بات عدد من السوريين من أنصار رفعت الأسد، عمّ رئيس النظام في سوريا، بشار الأسد، يعيشون في ظروف سيئة بالعاصمة الفرنسية باريس، بعدما تخلّى رفعت عن دعمهم، في الوقت الذي يُحاكم فيه بأوروبا بتهم غسل الأموال والاختلاس.
وكالة الأنباء الفرنسية ذكرت الجمعة، 24 سبتمبر/أيلول 2021، أنه يوجد في طرف غابة شمالي باريس، عشرات السوريين من أنصار رفعت، في ملاذ كان رفعت يسدد كافة فواتيره، لكنهم صاروا بلا ماء ولا كهرباء بعدما انقطع الدعم عنهم.
من بين هؤلاء محسن أسعد، الذي يضطر للذهاب إلى منزل ابنته لتوصيل جهاز التنفس الاصطناعي والاغتسال، بعد قطع الكهرباء في مزرعة الخيول الواسعة الواقعة على بعد 27 كيلومتراً من باريس، حيث يقيم هذا المتقاعد السوري منذ عقود مع عشرات العائلات التي كفلها رفعت الأسد لأعوام طويلة.
يعيش هذا المعاون السابق لعائلة الأسد "تحت آلة التنفس على مدار اليوم"، وفق زوجته فتيحة أسعد، التي قالت: "أخشى أن يموت زوجي".
وصلت فتحية إلى فرنسا في الثمانينيات، مع خروج رفعت الأسد إلى المنفى بعد محاولته الانقلاب على شقيقه حافظ الأسد.
كان رفعت "الأخ المنبوذ" قد انتقل إلى أوروبا مع عائلته وعناصر ميليشياته وموظفيه. توزع نحو 200 منهم بين إسبانيا وإنجلترا وفرنسا، حيث استقروا في بلدة بيسانكور الصغيرة على حافة غابة مونتمورنسي، وهناك اشترى رفعت مزرعة خيول سان جاك.
يوجد ضمن العقار الذي تبلغ مساحته 40 هكتاراً قلعة، ومسبح داخلي، وإسطبلات تم تحويلها إلى أجنحة ومنازل.
يقول حسين الأسد، المترجم السابق لرفعت الأسد: "نحن 79 سوريّاً نعيش في هذا الملاذ الآمن". وكان حسين قد غادر اللاذقية عام 1984، ولم يدفع مطلقاً إيجاراً في بيسانكور وليس لديه عقد، ويؤكد المتقاعد أن "رفعت كان يدفع الفواتير دائماً في موعدها".
دين قيمته 200 ألف يورو
لكن في السنوات الأخيرة غاب رفعت، راعي مزرعة الخيول، الذي يُحاكم في سويسرا بتهمة ارتكاب جرائم حرب في الثمانينات، وتردّت الحال في المكان كما تدل الثقوب المرئية في السقوف.
توقف رفعت عن "إرسال أظرف الأموال"، وفق ما يفيد حارس شخصي سابق له رفض كشف هويته.
بدوره، قال رئيس بلدية المدينة جان كريستوف بوليه، إن رفعت الأسد ترك "ديناً بقيمة 200 ألف يورو لقلعة بيسانكور"، و"لا يدفع الكهرباء ولا النفقات".
كما قرر مدير شبكة توزيع الكهرباء في فرنسا قطع التيار الكهربائي بعد إدانته مطلع أيلول/سبتمبر في باريس، بتهمة غسل الأموال واختلاس موارد عامة سورية، فيما يُعرف بقضية "الإثراء غير المشروع".
حُكم غيابياً على رفعت البالغ 84 عاماً بالسجن 4 سنوات، ومصادرة أصول له بقيمة 90 مليون يورو.
جراء التحول في تعامل رفعت مع أنصاره بفرنسا، صار على مجتمع "سوريي بيسانكور الصغير" التصرف، فلجأ بعضهم إلى الاستحمام في المسبح أو في الفندق، بينما اختار البعض الآخر الاستحمام لدى أقاربهم في البلدات المجاورة.
اشترى علي صايمة موقد تدفئة، لكن الشاب البالغ 24 عاماً والمقيم مع والدته يأسف لأن قارورة الغاز "انتهت" الخميس.
يقول الشاب الذي يعمل مساعد مبيعات في شركة "رينو"، "أتناول الوجبات السريعة منذ أسبوع، لقد أصبح الأمر صعباً للغاية لناحية النظافة والصحة النفسية".
أضاف علي "نحن على استعداد لدفع ثمن الكهرباء إذا قام (المدير) إينيديس بتركيب عدادات خاصة بنا"، لكن من الناحية القانونية رفعت الأسد هو المالك الوحيد، وتعيش العائلات في خوف من الإخلاء.
من جانبه، برّر سوار الأسد، أحد أبناء رفعت، توقف والده عن إرسال الأموال لأنصاره، وقال في تصريح نشرته الوكالة الفرنسية إن والده "اعتنى بهذه العائلات لمدة ثلاثين عاماً"، وإن "مصادرة الممتلكات والحسابات المصرفية" من المحاكم تحول الآن دون دفع الفواتير.
بدوره، قدم رئيس بلدية بيسانكور تقريراً إلى السلطات الصحية لإعادة الكهرباء على وجه السرعة، وقال المسؤول "هذه مشكلة صحية عامة، هذه أُسر لديها أطفال، وبعضهم لم يعد يذهب إلى المدرسة".
أضاف أنه "لا بد من بحث مصير هذا العقار، ومستقبل هذه العائلات القادمة من سوريا، التي ولد أبناؤها في فرنسا".
يُذكر أن رفعت الأسد كان قائداً لـ"سرايا الدفاع" في سوريا، وشارك في عام 1982 في قمع أحداث مدينة حماة، الذي نتجت عنه مجزرة، وبعد مغادرته سوريا عام 1984 استقرّ في سويسرا، ثم في فرنسا، ويملك إمبراطورية عقارات بأوروبا.