اعتبرت حركة "النهضة" التونسية، الخميس 23 سبتمبر/أيلول 2021، أن قرار الرئيس قيس سعيّد تولي السلطة التنفيذية "نزوح واضح نحو حكم استبدادي مطلق".
يأتي ذلك بعد أن قرر سعيّد إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وأن يتولى السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة، بحسب بيان للرئاسة ووفق ما نشرته جريدة "الرائد" الرسمية، الأربعاء.
تعليق الدستور
كذلك فقد أفادت الحركة، في بيان، بأن "القرار الرئاسي تعليق فعلي لدستور الجمهورية، وتعويض له بتنظيم مؤقت للسلطات، ونزوع واضح نحو حكم استبدادي مطلق". وأضافت أن ذلك "يعد أيضاً انقلاباً سافراً على الشرعية الديمقراطية وعلى مبادئ الثورة التونسية وقيمها".
أردفت: "هذا التمشي غير الدستوري يضيف إلى أزمات البلاد المعقدة أزمة شرعية الحكم، بما يهدد كيان الدولة التونسية ووحدتها ويدفع بالبلاد إلى منطقة مخاطر عالية غير مسبوقة في تاريخها".
أعربت عن "رفضها الشديد تأبيد الوضع الاستثنائي وتجميع قيس سعيد لكل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية".
تابعت: "واستغلاله لفرض خيارات وإجراءات غير دستورية تلغي المؤسسات السياسية والرقابية الشرعية القائمة بما في ذلك البرلمان والهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين وهيئة مكافحة الفساد".
كذلك فقد دعت إلى "الدفاع عن قيم الجمهورية والديمقراطية وحماية البلاد من أخطار هذا التمشي المعمّق للانقسام المجتمعي والمهدّد للسلم الاجتماعي والمقوض للوحدة الوطنية حول الدستور".
في حين حذّرت من أن "هذا التوجه الأحادي للرئيس لن ينجح في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية (..) بل سيعمّقها ويكرس عزلة دولية مدمرة لاقتصاد البلاد وصورتها المشعة في الخارج كنموذج ديمقراطي".
في سياق متصل، قال راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة الإسلامي المعتدل في تونس، لـ"رويترز"، الأربعاء، إن الإعلانات التي أصدرها الرئيس قيس سعيّد عبارة عن إلغاء للدستور، وإن الحزب لا يوافق على هذا.
جبهة ديمقراطية
تزامنت تصريحات "النهضة" مع إعلان أربعة أحزاب سياسية في تونس، الأربعاء 22 سبتمبر/أيلول 2021، تشكيل "جبهة ديمقراطية" على أثر القرارات التي أعلنها الرئيس أمس، لمواجهة ما وصفته بـ"انقلاب قيس سعيّد"، وفقاً لما نشرته وسائل إعلام محلية.
الاتحاد الشعبي الجمهوري، وحراك تونس الإرادة، وحزب الإرادة الشعبية، وحركة وفاء، قالت في بيان إن الجبهة مفتوحة أمام جميع القوى السياسية والشخصيات الوطنية التي تعارض "الانقلاب" في إطار الدستور والقانون وبالوسائل السلمية وحدها لا غير.
أضافت أن الجبهة تهدف إلى الدفاع عن إرادة الشعب التونسي ومصالحه العليا وعن الحريات العامة والدستور وحكم القانون والتصدي للخطر الداهم المحدق بالبلاد وبالوحدة الوطنية والمتمثل أساساً في قيس سعيّد الذي حنث باليمين الدستورية وعطّل الدستور وخرج عن القانون وتبنى خطاباً عنيفاً يهدد السلم الأهلي ويزرع الفتنة بين التونسيين، على حد قولها.
كما أكدت الجبهة في بيانها، أن شاغل منصب رئاسة الجمهورية التونسية أصبح فاقداً للشرعية بعد الإجراءات الجديدة التي أعلنها وتأكد بها خروجه عن الدستور وتمرده على القانون، مشددة على أنّ عزل قيس سعيّد أصبح واجباً، وهذا الواجب يقع على أعضاء مجلس نواب الشعب مدعومين من الشعب، حسب نص البيان.
فيما دعا البيان الجيش الوطني وقوات الأمن الداخلي والحرس الوطني إلى التوقف عن التعامل مع قيس سعيّد، كما هو واجب على السلطة القضائية الاضطلاع بمسؤولياتها والتصدي للانقلاب، محذراً كل مؤسسات الدولة من التعامل مع هذا "المنقلب"؛ حتى لا تكون في وضعية مخالفة للقانون وعرضة للمساءلة القضائية.
كذلك فقد أكدت الأحزاب أن الشعب التونسي إذا رضي بما فعله قيس سعيّد اليوم، فسيفقد حريته وكرامته وحقوقه لفترة طويلة، معلنة عن تأييدها لمظاهرات المجتمع المدني ضد "الانقلاب"، داعيةً أنصارها وعموم التونسيين الحريصين على المصلحة العليا للبلاد المؤمنين بمبادئ الثورة التونسية وحق الشعب في اختيار حكامه بالانتخاب لا بالانقلاب، والمتمسكين بالحرية والعدالة ومبادئ حقوق الإنسان، إلى المشاركة بكثافة في المظاهرات المقبلة التي ينظمها المجتمع المدني سلمياً وقانونياً لمعارضة الانقلاب والإطاحة بمهندسيه ومحاكمتهم من أجل ما اقترفوه في حق البلاد والعباد، وفق البيان ذاته.
قرارات جديدة لقيس سعيّد
يأتي هذا بعد أن أعلنت الرئاسة التونسية أن الرئيس قيس سعيّد فرض إجراءات استثنائية للاضطلاع بالسلطتين التشريعية والتنفيذية.
تزامن ذلك مع تصريحات قال فيها سعيّد إنه سيواصل التدابير الاستثنائية في البلاد، وسيضع أحكاماً انتقالية ومشروع قانون انتخابي جديداً.
أضاف سعيّد في خطاب بثه التلفزيون الرسمي، بمحافظة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية، الإثنين 20 سبتمبر/أيلول 2021: "سيتم وضع أحكام انتقالية، وستكون أحكام انتقالية تستجيب لإرادتكم… وسيتم تكليف رئيس حكومة، وسيتم وضع مشروع قانون انتخابي جديد".
في المقابل، لم تخُض الرئاسة، الأربعاء، في التفاصيل الخاصة بالإجراءات الاستثنائية التي ينوي سعيّد القيام بها، لكنها قالت إنه سيشكل لجنة لإدخال تعديلات على النظام السياسي بتونس، في إشارة إلى الدستور، وإنه سيواصل تعليق عمل البرلمان الذي أعلنه في يوليو/تموز 2021 .