واجهت "الشرطة الدولية" (الإنتربول) انتقادات شديدة، بعدما سمحت بعودة نظام بشار الأسد إلى استخدام شبكة الاتصالات الخاصة بها، ما يمنح النظام صلاحيات جديدة لملاحقة اللاجئين والمعارضين الذين يعيشون خارج البلاد.
صحيفة The Guardian البريطانية، قالت الثلاثاء 5 أكتوبر/تشرين الأول 2021، إن نظام الأسد ظل عضواً في منظمة الشرطة الجنائية الدولية، لكن عضويته كانت قد خضعت لعدة "إجراءات تصحيحية واحترازية" بعد اندلاع الثورة السورية في عام 2011 وما أعقبها من حرب طاحنة.
شملت الإجراءات تعليق وصول النظام إلى قواعد بيانات الإنتربول، والتواصل مع الدول الأعضاء الأخرى بشأن طلبات الاعتقال الدولية.
يخشى خبراء قانونيون ونشطاء أن رفع هذه القيود، قد يعرض الأشخاص الذين فروا من النظام للاحتجاز والتسليم، فضلاً عن تعقيد طلبات اللجوء والقضايا القانونية الدولية المرفوعة ضد مسؤولي نظام الأسد.
كانت وسائل إعلام سورية أول من أعلن عن هذا القرار الأسبوع الماضي، ثم أكَّد الإنتربول صحته في ردِّه على استفسارٍ من موقع The New Arab.
يقول توبي كادمان، وهو محامٍ بريطاني يعمل في محاكمات جرائم الحرب الخاصة بسوريا: "أشعر بخيبة أمل شديدة وقلق عميق من اتخاذ قرار مثل هذا. أنظمة الإنتربول مبهمة، ولا تنطوي على إشراف حقيقي أو محاسبة، وعادةً ما تسيء الدول التي لا تعبأ كثيراً بحقوق الإنسان، مثل سوريا، استخدامَها".
يتيح الإنتربول لدوله الأعضاء البالغ عددها 194 دولة، أن تطلب من المنظمة إصدار "نشرات حمراء" للأشخاص المطلوبين، والتي تعمل كطلبٍ للحكومات الأعضاء الأخرى لتحديد مكان واعتقال الأفراد الذين قد يخضعون بعد ذلك لمزيد من الإجراءات مثل التسليم.
يشير كادمان إلى أنه "من السهل جداً إصدار نشرة حمراء، فالأمر لا يحتاج إلى تقديم قدرٍ كبير من المعلومات، كما أن الإنتربول يعاني نقص التمويل والموظفين، لذا فهو لا يراجع كل شيء مراجعة مناسبة. في المقابل، فإن إزالة النشرة الحمراء عن شخص ما، حتى في الدول الأوروبية مثل المملكة المتحدة أو هولندا، عادة ما تكون عملية بطيئة وشاقة".
ويذكر كادمان أنه "عمل في الماضي مع أشخاص مستهدفين بهذه النشرات أمضوا شهوراً رهن الاحتجاز، وفي إحدى الحالات ظل صاحبها لعام كامل رهن الإقامة الجبرية، قبل أن تتمكن من رفع النشرة الحمراء عن اسمه".
تشير الصحيفة البريطانية إلى أن نظام الأسد يلاحق معارضيه بالفعل بلا هوادة في الداخل والخارج، فخلال الحرب التي استمرت عقداً من الزمن، اختفى عشرات الآلاف من الأشخاص في أقبية سجون النظام المعروفة بالتعذيب والإعدامات الجماعية.
على النحو نفسه، تلاحق أجهزة استخبارات النظام الفارين من الخدمة بجيشه وشخصيات المعارضة التي تعيش خارج البلاد، وتستهدفهم.
في هذا الصدد، قال طارق حوكان، وهو محامٍ يعمل في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، إن "الأخبار أثارت مخاوف السوريين في الخارج (…) فهناك مئات الآلاف من المطلوبين للأجهزة الأمنية السورية بناء على مشاركتهم في الثورة السورية".
من جانبه، قال الإنتربول إن "التوصية برفع الإجراءات التصحيحية جاءت من اللجنة التنفيذية (…) بعد مراقبة دقيقة للرسائل الواردة من المكتب المركزي الوطني بدمشق [المكتب المركزي الوطني، أو مكتب الإنتربول داخل الدولة]".
أضافت المنظمة: "تحتفظ الدول الأعضاء بالسيطرة الكاملة على البيانات التي نقدمها للإنتربول، وتقرر أي المكاتب المركزية الوطنية يمكنها الاطلاع على معلوماتها. وهذا يعني أن المكتب المركزي في دمشق لا يمكنه الوصول إلى المعلومات في قواعد بيانات الإنتربول، ما لم تسمح له الدول الأعضاء الأخرى بالوصول إليها".