أعلنت متحدثة باسم محكمة مدينة سرقسطة الإسبانية، الثلاثاء 21 سبتمبر/أيلول 2021، أن الأخيرة فتحت تحقيقاً رسمياً في دور وزيرة الخارجية السابقة أرانتشا جونثاليث لايا في إدخال زعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية، إبراهيم غالي، مستشفى إسبانياً في أبريل/نيسان، ما تسبب في نشوب أزمة دبلوماسية حادة مع المغرب.
وكان المغرب، قد كشف شهر أبريل/نيسان الماضي، عن دخول غالي لمدريد بشكل سري باستعمال هوية مزورة تحت اسم "بن بطوش"، بعد تنسيق غير معلن بين إسبانيا والجزائر، وهو الأمر الذي أغضب الرباط ووضع السلطات الإسبانية في وضع محرج.
متابعة قضائية بعد الإقالة من منصبها
المتحدثة باسم المحكمة قالت إن لجنة تحقيق ستبحث فيما إذا كانت أي مخالفات قد ارتُكبت عندما سُمح لزعيم جبهة البوليساريو التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية بالدخول إلى إسبانيا من الجزائر، حيث يعيش، وعندما أدخل المستشفى في مدينة لوجرونو.
كما أضافت أنه سيتم استجواب جونثاليث لايا في إطار التحقيق، ويخضع مساعد كبير سابق لها كذلك للتحقيق.
حسب وكالة "رويترز" للأنباء، فإن الوزيرة السابقة لزمت الصمت ولم ترد على رسالة لطلب التعقيب.
جدير ذكره، أنه مباشرة بعد كشف الرباط عن هذه الزيارة السرية، كانت الوزيرة قد قالت آنذاك إن غالي سُمح له بدخول إسبانيا لأسباب إنسانية وإن القرار قانوني، في حين رفضت توضيح أسباب دخوله بهوية مزورة.
الأزمة مع المغرب أطاحت بها
السبت 10 يوليو/تموز 2021،عيَّن رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانتشيز، وزيراً جديداً للخارجية لكنه أبقى على وزيرة الاقتصاد في تعديل وزاريٍّ بعد تعرُّض وزيرة خارجية إسبانيا المقالة لانتقادات كثيرة في تعاملها مع الأزمة الأخيرة بين مدريد والرباط.
فيما قالت صحيفة "الباييس" الإسبانية على موقعها الإلكتروني، السبت، إن وزيرة الخارجية المعفاة، لايا، كانت تعاني "إجهاداً كبيراً"، بسبب الأزمة التي نشبت مع المغرب.
الصحيفة الإسبانية أشارت إلى أنه في اليوم الذي أعلن فيه رئيس الدبلوماسية المغربية، ناصر بوريطة، أنه "ﻻ يوجد اتصال مع إسبانيا"، تم حسم مصير نظيرته الإسبانية أرانشا غونزاليس لايا.
ليس فقط بسبب الحقيقة غير العادية المتمثلة في أن وزير الخارجية المغربي، تقول الصحيفة، نفى تصريحات نظيرتها الإسبانية بخصوص وجود اتصالات سرية بين البلدين، ولكن لأنه أثبت أن الأخيرة لم تعد مقبولة من الرباط.
الصحيفة قالت إنه كانت للأزمة التي نجمت عن استقبال زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي في إسبانيا، عدة آثار جانبية، لكن أخطرها كان فقدانَ الثقة بين الحكومتين في مدريد والرباط.
بدون الثقة، تقول الصحيفة، فإن جميع القضايا الأخرى التي تميّز العلاقة الثنائية المعقدة مع الرباط، من الهجرة غير النظامية إلى التعاون ضد الجهاديين، أكثر صعوبة بكثير في المعالجة.
غالي وتهم جرائم الحرب
في السياق نفسه، ربطت تقارير إعلامية مغربية وإسبانية، سبب إقدام مدريد، بتنسيق مع الجزائر، على إدخال إبراهيم غالي بهوية مزورة، بدعاوى قضائية تتهمه بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية، وهي التهم التي أسقطتها عليه المحكمة العليا الإسبانية يوم الخميس 29 يوليو/تموز 2021، بدعوى أن المحكمة لم تحصل على الأدلة الكافية التي تدينه، وهي التُّهم التي اتهمته بها منظمات مدنية مغربية وإسبانية.
فقد أفادت وثيقة قضائية بأن جماعات حقوقية وأفراداً من الصحراء الغربية اتهموا غالي وزعماء آخرين في جبهة البوليساريو بارتكاب جرائم إبادة جماعية وقتل وإرهاب وتعذيب وإخفاء.
فيما ظهر غالي عن بعد في جلسة بمحكمة، شهر مايو/أيار الماضي، في إطار التحقيق. وقال محاميه إنه نفى ارتكاب أي مخالفة.
المحكمة العليا الإسبانية قضت بأن معظم الوقائع المزعومة ضد غالي سقطت بالتقادم. وقالت إنه لا توجد أدلة كافية لدعم اتهامات الإبادة الجماعية.