وجّه أعضاء في الكونغرس الأمريكي، الثلاثاء 5 أكتوبر/تشرين الأول 2021، انتقادات لفيسبوك، واتهموا رئيسها التنفيذي مارك زوكربيرغ بالسعي الحثيث لجني الأرباح والتعامل باستخفاف مع سلامة المستخدمين، كما طالبوا الجهات التنظيمية بالتحقيق في اتهامات موظفة سابقة بالشركة بأنها تلحق الضرر بالأطفال وتؤجج الانقسامات.
وفي جلسة للجنة الفرعية للتجارة بمجلس الشيوخ، دعت مقدمة البلاغ فرانسيس هوجين إلى الشفافية بشأن الطريقة التي تغري بها فيسبوك المستخدمين لتمديد مدد بقائهم على الموقع، وقالت هوجين، الموظفة السابقة بالشركة، التي تبلغ قيمتها حوالي تريليون دولار، لكنها تحولت إلى مبلغة عن مخالفات "طالما ظل فيسبوك يعمل في الخفاء، ويخفي أبحاثه عن التدقيق العام، فسيبقى بمنأى عن المساءلة".
وأضافت هوجين في الجلسة: "تعرف قيادة الشركة كيف تجعل فيسبوك وإنستغرام أكثر أماناً، لكنها لن تقوم بالتغييرات اللازمة لأنها تقدم أرباحها الفلكية على الناس. هناك حاجة إلى إجراء من الكونغرس".
دعوات للتحرك ضد فيسبوك بالكونغرس
وفي حقبة يندر فيها التوافق بين الحزبين الرئيسيين في واشنطن، انتقد أعضاء الكونغرس من الحزبين الشركة، فيما يسلط الأضواء على الغضب المحتدم في الكونغرس إزاء فيسبوك مع تزايد الأصوات المطالبة بإصلاحات تنظيمية.
وقال السيناتور الجمهوري دان سوليفان، إنه يشعر بالقلق إزاء الطريقة التي تؤثر بها فيسبوك والشركات التابعة له مثل إنستغرام على الصحة العقلية للأطفال، وأضاف "أعتقد أننا بعد 20 عاماً من الآن سننظر إلى الوراء وسنتساءل جميعاً: ما الذي كنا نفكر فيه بحق الجحيم؟".
كما كشفت هوجين عن أنها هي التي قدمت وثائق، استندت عليها صحيفة وول ستريت جورنال في تحقيق واستخدمتها جلسة في الكونغرس، عن الضرر الذي يُلحقه إنستغرام بالفتيات في سن المراهقة. وشبهت مواقع التواصل الاجتماعي بالمواد المسببة للإدمان مثل التبغ والمواد الأفيونية.
وقال رئيس اللجنة السيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنتال إن فيسبوك تعلم أن منتجاتها تقود للإدمان، وأضاف "تواجه الشركة التكنولوجية الآن لحظة حقيقة مذهلة".
وطالب بمثول الرئيس التنفيذي للشركة زوكربيرغ للإدلاء بشهادته أمام اللجنة. كما طالب لجنة الأوراق المالية والبورصات ولجنة التجارة الاتحادية بالتحقيق مع شركة التواصل الاجتماعي، وقال بلومنتال: "أطفالنا هم الضحايا. المراهقون الذين ينظرون إلى أنفسهم في المرآة اليوم يشعرون بالشك وانعدام الأمن. يتعين على مارك زوكربيرغ أن ينظر إلى نفسه في المرآة".
وبعد الجلسة، قال بلومنتال إنه يريد أن يسأل زوكربيرغ لماذا رفض توصيات لجعل منتجات الشركة أكثر أماناً للمستخدمين؟
تعليق مارك زوكربيرغ
فيما نفى مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لفيسبوك، أن يكون عملاق التواصل الاجتماعي يروّج للحقد والانقسامات في المجتمعات ويؤذي الأطفال ويحتاج إلى تنظيم، مؤكّداً أنّ الاتهامات الموجهة لشركته بتغليب الربح المالي على السلامة هي "بكل بساطة غير صحيحة".
