كشفت صحيفة The New York Times الأمريكية الخميس 16 سبتمبر/أيلول 2021 أن تحقيقاً بشأن التلاعب في تقرير سنوي للبنك الدولي كشفَ أن كريستالينا غورغييفا، الرئيسة التنفيذية السابقة للبنك، والتي تقود الآن صندوق النقد الدولي، وجَّهت موظفي البنك لتغيير بيانات في التقرير خشيةَ إغضاب الصين.
وأثارت نتائج التحقيق، الذي أجرته شركة المحاماة الأمريكية WilmerHale بناءً على طلب من لجنة الأخلاقيات بالبنك، شكوكاً حول موثوقية غورغييفا خلال فترة عملها في البنك الدولي، وشددت على الضغوط التي تعرَّض لها البنك من أجل تسوية الأمور مع الصين، ثالث أكبر مساهم في البنك بعد الولايات المتحدة واليابان.
كما ركَّز التحقيق على اتهامات بأن كبار مسؤولي البنك ضغطوا على الفريق المسؤول عن إجراء "تقرير ممارسة الأعمال" السنوي لتعظيم قدر الإصلاحات التي أجرتها الصين في تقريره لعام 2018. وكانت اتهامات أخرى قد وُجِّهت لتقرير عام 2020 بالتلاعب لتعزيز تصنيف السعودية على نحو مخالف للواقع.
ويُفترض بالتقرير أن يقيّم سهولة ممارسة أنشطة الأعمال في جميع بلدان العالم ومناخ الأعمال فيها، ويشتد اهتمام الدول النامية به على وجه الخصوص لأنها عادة ما تستخدم بياناته الجيدة بشأنها لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية.
في وقت التلاعب المبلَّغ عنه، كان مسؤولو البنك الدولي قلقين بشأن مفاوضات مع الدول الأعضاء حول زيادة رأس المال المدفوع للبنك الدولي، وكانوا تحت ضغط لعدم إغضاب الصين، التي احتلت المرتبة 78 في قائمة الدول الواردة في التقرير عام 2017 وكان من المتوقع أن ينخفض تصنيفها في تقرير عام 2018.
لكن وفقاً للتحقيق، عقد موظفو جيم يونغ كيم، رئيس البنك آنذاك، اجتماعات لإيجاد طرق لتحسين تصنيف الصين. وشاركت غورغييفا أيضاً في هذه الاجتماعات، حيث عملت مع أحد كبار المساعدين على تطوير طريقة لجعل الصين تبدو أفضل دون التأثير على تصنيفات الدول الأخرى.
وخلُص التقرير إلى أن غورغييفا كانت "متورطة تورطاً مباشراً" في الجهود التي بُذلت لتحسين تصنيف الصين، حتى إنها في إحدى المراحل وجَّهت انتقادات للمدير المسؤول بالبنك عن بيانات الصين لما اعتبرته سوء إدارة منه لعلاقة البنك بالصين.
قرر مسؤولو البنك إدراج هونغ كونغ، التي كانت ذات يوم تتمتع باستقلال نسبي عملت الصين على تقليصه، في تحليلهم لبيئة الأعمال في الصين، وزيادة التركيز على الخطوات التي اتخذتها بكين وشنغهاي. وفي نهاية المطاف، منح موظفو البنك الصين مزيداً من الائتمان في تصنيف البنك لقانونها الجديد الخاص بالمعاملات المضمونة، ولم يتراجع ترتيب الصين كما كان مقرراً.
وفقاً للتحقيق، فإن غورغييفا توجهت بسيارتها في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2017، قبل نشر التقرير، إلى منزل الشخص المسؤول عن فريق ممارسة الأعمال للحصول على نسخة ورقية من التقرير، وشكرت للمسؤول مساعدته في "حل المشكلة" المتعلقة بترتيب الصين.
لكن غورغييفا، التي قابلها فريق التحقيق، قالت إنها لا تتذكر السبب الذي دعاها إلى التوجه لتسلم التقرير شخصياً بدلاً من انتظار إحضاره إلى مكتبها.
يُذكر أن غورغييفا تشغل منصب المدير العام لصندوق النقد الدولي منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019. وفي هذا المنصب، تُشرف على إجراء وإصدار قدر هائل من الأبحاث الاقتصادية، وهي مسؤولة عن توزيع مليارات الدولارات من التمويل على البلدان في جميع أنحاء العالم.
من جانبها، نفت غورغييفا في بيان لها أي اتهامات بأنها تصرفت بطريقة مخالفة للمعايير المتبعة، وقال غورغييفا في بيانها: "أنا أختلف اختلافاً جذرياً مع النتائج والتفسيرات الصادرة عن التحقيق. وقد أجريت بالفعل إحاطة أولية مع المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي حول هذه المسألة".
فيما قال متحدث باسم البنك الدولي إن التقرير يتحدث عن نفسه. وأعلن البنك الدولي يوم الخميس 16 سبتمبر/أيلول أنه سيوقف نشر تقريره الخاص بـ "ممارسة أنشطة الأعمال".