رغم تجميد تطبيق القانون المعروف إعلامياً بـ "قانون السائس"، إلا أنه لا يزال يثير حالة من الغضب في الشارع المصري بسبب التخبط الذي رافق تطبيقه، قبل أن تفيد تسريبات بتراجع رؤساء العديد من أحياء محافظتي القاهرة والجيزة عن التطبيق التجريبي له بالشوارع التي حددها القانون.
المفاجأة التي يكشف عنها "عربي بوست" نقلاً عن مصدر أمني مصري أن القانون تم تأجيله فقط والسبب المعلن هو عشوائية التنفيذ، كما صرح رؤساء الأحياء والمسؤولون، لكن السبب الحقيقي كما ذكر المصدر هو تقرير أمني تم رفعه للمسؤولين رصد تصاعد وتيرة التذمر بين أفراد الطبقة المتوسطة نتيجة مضاعفة رسوم كل الخدمات التي تقدمها الدولة، واسترشد التقرير بالتدوينات التي نشرها كثيرون على منصات التواصل الاجتماعي وتضمنت ارتفاع نبرة التحدي والتهديد وارتفاع وتيرة الغضب في الشارع.
وأكد المصدر لـ"عربي بوست" أن محافظي القاهرة والجيزة قررتا إيقاف التشغيل التجريبي لقانون تنظيم انتظار المركبات بعد مذكرة رسمية مرسلة من وزارة التنمية المحلية تخطرهم بإيقاف التشغيل مؤقتاً لحين الاتفاق على آلية للتطبيق.
وأن القانون يفتقر إلى الدعم الشعبي؛ مما يصعب معه على شريحة المؤيدين للحكومة الدفاع عنه وبالمثل حذرت الأذرع الإعلامية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من الغضب الشعبي حيال تطبيق القانون ومنهم المذيع أحمد موسى المقرب من الأجهزة الأمنية والذي استهجن تطبيق القانون في حيّ الدقي بمحافظة الجيزة.
وتساءل موسى: "ماذا يعني أن أجد أحدهم يطالبني بدفع 300 جنيه لأن سيارتي موجودة أمام منزلي، بدعوى أنها في الشارع وليس في الجراج، هل أقوم بحمل العربية على أكتافي والصعود بها إلى شقتي حتى الصباح أم ماذا أفعل؟".
جهات رسمية تعتقد أن كل مالك سيارة يملك وفرة مالية وعليه المشاركة في دفع تكاليف التنمية
ما قاله موسى عبَّر عنه بامتعاض الكثيرون بعد تأكدهم أن القانون لن يتم تطبيقه على كل المواطنين، حيث أظهرت مؤشرات التنفيذ أنه سيقتصر تفعيله على سكان الشوارع الرئيسية والحيوية؛ الأمر الذي اعتبره البعض استهدافاً وعنصرية تجاه شريحة بعينها لمجرد أنهم من قاطني المناطق الراقية.
تقول حسناء محمد وهي محاسبة بأحد المراكز البحثية: "تكبدنا مئات الألوف في شراء وحداتنا السكنية وليس من المعقول أن نتكلف رسوماً مقابل مبيت سياراتنا أسفل العقارات، مستطردة بغضب: لا أعرف ما هي الحكمة من استمرار ممارسة الضغوط الاقتصادية علينا؟!".
وتوجه أسئلتها للمسؤولين من خلال "عربي بوست": هل من المعقول مطالبتي بدفع رسوم انتظار سيارتي أو حتى مبيتها أسفل منزلي؟ وكيف سيطبق الحي تحصيل هذه الرسوم إذا كنت من ملاك العقار الذي تقف أمامه سيارتي وماذا عن سكان القرى والمناطق الشعبية ممن لديهم أيضا سيارات؟ ومنهم تجار يكسبون الملايين ولن يطبق عليهم القانون وهل يصح دستورياً أن يصدر تشريع يستهدف شريحة محددة لمجرد أنها تقطن أماكن ترى الحكومة أنها راقية؟ وهل سيطبق القانون على قاطني العاصمة الإدارية؟!.
محمد عبد الحي متخصص في الإدارة المحلية ويعمل بأحد أحياء الجيزة يشير إلى أن القانون يعد مخالفة صريحة للدستور، فالقانون رقم 121 لسنة 2008 "قانون البناء الموحد" يلزم العقارات الجديدة بوجود جراجات لمركبات الملاك أسفل هذه العقارات ومخالفة القانون يحاسب عليه مالك العقار وليس المواطن بتحصيل رسوم منه.
