كشف كتاب جديد عن اتخاذ رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكي، الجنرال مارك ميلي، خطوات سريّة للحد من قدرة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على إطلاق أسلحة نووية، وتجنيب اندلاع حرب بين واشنطن والصين، وذلك بسبب تخوّف ميلي من تدهور الوضع الذهني للملياردير الجمهوري بعد هزيمته في الانتخابات.
صحيفة The Times البريطانية قالت، الأربعاء 15 سبتمبر/أيلول 2021، إن الكتاب الجديد Peril (خطر) الذي ألَّفه الصحفي الأمريكي البارز بوب وودوارد وشاركه فيه المراسل المخضرم روبرت كوستا، أوضح أن ميلي "كان مقتنعاً بأن ترامب أصابته حالة تدهور عقلي خطيرة في أعقاب الانتخابات"، وقد تحوِّله هذه الحالة إلى "مارق" عن المنظومة الأمريكية.
وفقاً لمقتطفات من الكتاب الذي سيصدر في غضون أيام، نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" وشبكة "سي.إن.إن" الإخبارية الأمريكية، فإنّ الجنرال ميلي أمر كبار مسؤولي القيادة العسكرية بعدم تنفيذ أيّ أمر متطرّف قد يُصدره ترامب، خصوصاً على صعيد استخدام السلاح النووي.
يشير الكتاب إلى أن ميلي دعا إلى اجتماع لكبار موظفي البنتاغون بمكتبه، في 8 يناير/كانون الثاني، للتشديد على استشارته في أي أمر يتعلق بإطلاق صواريخ نووية أو استخدام سلاح نووي.
يزعم الكتاب أن ميلي قال للمسؤولين العسكريين: "أياً كان ما يقال لك عليك الالتزام بالإجراءات المتبعة في تلك الحالات، ستلتزم بالإجراءات، وأنا جزء من هذه الإجراءات"، ثم دار ميلي على الضباط في الغرفة ناظراً في عيني كل واحد منهم، وسائلاً: "هل فهمتني؟" لتأتيه الردود: "نعم، سيدي".
يوضح الكتاب أن ميلي اتخذ هذه الإجراءات بعد مكالمة هاتفية من نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب، التي تتولى منصب الرئاسة بعد نائب الرئيس، وكتب وودوارد وكوستا أن لديهما نسخة من نص المكالمة.
ينقل الكتاب أن بيلوسي قالت في المكالمة: "إذا كانوا لم يتمكنوا حتى من منعه من الاعتداء على مبنى الكابيتول، فمن يعرف ماذا قد يفعل أيضاً؟ وهل هناك أي شخص مسؤول في البيت الأبيض كان يفعل أي شيء سوى التذلل في كل هذه الأمور؟ أنت تعلم أنه مجنون"، ليجيب ميلي قائلاً: "سيدتي رئيسة مجلس النواب، أتفق معك".
بعدما خلصت الاستخبارات الأمريكية إلى أنّ الصين تتحسّب لهجوم أمريكي وشيك، اتّصل الجنرال ميلي بنظيره الصيني لي تشو تشنغ مرّتين، الأولى في 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أي قبيل الاستحقاق الرئاسي، وفي الثامن من يناير/كانون الثاني الماضي، أي بعد يومين على اقتحام مناصرين لترامب مقرّ الكونغرس الأمريكي، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
خلال الاتصال قال ميلي لنظيره الصيني "أودّ أن أطمئنكم بأنّ الدولة الأمريكية مستقرّة، وبأنّ كلّ الأمور ستسير بشكل جيّد"، وفق الكتاب المبنيّ على إفادات مئتي مسؤول أمريكي، من دون ذكر أسمائهم.
كذلك تناول الكتاب بالتفصيل الإجراءات التي اتخذها ترامب، ومنها مذكرة سرية يُزعم أنه وقعها لسحب جميع القوات الأمريكية من أفغانستان بحلول 15 يناير/كانون الثاني، إضافة إلى حشدِه الضغوط على مايك بنس، نائب الرئيس، للانقلاب على نتيجة الانتخابات الرئاسية، قائلاً له: "ألن يكون أمراً رائعاً إلى حد كبير؟"
بحسب الصحيفة البريطانية، فإنه بعد فترة وجيزة من الانتخابات، اكتشف ميلي أن ترامب وقع الأمر العسكري بخصوص سحب القوات من أفغانستان، قبل مغادرته البيت الأبيض، بدلاً من الموعد النهائي الذي تم الاتفاق عليه مع طالبان، في مايو/أيار 2021.
يتحدث الكتاب أيضاً أن مسؤولي الأمن القومي الأمريكي كانوا يخشون إقدام مساعدي الرئيس على إشعال حرب لمجرد صرف الانتباه عن الأزمات الداخلية، في حالة هزيمة ترامب في الانتخابات.
يشير الكتاب إلى حالة القلق الكبيرة التي تسبب فيها ترامب، ويذكر أن ترامب بعدما رفض الإقرار بنتيجة الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ومنع إجراءات انتقال السلطة، حذَّرت جينا هاسبل مديرة وكالة الاستخبارات المركزية، رئيسَ الأركان ميلي.
قالت هاسبل لميلي: "نحن في طريقنا إلى انقلاب يميني، الأمر كله تحول إلى نوع من الجنون، إنه يتصرف كطفل يبلغ من العمر 6 سنوات يمر بنوبة غضب". وكانت جينا تخشى أن يشن ترامب هجوماً على إيران.
في هذا السياق، كتب مؤلفا الكتاب: "استنفر ميلي منظومة الأمن القومي لأمريكا دون علم الشعب الأمريكي أو بقية العالم. وقد يجادل البعض بأن ميلي قد تجاوز سلطاته في ذلك"، لكنه اعتقد أن أفعاله "كانت بدافع من إحساسه بالواجب لضمان عدم حدوث قطيعة لا مثيل لها تاريخياً مع النظام الدولي، أو حرب عَرَضية مع الصين أو غيرها، أو استخدام لأسلحة نووية".
بحسب وكالة الأنباء الفرنسية، لم تشأ هيئة الأركان الأمريكية الإدلاء بأي تعليق على هذه المعلومات.