أعلن تيار "الميثاق الوطني"، السبت 16 أكتوبر/تشرين الأول 2021، بدء اعتصام مفتوح أمام القصر الرئاسي بالعاصمة السودانية الخرطوم؛ للمطالبة بحلِّ الحكومة الانتقالية وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية فيها.
إذ يعتبر هذا التيار قسماً من "قوى إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الاحتجاجات التي أدت إلى الإطاحة بنظام عمر البشير عام 2019، وتمثل حالياً التيار المدني في الائتلاف الحاكم خلال المرحلة الانتقالية.
حيث نصب أنصار تيار "الميثاق الوطني" عشرات الخيام في باحة القصر الخارجية، تنفيذاً للاعتصام المفتوح إلى حين تحقيق مطالبهم.
كما قامت بعض الشاحنات بتوزيع المياه والطعام على المتظاهرين، وهم يستعدون لتنفيذ الاعتصام، أمام باحة القصر الرئاسية.
فيما رفع المعتصمون لافتات مكتوباً عليها "الجماهير الثورية تنادي بإقالة حكومة الأحزاب لصالح حكومة الكفاءات المستقلة"، و"حكومة كفاءات وطنية مستقلة منعاً لظلم واستبداد الأحزاب".
في وقت سابق من السبت، احتشد آلاف السودانيين أمام القصر الرئاسي بالخرطوم؛ للمطالبة بـ"استرداد الثورة وتحسين الأوضاع المعيشية".
كما حمل المحتجون الأعلام الوطنية ورفعوا لافتات عليها عبارات، أبرزها "الشعب الصابر جاع"، و"شعب واحد.. جيش واحد".
كان تيار "الميثاق الوطني" قد دعا، الخميس، إلى تنظيم مسيرات احتجاجية؛ للمطالبة بـ"استرداد الثورة".
حينها، ذكر التيار في بيان: "سنلتقيكم (السودانيين) بالشوارع، السبت، في مواكب استرداد الثورة، لبث الحياة السياسية في السودان".
مبادرة حمدوك
في غضون ذلك، أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، الجمعة 15 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أنه وضع خارطة طريق مع الأطراف السياسية (لم يسمِّها) لإنهاء الأزمة في البلاد، مؤكداً وجود مساعٍ لـ"توسيع قاعدة المشاركة، وتوحيد كل قوى الثورة حول الأهداف المعلنة".
فقد قال حمدوك، في خطاب تلفزيوني مباشر: "السودان يمر بأسوأ وأخطر أزمة تهدد الانتقال الديمقراطي والبلاد كلها"، مضيفاً: "لن يسامحنا التاريخ إن لم نصل بالانتقال إلى نهايته المرجوة".
تشمل خريطة الطريق، بحسب حمدوك، "الوقف الفوري لكافة أشكال التصعيد بين جميع الأطراف، وعودة العمل في مؤسسات الفترة الانتقالية، وأن تدار الخلافات خارجها، والاتفاق على أن قضايا الإرهاب والمهددات الأمنية يجب ألا تخضع للمكايدات أو المزايدات أو التجاذبات باعتبارها من قضايا الأمن القومي".
كما تشمل "الابتعاد عن اتخاذ أية قرارات أو خطوات أحادية، وأن مرجعية التوافق بين مكونات السلطة الانتقالية هي الوثيقة الدستورية، والالتزام بتفكيك دولة الحزب لمصلحة دولة الوطن باعتباره التزاماً دستورياً مع مراجعة طرق ووسائل العمل وضمان حق الاستئناف"، وفق حمدوك.
يشار إلى أنه في 8 سبتمبر/أيلول الماضي، وقَّعت قوى سياسية سودانية وحركات مسلحة بـ"قوى إعلان الحرية والتغيير" إعلاناً سياسياً في الخرطوم بعنوان "الإعلان السياسي لوحدة قوى الحرية والتغيير وبناء دولة المواطنة المدنية الديمقراطية".
بينما أثار الإعلان حفيظة قوى أخرى في إعلان "الحرية والتغيير" التي ردت بإعلان "الميثاق الوطني لوحدة قوى إعلان الحرية والتغيير"، خلال احتفال بالخرطوم في 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
اتهامات متبادلة
تأتي تلك التطورات في ظل تصاعد الخلافات خلال الأيام الماضية، بين شركاء الحكم المدنيين والعسكريين بالسودان، خاصة في أعقاب الإعلان عن محاولة انقلاب فاشلة جرت في 21 سبتمبر/أيلول الماضي؛ فقد أطلق الطرفان انتقادات واتهامات متبادلة.
كان البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" قد اتهما السياسيين المدنيين بالسعي "وراء مكاسب شخصية، وأن الانقلابات العسكرية سببها السياسيون الذين أهملوا خدمات المواطن وانشغلوا بالكراسي وتقسيم السلطة".
إلا أن محمد الفكي سليمان، وهو أحد أعضاء مجلس السيادة من المكون المدني، رد خلال مقابلة مع تلفزيون السودان الرسمي، الجمعة 24 سبتمبر/أيلول المنصرم، قائلاً إن "هناك محاولة من المكون العسكري لتعديل المعادلة السياسية وهذا مُخلٌّ بعملية الشراكة"، واصفاً ذلك بأنه "الانقلاب الحقيقي".
جدير بالذكر أنه منذ 21 أغسطس/آب 2019، يعيش السودان فترة انتقالية تستمر 53 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام، في 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
فيما بدأت هذه الفترة في أعقاب عزل قيادة الجيش، في 11 أبريل/نيسان 2019، لعمر البشير من الرئاسة (1989-2019)؛ تحت ضغط احتجاجات شعبية مناهضة لحكمه.
خلال الفترة الانتقالية، تدير البلاد حكومة مدنية، ومجلس سيادة (بمثابة الرئاسة) مكون من 14 عضواً؛ 5 عسكريين و3 من الحركات المسلحة و6 مدنيين.