قضت محكمة العدل الأوروبية، الأربعاء 29 سبتمبر/أيلول 2021، بإلغاء العمل باتفاقيتين تجاريتين بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، بدعوى اشتمالهما على منتجات قادمة من "إقليم الصحراء" المتنازع عليه بين الرباط، وجبهة البوليساريو.
بعد ذلك بدقائق أكد المغرب والاتحاد الأوروبي، في تصريح مشترك، التزامهما بمواصلة شراكتهما التجارية، واتخاذ "الإجراءات الضرورية من أجل تأمين الإطار القانوني الذي يضمن استمرارية واستقرار العلاقات" بينهما.
نصّ الحكم الذي جاء بناء على دعوى تقدمت بها "جبهة البوليساريو"، على "إلغاء قرارات مجلس الاتحاد الأوروبي المتعلقة باتفاقيتين مبرمتين مع المغرب حول المنتجات المغربية من جهة، والصيد البحري من جهة ثانية"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
في 6 يوليو/تموز 2019، دخل اتفاق جديد للصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ، بعد أن تم توقيعه في بروكسل (عاصمة الاتحاد)، مطلع ذلك العام.
لكن المحكمة أشارت إلى أن هذا القرار لن يدخل حيز النفاذ على الفور، بل بعد مدة شهرين لتقديم استئناف أو بعد صدور حكم نهائي إذا جرى تقديم الاستئناف، بحسب وكالة رويترز.
استندت المحكمة في قرارها إلى أن "جبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية معترف بها على الصعيد الدولي كممثل لشعب الصحراء الغربية".
كذلك اعتبرت أن الاتفاقيتين اللتين أبرمهما الاتحاد الأوروبي مع المغرب "لم تراعيا ضرورة الحصول على موافقة شعب الصحراء الغربية باعتباره طرفاً معنيّاً بهما"، و"أنهما لا تمنحانه حقوقاً بل تفرضان عليه واجبات".
تعاون مشترك
في المقابل، قرر المغرب والاتحاد الأوروبي، عقب قرار المحكمة، اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الإطار القانوني لاستمرار واستقرار العلاقات التجارية بينهما، وفقاً لوكالة الأناضول.
جاء ذلك، بحسب بيان مشترك لجوزيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، ووزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.
بوريل قال: "سنظل على أتمّ الاستعداد من أجل مواصلة التعاون (…) في مناخ من الهدوء والالتزام لتوطيد الشراكة الأوروبية – المغربية"، مضيفاً: "سنواصل العمل من أجل تطوير الأبعاد المتعددة لهذه الشراكة الاستراتيجية، بنفس روح التعبئة والانسجام والتضامن".
كان المغرب أوقف في 25 فبراير/شباط 2016، الاتصالات مع الاتحاد الأوروبي، رداً على حكم أوَّلي لمحكمة العدل الأوروبية، في ديسمبر/كانون الأول 2015، بإلغاء اتفاقية تبادل المنتجات الزراعية والصيد البحري بين الجانبين، لتضمنها منتجات إقليم الصحراء.
أزمة إقليم الصحراء
بدأت أزمة "إقليم الصحراء" عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ويعتبر المغرب هذه المنطقة جزءاً لا يتجزأ من أراضيه، فيما تدعم الجزائر "جبهة البوليساريو" التي تطالب بالاستقلال.
تحوَّل النزاع بين المغرب و"جبهة البوليساريو" إلى نزاع مسلح، استمر حتى عام 1991، وتوقف بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.
تصرُّ الرباط على أحقيتها بإقليم الصحراء، وتقترح كحلٍّ حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيادتها، بينما تطالب "البوليساريو" بتنظيم استفتاء لتقرير مصير الإقليم، وهو طرح تدعمه الجزائر.
إقليم الصحراء هو منطقة صحراوية شاسعة، مساحته 266 ألف كلم مربع مع 1100 كلم واجهة على المحيط الأطلسي، وهي المنطقة الوحيدة في القارة الإفريقية التي لم تتم تسوية وضعها بعد الاستعمار.
يسيطر المغرب على 80% من إقليم الصحراء، في حين تسيطر "البوليساريو" على 20%، يفصل بينهما جدار ومنطقة عازلة تنتشر فيها قوات الأمم المتحدة.
كذلك تشرف الأمم المتحدة على مفاوضات بين المغرب والبوليساريو؛ بحثاً عن حل نهائي للنزاع حول الإقليم، منذ توقيع الطرفين الاتفاق.
يُذكر أنه في منتصف سبتمبر/أيلول 2021، أعلن سفير المغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال أن المملكة وافقت على تعيين الدبلوماسي الإيطالي السويدي ستافان دي ميستورا مبعوثاً خاصاً جديداً للأمم المتحدة إلى إقليم الصحراء، إلا أن أي قرار رسمي بتعيينه في المنصب لم يصدر بعد.