ويؤكد أن المدن الجديدة التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية تعد حرمة خاصة يحافظ عليها الدستور، لأن الهيئة ألزمت هذه المدن بالبناء على مساحة 60% حسب المنطقة، على أن يستفيد المواطن من بقية المساحة في ركن سيارته أو مبيتها وخلافه.
ويكشف عبد الحي أن قانون السايس ما هو إلا جزء من توصيات صندوق النقد الدولي، حيث طالب بأن تكون لدى كل محافظة قدرة مالية خاصة بها بعيداً عن الموازنة العامة للدولة، وجميعنا في انتظار المزيد من التشريعات تحمل المواطن أعباء إضافية لإنعاش خزانة الإدارات المحلية بالأموال كحلول لأزمتها المالية.
ارتفاع شكاوى الناس من "السائسين" دفع الدولة للتدخل ليس لإنقاذ المواطنين وإنما لتحصيل تلك الأموال
"السائس" أو منادي السيارات هو الشخص الذي يتولى صف السيارات بالشوارع والساحات بشكل عشوائي ودون سند قانوني، وغالباً ما يكون من العاطلين الذين يسيطرون بـ"البلطجة" على منطقة معينة يطلق عليه سائقو المركبات "عفريت العلبة"، حيث يستغل وأقرانه- وأغلبهم من أرباب السوابق الجنائية أو"رد سجون"، وآخرون يجدون في المهنة ملاذاً سريعاً لـ"الارتزاق"، ويباغت المواطنين ويتطفل عليهم ويرشدهم إلى مكان الركنة دون أن يتدخل لتقديم مساعدة حقيقية وسط غياب كامل من إدارات الحكم المحلي التي لا تتدخل لمنع الظاهرة.
ومع ارتفاع شكاوى الناس من "السائسين" تدخلت الدولة، لكن ليس لإنقاذ المواطنين وإنما لتحصيل تلك الأموال بدلاً من السائسين، حيث ناقش مجلس النواب السابق مشروع قانون من شأنه تنظيم ساحات انتظار المركبات بأنواعها المختلفة في الشوارع بإعداد ساحات انتظار.
وتم إقراره في يونيو/حزيران 2020، وصدق عليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في يوليو/تموز 2020 وصدر في الجريدة الرسمية لكنه ظل حبراً على ورق إلى أن حددت محافظة الجيزة في يناير/كانون الثاني الماضي عدداً من المناطق وطرحت إدارتها على شركات خاصة كمناطق انتظار للسيارات موازية للرصيف وبدأ التطبيق التجريبي للقانون في الأسابيع الماضية في أحياء بمحافظتي القاهرة (الوايلي، ووسط وغرب القاهرة وبولاق أبوالعلا، وعابدين، والسيدة زينب، بإجمالي 8 شوارع و3 ساحات) والجيزة (الدقي في 4 شوارع رئيسية هي مكة، الثمار، الثورة، وسليمان أباظة).
وكشف مصدر بوزارة التنمية المحلية أن هناك ما يقرب من 6 آلاف موقف عشوائي للسيارات في المحافظات، لا تحصل الدولة منها على أي رسوم، ما يهدر على الدولة أكثر من 80 مليار جنيه سنوياً، مضيفاً أن الحكومة المصرية تستهدف تحصيل نحو 983 مليار جنيه (62.811 مليار دولار) من الضرائب خلال العام المالي الحالي 2021-2022، مقابل نحو 830.8 مليار جنيه (53.086 مليار دولار) كانت متوقعة خلال العام المالي 2019-2020، بنسبة زيادة تبلغ نحو 18.3%.
وانتشرت قائمة بأسعار صف السيارات أعلنها بعض رؤساء الأحياء بالجيزة في الإشارة للبدء بتنفيذ القانون في بعض شوارع حي الدقي وتحصيل الرسوم وفقاً للائحة التي تم اعتمادها، وهي: 10 جنيهات (0.64 دولار أميركي) الانتظار المؤقت للسيارة الملاكي، و20 جنيهاً (1.27 دولار) الانتظار المؤقت للسيارة نصف النقل، و30 جنيهاً (1.91 دولار) الانتظار المؤقت للحافلات الكبيرة، لكن الأزمة تفجرت بسبب تحديد سعر مبيت السيارة أسفل العقار بـ300 جنيه شهرياً (19.1 دولار).
وعلى الرغم من نفي المسؤولين المتكرر بتحصيل تلك المبالغ إلا أن "عربي بوست" تأكد من مواطنين بحي الدقي أحد الأحياء المطبق بها القانون الجديد، أن رئيس الحي طالب المواطنين الراغبين في حجز مكان لسياراتهم أمام منازلهم، بأن يتوجهوا للشركة الفائزة بعقد إدارة أماكن الانتظار، ويدفعوا المقابل الشهري الذي حددته اللائحة المنظمة لتنفيذ القانون.
