قال رئيس الحرس الشخصي للرئيس الأفغاني الهارب أشرف غني، إنه يمتلك أدلة على هروب رئيسه السابق وهو يحمل حقائب تحوي مئات الملايين من الدولارات من الأموال العامة، مهدداً بنشرها إن لم يعمل على مساعدته في الخروج من البلاد التي سيطرت عليها وتحكمها حركة طالبان.
العميد بيراز عطا شريفي، قائد حرس القصر الرئاسي السابق، أصبح مطارَداً في أفغانستان وقد رصدت حركة طالبان مليون أفغاني (13 ألف دولار) لمن يدلي بمعلومات توصل إليه.
رسالة إلى لندن
خلال مقابلة مع صحيفة The Daily Mail البريطانية، الإثنين 11 أكتوبر/تشرين الأول 2021، عبَّر العميد عطا "عن غضبه وحزنه من التخلي عنه وخيانته، لا فقط ممن كان يحميهم، ولكن من الغرب الذي كان يخدم قضيته".
كما أطلع الصحيفة على رسائل المناشدة الإلكترونية التي أرسلها إلى وزارة الدفاع في لندن والضابط البريطاني الجنرال السير نيك كارتر، الذي يزعم أنه تدرَّب على يديه في أفغانستان.
توعَّد في الرسالة التي أرسلها، بفضح فساد رئيسه السابق الذي هرب، كما يقول، من البلاد وهو يحمل حقائب تحوي مئات الملايين من الدولارات من الأموال العامة، قائلاً إن لديه تسجيلات من كاميرات القصر تثبت ذلك.
الرجل القوي مطارَد
ولم يعد قائد حرس القصر الرئاسي، ضخم الجثة، الذي كان قبل أقل من خمسة أشهر يشارك طاولة اجتماعات في كابول مع مسؤولين كبار أمريكيين وبريطانيين، لم يملك أي سلطةٍ الآن.
بل أصبح واحداً ممن يتصدرون قائمة المطلوبين الهاربين بأفغانستان، منذ استيلاء طالبان على السلطة في 15 أغسطس/آب الماضي، وقد انتشرت الملصقات التي تعلن عن ذلك في مواقع طالبان الأمنية.
تظهر في هذه الملصقات صورة الجنرال مُرفقة بالكلمات التالية: "هذا هو العميد بيراز شريفي، الذي يحمل أيضاً لقب (عطا)، كان الحارس الخاص للرئيس، ولديه 300 قطعة سلاحٍ الآن. فإن كان لديكم أي معلومات عنه أو عن مكانه، فاحرصوا على إبلاغ إمارة أفغانستان الإسلامية. ونرصد مكافأةً مقدارها مليون أفغاني على هذه المعلومات".
يقول شريفي من قبوه الذي يختبأ به: "ليس لديَّ 300 قطعة سلاح كما تدَّعي طالبان، ولكن لديَّ مسدس واحد ورصاصة واحدة، ولو جاءت طالبان هنا، فسأقتل نفسي. فهم سيقتلونني على أي حال إن أمسكوا بي".
تحقيقات أمريكية
كان المفتش العام الأمريكي لشؤون إعادة إعمار أفغانستان، جون إف سوبكو، قد قال الخميس الماضي، إن مكتبه يُحقق في الاتهامات الخاصة بهروب الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني، وبحوزته ملايين الدولارات عندما فر من البلاد مع سيطرة مقاتلي حركة طالبان على العاصمة كابول في منتصف أغسطس/آب الماضي.
كما أوضح سوبكو أن الاتهامات بالفرار بأموال أمريكية ليست مقتصرة على أشرف غني، مشيراً إلى أن هناك تقارير تفيد بأن مسؤولين كباراً من وزارة المالية والبنك المركزي وعدد من الوزارات الأخرى غادروا أفغانستان ومعهم ملايين من الدولارات، "لكن أعيد القول إن هذه مجرد ادعاءات؛ لم نتثبَّت من أيٍّ منها حتى الآن".
كان غني أعلن في رسالة نُشرت باللغة الإنجليزية على موقع "تويتر" الشهر الماضي، أنه غادر أفغانستان بعد ساعات من دخول طالبان إلى كابول؛ لتفادي إراقة الدماء، نافياً ما تردد عن هروبه ومعه 150 مليون دولار من أموال الشعب الأفغاني، واصفاً تلك الادعاءات بأنها "كاذبة تماماً ولا أساس لها".
لكن التكهنات استمرت، وظلت متداولة على نطاق واسع داخل أفغانستان.
يشار إلى أنه في أغسطس/آب الماضي، قال السفير الأفغاني لدى طاجكستان للصحفيين، إنَّ غني "سرق 169 مليون دولار من خزائن الدولة"، وفقاً لما أوردته وكالة The Associated Press. ومع ذلك، لم يقدم الدبلوماسي، الذي قال إنه سيتقدم بطلب اعتقال إلى الإنتربول، أدلةً على هذا الادعاء.
أيضاً نقلت وكالة الإعلام الروسية عن سفارة روسيا في كابول، قولها إنّ غني هرب من البلاد ومعه أربع سيارات وطائرة هليكوبتر محمَّلة بالمال، واضطر إلى ترك بعض النقود، لأنه لم يكن هناك مُتَّسع لها، لذلك تُرك بعض المال ملقىً على المدرج.
فقد ذكر نيكيتا إيشتشنكو، المتحدث باسم السفارة الروسية في كابول، أن "شهوداً" هم مصدر معلوماته المُشار إليها.
كانت الحكومة الأفغانية المخلوعة تعتمد اعتماداً كبيراً على أموال المساعدات الأجنبية، التي جاء معظمها من الولايات المتحدة؛ فمنذ عام 2001، أنفقت واشنطن نحو 145 مليار دولار، فيما تقول إنها محاولات لإعادة بناء قوات الأمن والحكومة والاقتصاد والمجتمع المدني في أفغانستان.
جدير بالذكر أن الكونغرس كان قد أنشأ مكتب المفتش العام الأمريكي لإعادة إعمار أفغانستان في عام 2008؛ للتحقيق في مزاعم الاحتيال والهدر التعاقدي في البلاد، ويحوز المكتب سلطة قضائية على جميع البرامج والعمليات الأفغانية المدعومة بمساعدة الولايات المتحدة منذ إسقاط حكومة طالبان لأول مرة قبل عقدين.
فيما ضغط أعضاء الحزب الجمهوري بلجنة الرقابة والإصلاح في مجلس النواب الأمريكي على إدارة بايدن؛ للتحقيق في التقارير التي تزعم أنّ غني هرب بحقائب من النقود.