كثفت قوات الأمن التونسية، الجمعة 1 أكتوبر/تشرين الأول 2021، تواجدها في محيط مجلس نواب الشعب (البرلمان)؛ تحسباً لعودة النواب بعد انتهاء العطلة البرلمانية.
حيث أغلقت قوات الأمن الشارع المؤدي إلى بوابة مجلس النواب (المخصصة لدخول أعضاء البرلمان) بحواجز حديدية.
من جهته، قال عماد الخميري، رئيس الكتلة البرلمانية لحركة النهضة (53 نائباً من أصل 217): "هناك حراك داخل النواب يدعو إلى عودة النشاط النيابي بحكم انتهاء العطلة البرلمانية".
الخميري أوضح: "أكثر من 90 نائباً وقعوا على عريضة يوم الخميس (30 سبتمبر/أيلول الماضي)، لدعوة الرئيس التونسي (قيس سعيد) إلى رفع الإجراءات الاستثنائية، واعتبار مجلس نواب الشعب (البرلمان) مؤسسة قائمة".
فيما أضاف: "البلاد لا يمكن أن تستمر بهذا النهج من المغالبة، ولابد احترام المؤسسات الدستورية، وتضافر كل الجهود للالتقاء على أجندة وطنية، لإنقاذ البلاد مما تردت فيه من انغلاق وغياب للحوار".
كما تابع رئيس الكتلة البرلمانية لحركة النهضة: "النواب سيطالبون بحقهم في العمل النيابي لتمثيل إرادة شعبية (..) الحل لن يكون سوى بالعودة للمؤسسات الدستورية والالتزام بالدستور"، مشيراً إلى أن "هناك حواجز أمنية كثيرة تمنع النواب من دخول البرلمان (..)، وسيتم إثبات هذا المنع قانوناً من خلال عدل منفذ (مساعد قضائي يعمل بشكل خاص)".
يشار إلى أنه عادة ما تنطلق أعمال مجلس النواب التونسي مطلع أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، عقب انتهاء العطلة البرلمانية التي تستمر قرابة شهرين.
"عدم الخضوع لأي ابتزاز"
كانت الرئاسة التونسية قد أعلنت، في بيان صدر الأربعاء الماضي، تكليف نجلاء بودن، بتشكيل الحكومة الجديدة؛ لتصبح أول امرأة في تاريخ البلاد تتولى هذا المنصب الرفيع.
بدوره، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، عدم الخضوع لأي ابتزاز أو مساومة أو محاولة التسلل لفرض اختيارات معيّنة في تشكيل الحكومة الجديدة ببلاده، معتبراً أن "الاختيارات ستكون بناء على معايير الوطنية والقدرة على العمل والإنجاز (..) كل من يحاول التدخل وفرض اسم، ستفشل محاولاته".
جاء ذلك خلال لقائه مع رئيسة الحكومة المكلفة نجلاء بودن، مساء الخميس، في قصر قرطاج بالعاصمة، وفق مقطع مصور للرئاسة التونسية.
سعيد تابع: "من حق التونسيين والتونسيات أن يعيشوا بكرامة بكل حرية، وأن نستجيب لمطالبهم الإنسانية المشروعة".
"توسع صلاحيات قيس سعيد"
كان سعيّد قد تجاهل مؤخراً جانباً كبيراً من أحكام الدستور الصادر في 2014؛ حيث قرر إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، ومنح نفسه سلطة الحكم بمراسيم رئاسية، وذلك بعد شهرين من قيامه بعزل رئيس الوزراء، وتعليق عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن النّواب، وتولي مهام السلطة التنفيذية، فضلاً عن توقيفات وإعفاءات لعدد من المسؤولين.
تجدر الإشارة إلى أن عملية الانتقال الديمقراطي في تونس بدأت بعد أن أسقطت ثورة شعبية في 2011 نظام الرئيس آنذاك، زين العابدين بن علي (1987-2011).
في حين يقول منتقدون إن قرارات سعيد عززت صلاحيات الرئاسة على حساب البرلمان والحكومة، حيث يرغب في تغيير نظام الحكم إلى رئاسي.
فيما ترفض غالبية الأحزاب قرارات سعيد الاستثنائية، ويعتبرها البعض "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها أحزاب أخرى ترى فيها "تصحيحاً للمسار"، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).
بينما قال سعيد، في أكثر من مناسبة، إنه لا ينوي إرساء نظام ديكتاتوري ولا المس بالحقوق والحريات، وإنما يهدف إلى إصلاح الأوضاع بعد أن تأكد من وجود خطر داهم يهدد الدولة التونسية، على حد قوله.
جدير بالذكر أن الاتحاد التونسي للشغل رفض، قبل أيام، العناصر الرئيسية في قرارات الرئيس، وحذّر من مخاطر حصر السلطات في يده، في الوقت الذي اتسع فيه نطاق المعارضة للقرارات.
ووصف أكبر الأحزاب السياسية، وهو حزب النهضة، الخطوات التي أخذها سعيد بأنها "انقلاب على الشرعية الديمقراطية"، داعياً الناس إلى توحيد الصفوف والدفاع عن الديمقراطية بالوسائل السلمية.
كذلك أصدرت أربعة أحزاب أخرى بياناً مشتركاً يدين سعيّد، يوم الأربعاء 22 سبتمبر/أيلول الجاري، وندد به حزب كبير آخر هو حزب قلب تونس.