رفضت محكمة لبنانية، الإثنين 4 أكتوبر/تشرين الأول 2021، عزل المحقق العدلي طارق البيطار، المكلف بقضية انفجار مرفأ بيروت الكارثي، من منصبه، الأمر الذي سيسمح له بمواصلة طلبات استجواب مسؤولين كبار.
حيث رفضت محكمة الاستئناف في بيروت، طلبات كف يد طارق البيطار، المحقق العدلي بقضية انفجار المرفأ، وفق الوكالة اللبنانية الرسمية.
الوكالة أوضحت أن "المحكمة قضت بعدم الاختصاص النوعي في الدعوى القضائية، والزام المدعين بغرامة ماليةٍ قدرها 800 ألف ليرة (نحو 500 دولار أمريكي)".
بينما لم يتضح على الفور ما إذا كان متاحاً تجديد طلبات كف يد البيطار أمام المحكمة ذاتها أو محاكم أخرى، لكن صحيفة "النهار" المحلية ذكرت أن بإمكان البيطار متابعة تحقيقاته في ملف الانفجار بعد صدور قرار محكمة الاستئناف.
تهديد البيطار
كان مصدر قضائي قد ذكر لوكالة رويترز، الأسبوع الماضي، أن مسؤولاً بارزاً في حزب الله هدد البيطار الشهر الماضي، بأن الجماعة ستزيحه عن التحقيق، مشيراً إلى أن البيطار تحدث عن رسالة التهديد في خطاب للنائب العام، مؤكداً أن وزير العدل والسلطة القضائية يتابعان الأمر.
في حين قدم ثلاثة وزراء سابقين شكويَين ضد البيطار بعد أن سعى لاتهامهم بالإهمال، مما أدى للانفجار الذي وقع بسبب ترك كمية ضخمة من نترات الأمونيوم في المرفأ وسط العاصمة. ونفى الثلاثة ارتكاب أي مخالفات.
لكن الثلاثة شكَّكوا في حياده. بينما لم يعلق البيطار على الاتهامات وليس مصرحاً له التحدث لوسائل الإعلام.
محاسبة كبار المسؤولين
جدير بالذكر أنه بعد مرور أكثر من عام على وقوع الانفجار لم يتم إحراز تقدم في محاولات محاسبة أي من كبار المسؤولين، بسبب طعن أطراف قوية، من بينها جماعة حزب الله، وآخرون من الطبقة الحاكمة في حياد التحقيق.
كان "البيطار" قد قدّم طلباً في يوليو/تموز الماضي، لاستجواب رئيس الوزراء السابق حسان دياب وغيره من كبار المسؤولين الذين اتهمهم الادعاء بالإهمال في ما يتعلق بالانفجار.
كما أصدر "البيطار"، يوم 16 سبتمبر/أيلول، أمر اعتقال لوزير الأشغال العامة السابق يوسف فنيانوس، بعد أن تغيَّب عن استدعاء للاستجواب، وكان هذا أول أمر اعتقال لمسؤول في القضية.
في المقابل، نفى الجميع ارتكاب أي مخالفة في هذا الانفجار، وهو من أكبر الانفجارات غير النووية المسجلة على مستوى العالم، والذي نتج عن كمية ضخمة من نترات الأمونيوم كانت مخزنة بشكل غير آمن في المرفأ منذ عام 2013.
مما يجدر ذكره أيضاً أن "البيطار" كان قد تولى تحقيق المرفأ بعد سلفه القاضي فادي صوان الذي أزيح عن التحقيق في فبراير/شباط الماضي، بعد شكاوى زعمت انحيازه أيضاً.
كان القضاء اللبناني قد جمَّد مؤقتاً للمرة الثانية خلال العام الجاري، يوم الإثنين 27 سبتمبر/أيلول 2021، التحقيقات التي يجريها "البيطار"، بعد طلب لاستبداله قدَّمه وزير الداخلية الأسبق "نهاد المشنوق".
و"المشنوق" نائب حالي في البرلمان وأحد الوزراء السابقين الذين ادعى عليهم القاضي "البيطار" في 2 يوليو/تموز الماضي، بقضية انفجار المرفأ، وطلب رفع الحصانة النيابية عنه تمهيداً للتحقيق معه.
"قاضٍ فوق كل الشبهات"
من جهته، أبدى رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، أمله في أن يستمر "البيطار" بمنصبه، قائلاً إن لبنان لا يتحمل إقالة قاضٍ ثانٍ بعد أن أدت الدعوى إلى تجميد التحقيق، في انتظار صدور حكم قضائي.
ميقاتي أضاف في تصريح لقناة "إل.بي.سي": "لا معرفة شخصية بالقاضي البيطار، وأسمع أنه فوق كل الشبهات، واليوم كفُّ يده أمرٌ قضائي، وأنا شخصياً لا أتدخل بالقضاء، وأتمنى أن يتابع مهمته بتوازن ونريد التحقيق".
في حين ذكر رئيس الوزراء: "يجب أن تكون له الحماية اللازمة، وبدأنا نأخذ الاحتياطات الأمنية بشأن التهديدات التي قيل إنها طالت القاضي البيطار".
تجدر الإشارة إلى أنه في 4 أغسطس/آب 2020، وقع انفجار في المرفأ أودى بحياة 217 شخصاً وأصاب نحو 7 آلاف آخرين، فضلاً عن أضرار مادية هائلة في أبنية سكنية وتجارية.