وقال زوكربيرغ في مذكرة طويلة إلى موظفيه نشرها على صفحته في فيسبوك إنّه "في صميم هذه الاتهامات تكمن فكرة أنّنا نغلّب الأرباح المالية على السلامة والراحة. بكل بساطة، هذا غير صحيح"، وأضاف أنّ "الحجّة القائلة بأنّنا نروّج عمداً لمحتوى يجعل الناس غاصبين بهدف تحقيق ربح مادّي هي أمر غير منطقي بتاتاً. نحن نجني المال من الإعلانات والمعلنون يبلغوننا باستمرار بأنّهم لا يريدون أن تعرض إعلاناتهم بجانب أي محتوى ضارّ أو مثير للغضب".
وتابع "لا أعرف أيّ شركة تكنولوجية تعمل على بناء منتجات تجعل الناس غاضبين أو مكتئبين. كلّ الحوافز الأخلاقية والتجارية والمنتجات تشير إلى الاتجاه المعاكس".
زيادة أسعار الأسهم
رغم الانتقادات، قفز سعر سهم فيسبوك 2.2 بالمئة وصولاً إلى 333.43 دولار عصر الثلاثاء.
وبعد يوم من تعرض خدمة فيسبوك لانقطاع دام ساعات، قالت هوجين: "على مدى أكثر من خمس ساعات لم يتم استخدام فيسبوك لتعميق الانقسامات وزعزعة استقرار الديمقراطيات ودفع الفتيات والنساء لحمل مشاعر سلبية تجاه أجسادهن".
وبعد انتقاد أعضاء الكونغرس لفيسبوك وزوكربيرغ، رد متحدثون باسم الشركة على تويتر بأن هوجين لم تكن تعمل بشكل مباشر في بعض القضايا التي تم استجوابها بشأنها. وتركت فرانسيس هوجين، وهي مديرة إنتاج سابقة في فريق فيسبوك المختص بمكافحة التضليل المدني، الشركة ومعها عشرات الآلاف من الوثائق السرية.
وقالت السيناتور الجمهورية في اللجنة مارشا بلاكبيرن إن فيسبوك تغض الطرف عن الأطفال تحت 13 عاماً في مواقعها، وأضافت "من الواضح أن فيسبوك تعطي الأولوية للأرباح على رفاه الأطفال وجميع المستخدمين".
انهيار فيسبوك
ويشار إلى أن خللاً عالمياً ضرب الشبكة العملاقة في وقت سابق من الاثنين، حيث توقف فيسبوك وإنستغرام وواتساب عن العمل لساعات طويلة في جميع أنحاء العالم وهبط على أثره أسهم فيسبوك 4.9%، وهي أكبر خسارة يومية له منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وسط عمليات بيع أوسع لأسهم التكنولوجيا، مع تدفق العالم على تطبيقات منافسة مثل تويتر وتيك توك.
وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية قالت إن توقف منصات فيسبوك أدى إلى انخفاض ثروة زوكربيرغ إلى نحو 120.9 مليار دولار، بعدما خسر 7 مليارات دولار.
كذلك فقدت فيسبوك نحو 545 ألف دولار عائدات الإعلانات بالولايات المتحدة كل ساعة انقطاع للخدمة، وفقاً لتقديرات شركة قياس الإعلانات "ستاندرد ميديا إندكس".
كان مايك شروبفر، مدير التكنولوجيا لدى فيسبوك، قال: "إلى كل شركة صغيرة وكبيرة، إلى كل أسرة وكل فرد يعتمد علينا، أنا آسف".
لم تكن الخسائر مقتصرة على فيسبوك فقط، إذ أدى توقف الموقع إلى ضرر في أسواق الأسهم العالمية، حيث هوى مؤشر "ناسداك" المجمع لأسهم التكنولوجيا في بورصة نيويورك لأدنى مستوى في أكثر من 3 أشهر.
كذلك هبط مؤشر "ناسداك" بنسبة 2.4% إلى 14217.5 نقطة، وتويتر بنحو 6%، وأمازون بنحو 3%.
امتد الإرباك لأسواق الأسهم في أنحاء أوروبا، وأغلق مؤشر الأسهم الأوروبية "يورو ستوكس" بخسارة 0.96%، وهبطت مؤشرات "داكس" الألماني و"كاك" الفرنسي و"فوتسي" البريطاني بنسبة 0.79% و0.61% و0.23% على الترتيب.