احتشد آلاف السودانيين، السبت 16 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أمام القصر الرئاسي بالخرطوم، للمطالبة بـ"استرداد الثورة وتحسين الأوضاع المعيشية"، وذلك في الوقت الذي تعيش فيه البلاد توتراً متصاعداً بين المكونين العسكري والمدني في السلطة الانتقالية.
وفق مراسل الأناضول، فقد ردد الآلاف من المتظاهرين هتافات تطالب بـ"إسقاط الحكومة الانتقالية" و"استرداد الثورة" و"تحسين الأوضاع المعيشية"، كما حمل المحتجون الأعلام الوطنية ورفعوا لافتات مدوناً عليها عبارات أبرزها "الشعب الصابر جاع"، "شعب واحد.. جيش واحد".
والخميس، دعا تيار "الميثاق الوطني" بقوى إعلان الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم بالسودان)، إلى تنظيم مسيرات احتجاجية للمطالبة بـ"استرداد الثورة".
ذكر التيار في البيان: "سنلتقي بكم في الشوارع السبت، في مواكب استرداد الثورة، لبث الحياة السياسية في السودان".
أزمة سياسية
تصاعدت حدة الأزمة السياسية في السودان الأسابيع الأخيرة، بعد أن اشتبك المدنيون والمسؤولون العسكريون في الحكومة الانتقالية في حرب كلامية مليئة بالاتهامات المتبادلة شديدة اللهجة، وسط شكوك في احتمال تسليم العسكريين السلطة للمدنيين.
وأدت الحرب الكلامية، إلى جانب الانقلاب المزعوم، الذي اجتمع الجيش والمدنيون على إدانته الأسبوع الماضي، إلى مسارعة الضامنين الدوليين لاتفاق السلطة بين المدنيين والعسكريين بالتوجه إلى السودان للتوسط بين الجانبين، حسبما ورد في تقرير موقع Middle East Eye البريطاني.
وفي تطوير خطير في الأزمة السياسية في السودان وقع يوم الخميس 30 سبتمبر/أيلول، استخدمت قوات الأمن السودانية الغاز المسيل للدموع لتفريق مظاهرة في العاصمة الخرطوم شارك فيها ما يقدر بنحو 20 ألف شخص دعماً لعملية انتقال إلى الديمقراطية بقيادة مدنية.
فيما أبدى كثير من المتظاهرين اعتراضهم على زيارة رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس، في نفس اليوم، وأعلنوا رفضهم السياسات الاقتصادية لمنظمتِه، وسياسات صندوق النقد الدولي.
ونادى المتظاهرون في الخرطوم وود مدني وعطبرة ومدن أخرى بإنهاء مشاركة الجيش في الحكومة الانتقالية بالبلاد، وهي الشراكة القائمة مع أطراف مدنية منذ أغسطس/آب 2019.
تسليم السلطة
وحدد الإعلان الدستوري، المُوقع في أعقاب انتفاضة 2018-2019 التي أطاحت بالرئيس عمر البشير، موعداً لتسليم قيادة مجلس السيادة في مايو/أيار 2021. غير أن اتفاق سلام مع المتمردين في جنوب البلاد تم توقيعه في أكتوبر/تشرين الأول عدل المواعيد بشأن تسليم السلطة دون تحديد تاريخ جديد.
كان محمد الفكي سليمان، وهو أحد أعضاء مجلس السيادة من المكون المدني، قد وجَّه اتهاماً صريحاً للمكون العسكري، شريك السلطة الانتقالية في البلاد، بمحاولة السيطرة على الأوضاع السياسية. وقال الفكي خلال مقابلة مع تلفزيون السودان الرسمي: "هناك محاولة من المكون العسكري لتعديل المعادلة السياسية وهذا مخل بعملية الشراكة"، معتبراً ذلك "انقلاباً حقيقياً أو ما يعرف بالانقلاب الأبيض".
وقال سليمان إن تسليم السلطة للمدنيين ليس شيئاً ثانوياً، مضيفاً أنه يفضل اقتراحاً بأن يتم ذلك في نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
لكن المعطيات الحالية واللغة التصعيدية التي ينتهجها عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الحاكم ومحمد حمدان دقلو "حميدتي" قائد قوة الانتشار السريع الرجل القوي الذي يجمع بين السلاح والمال، والخطوات التصعيدية في شرق السودان، لا تشير إلى أن عملية تسليم رئاسة مجلس السيادة إلى المدنيين قد تتم بصورة سلسة كما يريد المدنيون، وعلى الأرجح لن تتم في نوفمبر/تشرين الثاني كما اقترح سليمان.