عرضت السلطات الجزائرية، الخميس 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021، على تركيا، شراكات جديدة في قطاع الطاقة والمناجم، بموجب قانون المحروقات الجديد، وسط أزمة دبلوماسية تعيشها مع فرنسا، التي كانت تستحوذ على أغلب مشاريع الطاقة في البلد الإفريقي.
شراكات جديدة مع تركيا
وزارة الطاقة في الجزائر أصدرت بياناً عقب استقبال الوزير محمد عرقاب للسفيرة التركية بالجزائر، ماهينور أوزدمير كوكطاش، وقال البيان إن الوزير وسفيرة تركيا بحثا علاقات التعاون والشراكة بين البلدين، الموصوفة بالممتازة، وآفاق تطويرها، وتكثيف التعاون في مجال الطاقة والمناجم، واستكشاف فرص الأعمال والآفاق المستقبلية للاستثمار.
فيما عرض المسؤول الجزائري "إمكانية تنفيذ استثمارات تركية في مجالات البحث والتنقيب عن النفط، وتطوير صناعة البتروكيماويات وإنتاج ونقل الكهرباء"، بحسب البيان.
وتطرَّق المسؤولان التركي والجزائري للتحضيرات الجارية لعقد اللجنة المشتركة الحكومية الجزائرية- التركية، التي ستترأسها وزارة الطاقة والمناجم، وسينظم خلالها منتدى للأعمال، دون تفاصيل إضافية.
واعتمدت الجزائر قانون محروقات جديداً، في ديسمبر/كانون الأول 2019، وتقول السلطات إنه تضمّن تحفيزات للشركات الأجنبية، التي ستستفيد من إعفاءات ضريبية جبائية وجمركية، خصوصاً في فترة البحث والاستكشاف والتنقيب.
بدورها، قالت السفيرة كوكطاش إنها راضية عن علاقات التعاون بين الشركات في البلدين، وأبدت اهتمام الشركات التركية بتعزيز وجودها في الجزائر.
ويجري العمل حالياً على تنفيذ مشروع للبتروكيماويات بين سوناطراك الجزائرية للمحروقات وشركة "رينيسانس هولدنج" التركية، بولاية أضنة، جنوبي تركيا.
وتبلغ التكلفة المالية للمشروع 1.4 مليار دولار، بحصة 66% لـ"رينيسانس هولدنج"، و34% لـ"سوناطراك"، وسيُنتج مادة البلوبروبيلان البلاستيكية، التي تدخل في عدة صناعات على غرار السيارات والنسيج.
وتأتي هذه الشراكات الجديدة في وقت تعيش فيه الجزائر أزمة دبلوماسية غير مسبوقة مع فرنسا، بسبب تصريحات رئيسها ماكرون، الذي طعن في وجود أُمة جزائرية قبل دخول الاستعمار الفرنسي إلى البلاد عام 1830، وتساءل مستنكراً: "هل كانت هناك أُمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟".
وادَّعى ماكرون أنه "كان هناك استعمار قبل الاستعمار الفرنسي" للجزائر، في إشارة لفترة التواجد العثماني في الفترة من 1514 وحتى 1830، وقال مواصلاً مزاعمه: "أنا مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تماماً الدور الذي لعبته في الجزائر، والهيمنة التي مارستها، وشرح أن الفرنسيين هم المستعمرون الوحيدون، وهو أمر يصدّقه الجزائريون".
أزمة الجزائر مع شريكها الكلاسيكي في الاقتصاد
ومنذ تصريحات ماكرون، التي اعتبرتها الجزائر مسيئة لقادتها ولشعبها، ردّت بـ3 قرارات، تمثّلت في استدعاء سفيرها للتشاور، وإصدار بيان استنكار ورفض للتصريحات، وغلق المجال الجوي الجزائري أمام الطائرات العسكرية الفرنسية، التي تعمل في إطار عملية برخان بالساحل الإفريقي.
وتدرس الحكومة الجزائرية خطوة أخرى تتمثل في مراجعة العلاقات الاقتصادية والتجارية مع المستعمر السابق، وفق ما نقله موقع "كل شيء عن الجزائر" الناطق بالفرنسية (خاص)، عن مصدر -لم يُسمّه- قال إنه قريب من الملف.
وقال المصدر: "سنقوم بتقييم دقيق لعلاقاتنا الاقتصادية والتجارية مع فرنسا، ونحتفظ بإمكانية إعادة توجيهها بكل سيادة نحو شركاء آخرين معروفين، ويقدّرون سيادة الأمم".
وفي حال إقرار هذه المراجعة ستتلقى العديد من الشركات الفرنسية الناشطة في الجزائر، في قطاعات البنوك والأدوية والأسمنت، وغيرها، ضربة موجعة.
ووفق المؤشرات الاقتصادية المتداولة، احتلت فرنسا المرتبة الثانية، ضمن قائمة الشركاء الاقتصاديين للجزائر خلف الصين، بصادرات ناهزت 3.6 مليار دولار.
ودعمت أحزاب سياسية جزائرية مقترح مراجعة العلاقات الاقتصادية مع فرنسا، حيث دعت "حركة مجتمع السلم" (أكبر حزب إسلامي بالبلاد) إلى تحويل الشراكات الاقتصادية نحو دول غير معادية للجزائر.
كما دعت المنظمة الوطنية للمجاهدين (قدماء المحاربين) إلى مراجعة العلاقات القائمة بين الدولتين الجزائرية والفرنسية.
وجاء في بيان للمنظمة، نقلته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، أنه "آن الأوان لمراجعة العلاقات القائمة بين الدولتين الجزائرية والفرنسية".