امتلأت القاعة الباريسية في فرنسا التي تحتوي على 3700 مقعد، الإثنين 4 أكتوبر/تشرين الأول 2021، من أجل لقاء الناقد اليميني المتطرف إريك زمور، الذي يهدد بتبديل المشهد السياسي الفرنسي تماماً، مثلما فعل دونالد ترامب في الولايات المتحدة، وفقاً لما نشرته صحيفة The Times البريطانية.
وكانت المرة الأخيرة التي امتلأت فيها قاعة الحفلات بقصر مؤتمرات باريس، في يناير/كانون الثاني 2018، وذلك في جولة وداع المغني الفرنسي الأرميني شارل أزنافور.
وُصفت الفعالية بأنها مناظرة فكرية بين زمور (63 عاماً)، والفيلسوف الفرنسي صاحب الآراء القومية ميشال أونفراي (62 عاماً)، لكن في الواقع الفعلي بدت المناظرة أقرب إلى مسيرة انتخابية رئاسية، حيث لوحظ مؤيدو زمور وهم يهتفون له ويصفقون كلما استنكر تدهور الحضارة الغربية، وتهديد الإسلام، وخطر اندلاع حرب أهلية في مجتمع فرنسي منقسم على طول الخطوط الدينية.
ارتفعت هتافات "زمور، الرئيس" في القاعة، عندما دخل الكاتب الصحفي والناقد التلفزيوني، ورفع هو يديه ولوّح للحشود، لكن هذه الهتافات ربما تكون سابقة لأوانها قليلاً، إذ إن زمور المبتدئ في المجال السياسي لم يؤكد بعد على أنه سيخوض السباق الرئاسي في العام القادم، بل إنه لم يُطلق حملة انتخابية رسمية.
ومع ذلك، يبدو المعلقون السياسيون الفرنسيون مقتنعين بأنه سوف يقدم أوراق اعتماده داخل حلقة السباق الانتخابي، فلم يفعل شيئاً يشير إلى عكس هذا المسار، بجانب أن استطلاعات الرأي الحديثة أشارت إلى أنه قد يحصل على 15% من الأصوات.
صحيحٌ أن مثل هذه النسبة غير كافية للفوز في الانتخابات الرئاسية، لكنها تجسد صعوداً مذهلاً لسياسيٍّ مبتدئ يختلف نهجه الفكري المتغطرس اختلافاً كبيراً عن أسلوب الصوت العالي الذي يتبعه ترامب، لكن تطلعاته السياسية تبدو متشابهة للغاية مع الرئيس الأمريكي السابق.
بحسب صحيفة The Times، يهزّ تسرّب زمور القوارب فعلياً في بحور الطيف السياسي الفرنسي. شهدت مارين لوبان (53 عاماً)، رئيسة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، تراجع أرقامها في استطلاعات الرأي مع صعود أرقام زمور، وتبدو قلقة من قدرتها على إقصائه في الجولة الأولى من الانتخابات المقامة العام القادم، ولدى الجمهوريين، الذين يشكلون تيار المعارضة اليميني الرئيسي، نفس الشواغل؛ نظراً إلى أن زمور يقلص من قواعد دعمهم أيضاً.
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (43 عاماً)، فيقال إنه غير متأكد ما إذا كان عليه استنكار هذا الناقد، ووصْفه بالعنصري والشعبوي، أم أن عليه تجاهله كلياً لتجنب الدخول في جدال يرى أنه دون مكانته بوصفه رجل دولة.
لكن الخطورة إذا حاول ماكرون الترفع على النزاع، هي أن زمور سوف يواصل فرض موضوعَي الهجرة والإسلام بوصفهما الموضوعين الرئيسيين لحملته الانتخابية، على حساب استبعاد الحديث عن الأزمة الصحية والاقتصاد والبيئة وكل القضايا الأخرى تقريباً.
كان أداؤه في قصر مؤتمرات باريس مثالاً على ذلك، فقد ادّعى أن فرنسا أُجبرت على تسليم السيطرة على الضواحي الفقيرة إلى المهاجرين المسلمين، تماماً مثلما أعطت الصين مساحات من أراضيها إلى القوى الغربية في القرن التاسع عشر، وأوضح قائلاً: "إننا في نظام شبه استعماري".
وأضاف أن فرنسا كانت على الطريق نحو العنف بنطاق يضاهي الحروب الدينية بين الكاثوليك والبروتستانت في القرن السادس عشر، لكن الاختلاف هذه المرة أن "الصراع يحدث بين الغرب والشرق، والشرق وجد في الإسلام بطلاً له"، وتابع قائلاً: "إنه صراع ألفية… والإسلام في صعود".
ويبدو أن مؤيديه استجابوا لكلماته، فقد قال جين لالز، وهو معلم يبلغ من العمر 25 عاماً جاء ليستمع إلى الناقد مع عائلته: "إريك زمور هو الشخص الوحيد الذي يقول صراحةً وبصوتٍ عالٍ ما يفكر فيه الجميع".