في ظل وجود مكثف للشرطة، نظم مئات المتظاهرين التونسيين، الأحد 26 سبتمبر/أيلول 2021، وقفة احتجاجية مناهضة للتدابير الاستثنائية التي اتخذها الرّئيس قيس سعيّد، دعوا فيها لإنهاء العمل بتلك التّدابير، وعبّروا عن رفضهم لما اعتبروه "انقلاباً" على الدستور، ومطالبين الرئيس بالتنحي عن منصبه.
حيث تجمع أكثر من ألفي مُحتج، وبينهم سياسيون وحقوقيون، أمام المسرح البلدي بشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، ورددوا شعارات أبرزها "لا للمس بالدّستور"، و"لا للانقلاب.. لا للديكتاتورية"، و"ارحل"، و"بالروح بالدم نفديك يا دستور"، و"يا قيس يا غدار"، و"الشعب يريد إسقاط الانقلاب"، و"نرفض الاستبداد وتجميع السّلط في يد واحدة".
"انقلاب كامل الأركان"
من جهته، قال سيد الفرجاني، نائب برلماني عن حركة النهضة، إن "الرئيس استولى على كل السلط وألغى العمل بأحكام الدستور، وهو انقلاب كامل الأركان".
الفرجاني أضاف: "اليوم أشارك كمواطن تونسي يفكر في مستقبله ومستقبل بلده، لا أرى أن ما يحدث سيحقق مكتسبات الثورة ما يزيد من إصرارنا في رفض الانقلاب الحاصل".
بدوره، أكد القيادي المستقيل من حركة النّهضة، عبد اللّطيف المكي (وزير الصّحة السابق) أن "ما حصل ويحصل الآن بتونس انقلاب على الدّستور والشّرعية، والعمل بالتّدابير الاستثنائية يجب أن ينتهي في أسرع وقت".
تابع المكي بقوله، على هامش الوقفة: "لا خيار للشعب إلا أن يقف في وجه كل مظاهر الاستبداد والاتجاه نحو ديكتاتورية تضرب مكتسبات الحرية بالبلاد".
أما عن موقف الأعضاء المستقيلين، السبت، من النهضة (113 استقالة)، أشار المكي إلى أن "النضال سيتواصل حتى إن اختلفت المواقف داخل الحركة (النهضة)، تتغير المقامات لكن لن تتغير غيرتنا على حرية تونس والمسار الديمقراطي فيها.
"الدستور خط أحمر"
كما قالت متظاهرة تدعى نادية بن سالم إنها قطعت مسافة 500 كيلومتر من جنوب البلاد للتعبير عن غضبها في الاحتجاج. وأضافت وهي ممسكة بنسخة من الدستور: "سنحمي الديمقراطية.. الدستور خط أحمر".
في حين ذكر المواطن عبد الفتاح سيف، الذي يعمل مدرساً: "إنه (قيس سعيّد) ديكتاتور. خان الثورة وخان الديمقراطية. لقد جمع كل السلطات. إنه انقلاب ونحن سوف نسقط الانقلاب في الشوارع".
في وقت سابق من يوم الأحد، شهد محيط شارع الحبيب بورقيبة تشديدات أمنية كبيرة وإغلاق طرقٍ وتفتيشاً، وفرض حواجز حديدية لفصل محتجي هذه المظاهرة التي تواصلت حتى الساعة (12.00 ت.غ)، عن مشاركين بمظاهرة ثانية قريبة داعمة لقرارات سعيّد.
كان سعيّد تجاهل قبل أيام جانباً كبيراً من أحكام الدستور الصادر في 2014، حيث قرر إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، ومنح نفسه سلطة الحكم بمراسيم رئاسية، وذلك بعد شهرين من قيامه بعزل رئيس الوزراء، وتعليق عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن النّواب، وتولي مهام السلطة التنفيذية، فضلاً عن توقيفات وإعفاءات لعدد من المسؤولين، وهو ما عده مراقبون وأطراف سياسية "انقلاباً على الدستور".
أول الاحتجاجات
يُشار إلى أن أول الاحتجاجات على قرارات الرئيس منذ أصدرها في 25 يوليو/تموز المنصرم انطلق خلال الأسبوع الماضي.
فيما نوّه عياض اللومي النائب بالبرلمان بأن "لغة الحوار تعطلت مع سعيد.. جوابنا هو الاحتجاج.. لقد أراد عزل الجميع وهو يستحوذ على كل السلطة.. يجب عزل سعيد ومحاكمته".
جدير بالذكر أن الاتحاد التونسي للشغل رفض، الجمعة الماضي، العناصر الرئيسية في قرارات الرئيس، وحذّر من مخاطر حصر السلطات في يده في الوقت الذي اتسع فيه نطاق المعارضة للقرارات.
ووصف أكبر الأحزاب السياسية، وهو حزب النهضة، الخطوات التي أخذها سعيد بأنها "انقلاب على الشرعية الديمقراطية"، داعياً الناس إلى توحيد الصفوف والدفاع عن الديمقراطية بالوسائل السلمية.
كذلك أصدرت أربعة أحزاب أخرى بياناً مشتركاً يدين سعيّد، يوم الأربعاء، وندد به حزب كبير آخر هو حزب قلب تونس.