المثير للشكوك أن الشركة الفائزة كما قال مصدر بالحي هي "الشركة الوطنية" دون إيضاح هل هي الشركة التابعة للقوات المسلحة التي تحمل نفس الاسم وتدير مشروعات محطات تموين السيارات بالبنزين، أم لا؟!
عبر أيمن محمد وهو محامٍ عن استيائه الشديد، مشيراً إلى أن القانون المنظم لعملية انتظار المركبات والقوانين التشريعية والقرارات الوزارية لا يوجد بها ما يشير إلى رسوم لركن السيارة أمام المنازل، أي تحديد لتسعيرة الركنة ولم يلزم السائس بأي شيء.
حيث تنص المادة 2 من قانون رقم 150 لسنة 2020 إلى أن رسوم انتظار السيارات يتم تحديدها وفقاً لقرارات لجنة مختصة لتنظيم انتظار المركبات في الشوارع بكل محافظة وجهاز مدينة، مع مراعاة أحكام القانون رقم 59 لسنة 1979 بشأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة، ويصدر بتشكيل اللجنة المشار إليها وتحديد المعاملة المالية لأعضائها قرار من المحافظ أو رئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، على أن تضم في عضويتها ممثلين عن وزارة الداخلية.
وأشارت المادة 3 من القانون إلى تحديد مقابل انتظار المركبات، وذلك بعد حساب المساحة والموقع الجغرافى في الأحوال والأوقات التي يتقرر فيها هذا المقابل، مع مراعاة المستوى الاقتصادى لطبيعة المكان.
وتساءل المحامي الشاب الذي اعتاد عصر كل يوم أن يأتي إلى الدقي لأنه مسؤول عن إدارة أحد المراكز التعليمية بإحدى بنايات المنطقة: "لماذا تتفنن الحكومة في زيادة الأعباء علينا وكأن هناك ثأراً بينها وبين المواطنين خاصة الطبقة المتوسطة؟ فالأثرياء يعيشون في الكمبوندات ويركنون سياراتهم في الجراجات المخصصة لهم لكن نحن من نركن تحت البنايات، فما يحدث هو فرض "إتاوة" وتحصيل "جباية" من جيوبنا تحت أي مسمى، وكله بالقانون.
ومن وجهة نظره أن القانون سيضاعف المشكلة لأن أماكن كثيرة ستكون خالية ولا يجوز الانتظار بها لحجزها لشخص دفع للحكومة، وقد يحجز مكاناً آخر عند محله أو عمله، فالمكان محجوز لشخص غير موجود؛ ما سيزيد من أزمة الانتظار المتفاقمة حالياً.
وأضاف متسائلاً: "إذا كان تحت العقار 10 أماكن متاحة بينما سكان العقار يملكون 30 سيارة ولديهم استعداد للدفع، كيف سيتم اختيار العشرة هل بالأسبقية أم بالمزاد أم بالواسطة؟! أم بدفع الرشاوى، وهي طريقة معروفة بين موظفي الأحياء، منذ قديم الزمن؟!".
6 ملايين سيارة في القاهرة والجيزة تدر عشرات الملايين يومياً على الأحياء من رسوم الانتظار
مصدر حكومي أكد أن "الهدف الأساسي للقانون هو القضاء على حالة الفوضى في الشوارع، وإنقاذ المواطن من ابتزاز السائسين، وأكد أن قانون (تنظيم المركبات بالشوارع) تم إصداره بناء على شكاوى المواطنين من وجود بعض الأشخاص غير المعلومين يحصّلون أموالاً من المواطنين دون سند، لكن تم تطبيقه في بعض المناطق بشكل "ارتجالي"، ما أدى إلى تكوين انطباع سيئ لدى المواطن عنه، واستغرب المصدر من تداول البعض لمعلومات عن تحصيل رسوم بدون أن يجتهدوا أو يقرأوا القانون.
لكن أحد النشطاء الحقوقيين فسروا ذلك بأنه بالونة اختبار لردود الفعل عليه ومن ثم إصدار قرار في القريب العاجل، فهناك حوالي 13 مليون مركبة، منها ما يقرب من 6 ملايين على الأقل في نطاق القاهرة والجيزة، هؤلاء لو تم تطبيق القانون عليهم سيدفعون رسوم انتظار تقدر بالملايين يومياً.
