقل عن 25% من صفقات التعدين في البلاد، ويذهب جزء كبير من هذه الثروة لإعالة أسرته الممتدة المكونة من 15 زوجة وأكثر من 30 ابناً وابنة.
هذا البذخ في الإنفاق تقابله معاناة غالبية سكان البلاد من الفقر، ما تسبب في اندلاع احتجاجات عبر السنين.