في أزمة جديدة ضربت لبنان، الخميس 14 أكتوبر/تشرين الأول 2021، اندلعت "حرب شوارع" وأعمال عنف احتجاجاً على قرار المحكمة عدم إعفاء قاضي التحقيق في انفجار بيروت طارق البيطار، أوقعت قتلى بينهم امرأة قتلت رمياً بالرصاص وهي بمنزلها، في مشاهد أعادت إلى الذاكرة الحرب الأهلية التي عاشها البلد قبل سنوات.
كما اضطر الجيش اللبناني للتدخل لإجلاء الأطفال من مدارسهم والعائلات من منازلهم والتي انهمر عليها الرصاص وسط أعمال العنف. وحذر الجيش، عبر حسابه الرسمي على "تويتر"، من أن وحداته المنتشرة "سوف تقوم بإطلاق النار باتجاه أي مسلح يتواجد على الطرق وباتجاه أي شخص يقدم على إطلاق النار من أي مكان آخر".
كما أجرى الرئيس اللبناني ميشال عون اتصالات مع كل من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووزيري الدفاع والداخلية وقائد الجيش، لمتابعة التطورات الأمنية في بيروت، بحسب بيان للرئاسة.
ميقاتي رئيس الحكومة دعا بدوره الجميع إلى الهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنة لأي سبب كان، وطلب عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن المركزي، وأضاف ميقاتي مع قائد الجيش العماد جوزيف عون، الإجراءات التي يتخذها الجيش لضبط الوضع وتوقيف المتسببين بالاعتداء.
صور وفيديوهات من لبنان
سادت حالة من الحزن والقلق بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعد الصور والفيديوهات التي انتشرت بها والتي وثقت إطلاق النار وحالة الرعب والخوف التي عاشها اللبنانيون جراء أعمال العنف.
وظهر في الفيديوهات شخص وهو يستخدم قذائف صاروخية ويطلق النار وسط أحداث العنف، كما تصدر وسم "لبنان ينهار ولبنان ليس بخير" موقع تويتر.
كما أظهرت الفيديوهات المتداولة إطلاق نار كثيف وهلع بين المواطنين الذين حاولوا الهرب بأطفالهم من مكان الأحداث.
وفي صورة تم تداولها بشكل واسع على مواقع التواصل بدا أطفال وهم يختبئون في مدرستهم خوفاً من الاشتباكات، حيث لاقت الصورة تفاعلاً واسعاً وراح رواد تويتر يتساءلون عن مصير الأطفال كما أبدوا تضامنهم الكامل معهم.
المغردة اللبنانية فينيسا باسيل علقت على صورة الأطفال قائلة: "هذا هو الوضع الحالي في لبنان، حيث تدمر الصحة النفسية للأطفال! بدل من أن يقدم لهم مستقبل مشرق وأحلام جميلة يتم تقديم الخوف والصدمات لم يبقى شيء ليقال الصورة تكفي".
فيما قال حساب hashtag el yum اللبنانية: "خوف وذعر أطفال لبنانيين خلال دراستهم من الاشتباكات المستمرة في العاصمة".
وفي فيديو آخر أظهر حالة من الفوضى والاستنفار بين الأطباء والعاملين في مستشفى لبناني كان يستقبل المصابين في أعمال العنف التي اندلعت.
اشتباكات وأحداث عنف
يشار إلى أن أحداث بيروت اليوم أوقعت 6 قتلى وأصيب آخرون بجروح جراء إطلاق نار خلال مظاهرة مؤيدين لجماعة "حزب الله" وحركة "أمل" في العاصمة اللبنانية بيروت، كما نفذ مئات المؤيدين للجماعتين الشيعيتين هذه المظاهرة تنديداً بقرارات رفض عزل المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار.
ولم يُعرف على الفور مصدر إطلاق النار، فيما يسيطر التوتر على أحياء في العاصمة، ويترافق مع انتشار عناصر من الجيش.
تحقيق بيطار يؤزّم الوضع
وتأتي هذه التوترات بعد أن رفضت محكمة طلباً ثانياً لعزل البيطار، تقدم به نائبان عن "أمل"، هما علي حسن خليل وغازي زعيتر، حيث اتهما القاضي بأنه "خالف الأصول الدستورية، وتخطى صلاحيات مجلس النواب والمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء".
وثمة مخاوف في الأوساط السياسية اللبنانية من أن ملف التحقيق في انفجار المرفأ قد يفجر الوضع السياسي والحكومي، في ظل تقارير إعلامية عن أن البيطار يتجه لاتهام جماعة "حزب الله"، فيما اعتبر الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، أن عمل البيطار "فيه استهداف سياسي ولا علاقة له بالعدالة".
وأعلنت الرئاسة اللبنانية تأجيل جلسة لمجلس الوزراء كانت مقررة الأربعاء. بينما لم تذكر الرئاسة سبباً للتأجيل.
وقال مصدر إن التأجيل جاء بعد أن طالب وزراء "حزب الله" و"أمل" بـ"بحث الملابسات المحيطة بالتحقيق في انفجار مرفأ، واتخاذ موقف مما يدور حول هذه المسألة".
انفجار بيروت
في 4 أغسطس/آب 2020، وقع انفجار هائل في المرفأ، ما أودى بحياة 217 شخصاً وأصاب نحو 7 آلاف آخرين، فضلاً عن أضرار مادية هائلة في أبنية سكنية وتجارية.
ووفق معلومات رسمية أولية، وقع الانفجار في العنبر رقم 12 من المرفأ، الذي تقول السلطات إنه كان يحوي نحو 2750 طناً من مادة "نترات الأمونيوم"، كانت مُصادَرة من سفينة ومخزنة منذ عام 2014.