الطريف ما رصده "عربي بوست" بعد استجابة البعض لدفع الرسوم، فهناك أستاذ دكتور بكلية الطب يقطن في حي المهندسين الراقي بمحافظة الجيزة كان يقوم بركن سيارته أمام منزله ليلاً في رعاية السائس الذي يحرسها ويقوم بتنظيفها، إلى أن جاءت شركة تابعة للحي، لتبلغ السكان الذين يقيمون في المنطقة بضرورة تسديد مبلغ مالي يصل إلى 6500 جنيه كل 6 شهور مقابل ركن سياراتهم في الأماكن التي اعتادوا على ركنها فيها!.
ولترسيخ الوضع قام بشراء أقماع للسيارات وسلاسل حديدية أغلقوا بها أماكن الركن لمن يرفض الدفع، لكن الوضع لم يستمر أكثر من ثلاثة أيام بعدها قامت إدارة الإشغالات بالحى بإزالة جميع الأقماع والسلاسل، واعتبرتها إشغال طريق!.
المشكلة أن السبب كان مبهماً للطبيب وأسرته وعندما سألوا موظفي الحي تضاربت أقوالهم فمنهم من أرجع ما حدث إلى إلغاء قرار تحصيل 300 جنيه مقابل مبيت السيارة أسفل العقار وآخر أوضح أن إزالة الأقماع سببها مرور أحد المسؤولين بالدولة.
الغريب أنهم اتصلوا بإدارة الشركة التي تعاقدوا معها فكانت المفاجأة أن طالبتهم بكتابة طلب لاسترداد الأقماع والسلاسل، وعمل تصالح ورسوم استرداد، وتكلفة استرداد القمع الواحد ثلاثون جنيهاً كما يحدث مع أصحاب الإشغالات والأكشاك والباعة الجائلين، أي أنهم إما أن يخسروا قيمة الاشتراكات التي دفعوها للشركة أو الاستمرار في الدفع للحي لاسترداد الاقماع، وهكذا كل مرة عندما تزال الاقماع على أنها إشغالات الهرولة إلى الحي ودفع الرسوم المقررة للتصالح والحصول على الأقماع مرة أخرى.
رئيس حي الدقي يعلن بدء تأجير مواقف الركن وفي اليوم التالي يستنكر تحصيل رسوم من المواطنين!
إجراءات الحجز تبدأ بتقدم المواطن بطلب لحجز مكان انتظار السيارة أمام محل إقامته للمركز التكنولوجي في الحي التابع له، ثم يتم عرض الطلب على المرور ورئيس الحي وتتم معاينة المكان ووضع لافتة باسم المواطن مكان الانتظار، بعد دفع الاشتراك الشهري، ومن الممكن أن يتم دفع الاشتراك بشكل شهري أو سنوي أو نصف أو ربع سنوي حسب الرغبة بنفس سعر الاشتراك الشهري، حيث يتم دفع 300 جنيه مضروبة في عدد الأشهر.
وبدأ بعض المواطنين في وضع لافتات توضح إيجارها لأماكن انتظار السيارة وتم وضع حواجز مرورية تحدد مكان الانتظار المخصص من الحي نظير مبلغ شهري يتم دفعه بعد التعاقد مع الحي أو المدينة، كما انتشرت لافتات أخرى في أحياء بمحافظة الجيزة منها الدقي والعجوزة والهرم كتب عليها "تم تأجير هذا المكان من الحي" وبالسؤال عن قانونية اللافتات أكدت محافظة الجيزة أنه يتم وضع لافتة في المكان المخصص لانتظار سيارة المواطن أمام محل سكنه لمنع استخدامه من السكان الآخرين وذلك بشكل قانوني، ويتم التنسيق مع الإدارة العامة للمرور بشأن الأماكن.
رصدت "عربي بوست" التخبط في تنفيذ القانون، فقد أعلن اللواء أحمد عبد الفتاح رئيس حي الدقي، أن الحي بدأ في تطبيق قانون تنظيم انتظار السيارات في الشوارع، وبالفعل تم طرح عدد من الشوارع لشركات وفقاً لمزايدات علنية، موضحا أن الحي تمكن من طرح أماكن الانتظار بشارع الثمار وحصلت عليه شركة خاصة بقيمة 96 ألف جنيه، مشيراً إلى أن قيمة الانتظار المؤقت في الشارع تبلغ 10 جنيهات للسيارة في اليوم، مشيراً إلى أنه في حالة رغبة أحد سكان الشارع التعاقد لحجز مكان لسيارته بشكل مستمر ففي هذه الحالة يتعاقد مع الشركة المسؤولة عن الشارع مقابل "300 "جنيه في الشهر.
لكن لم يلبث رئيس حي الدقي أن تراجع، وقال في تصريحات صحفية لجريدة الشروق إن اللائحة التنفيذية لقانون السائس حتى الآن مبهمة وغير واضحة بالنسبة للمسؤولين عن التطبيق والتنفيذ بالشوارع مستطرداً: "ليس من المنطق أن يستيقظ المواطن وأطلب منه 300 جنيه مقابل انتظار سيارته أسفل منزله، ولكن البعض تفهم الموضوع بصورة خاطئة، ما أحدث ضجة بالشارع المصري الفترة الأخيرة".
وفي حي العجوزة تم وضع تسعيرة خاصة لأصحاب الكافيهات والمحال، وتبلغ 500 جنيه كحد أدنى وتصل إلى ألف جنيه في الشهر، ويمكن لأي ساكن في الحي أن يتقدم لحجز أماكن انتظار سيارته أمام محل سكنه، نظير 342 جنيهاً شهرياً، حسب ما أكده الحي.
بينما قال رئيس حي الوايلي محمد عقل: إن الحي لم يتلق أي إخطار رسمي بشأن تطبيق قانون السائس، ولم ينفذ حي غرب القاهرة القانون حتى الآن بالشوارع لعدم إيضاح شروطه وآليات تنفيذه، وشرح إشكاليات القانون وتفسير بنوده.
وأوضح "أن فرض 300 جنيه (19.1 دولار) نظير (ركن) المواطن سيارته أسفل منزله، كان قراراً لأحد الأحياء، على الرغم من عدم نص القانون على ذلك، مؤكداً أن تطبيق القانون يجب أن يتم بصورة متدرجة، لوقف ما سماه (احتلال الشوارع) من السائسين وحراس العقارات، عبر وضع قطع حجارة أو براميل للتحكم في أماكن انتظار السيارات".
مسؤول يعرف أن قانون السائس تحول من قانون لحماية المواطنين إلى وسيلة لنهبهم
واشتكى مواطنون من إغلاق "سائس" طريق الخدمة "البطيء" بالأقماع مانعاً السيارات من المرور بدعوى أنه استأجر الطريق من الحي، وله الحق في إغلاقه.
اعترف مصدر مسؤول بحي غرب القاهرة، لـ"عربي بوست" أن قانون السائس تحول من قانون لحماية المواطنين إلى وسيلة لنهبهم، موضحاً أن هذه الأماكن يفترض أنها ملكية عامة لم يعتد المصريون تأجيرها ويشير إلى أن القانون لم يأت بجديد.
فالسائس كان يأخذ أموالاً بشكل غير قانوني والآن الدولة ستقوم بفعل ذلك بشكل قانوني بموجب إيصال محدد القيمة، دون خدمة إضافية تقدم للمواطن، فلا توجد قاعدة ثابتة يتم توزيعها وإلزام المحافظات بها مما يجعل هذه القوانين خاضعة في التطبيق لرؤية كل محافظة وموظفين داخل المحافظة ومن هنا ينشأ الخلل والتخبط.
ويشير المصدر أن ما حدث أعطى الفرصة لأناس من مصلحتهم تعطيل القانون واستغلال الثغرات الموجودة به لإثارة ضجة في الشارع المصري وإظهار الأمر كأنه معركة بين المواطن والحكومة بينما الأمر ليس كذلك.
ويشير إلى أن القانون الجديد يحمل مزايا لا يمكن تجاهلها، حيث يشترط على المتقدم لاستخراج رخصة مزاولة المهنة أن يرفق مع طلبه صورة الرقم القومي وشهادة تفيد بأدائه الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها، إلى جانب صحيفة الحالة الجنائية وشهادة تفيد بعدم تعاطيه مواد مخدرة، كما يجب ألا يكون المتقدم "أمّياً"، لديه رخصة قيادة، وبحسب القانون، يُحدد زي موحد لـ"السائس" مع وضع علامة تعريفية باسمه على الزي.
تلك الاشتراطات تساهم نوعاً في تفكيك شبكة الفساد، لكنها تبقى رهينة آليات التنفيذ، ومن السهولة أن يساعد الذين يديرون تلك المافيا على ترتيب الأوراق ويعطوا رخصة سائس بأسماء آخرين ليس عليهم أحكام ومن السهولة التزوير في تحليل المخدرات، بالتالي أصبح الوضع الحالي أن الحكومة تشترك في ترتيب الفساد مع ضباط وأمناء شرطة وسياس وبلطجية للاستفادة من سوق يدر الملايين يومياً حيث يوجد في مصر.