كشفت صحيفة The Guardian البريطانية، في تقرير نشرته الجمعة 10 سبتمبر/أيلول 2021، أنَّ شركة جوجل كانت تدفع أجوراً أقل من المُستحق لآلاف العمال المؤقتين في عشرات البلدان بما يخالف القانون، وأخّرت تصحيح معدلات الأجور لأكثر من عامين بينما كانت تحاول التستر على المشكلة.
حيث تبيّنت صحيفة The Guardian، بعد مراجعة مستندات جوجل الداخلية، أنَّ المسؤولين التنفيذيين في جوجل على دراية منذ مايو/أيار 2019 على الأقل، بفشل الشركة في الامتثال للقوانين المحلية بالمملكة المتحدة وأوروبا وآسيا، التي تفرض على العمال المؤقتين دفع معدلات أجور مساوية للموظفين بدوام كامل الذين يؤدون أعمالاً مماثلة.
تصحيح الأخطاء
لكن بدلاً من تصحيح الأخطاء على الفور، تباطأت الشركة لأكثر من عامين، كما تُظهِر الوثائق، التي أشارت إلى قلق بشأن زيادة التكلفة على الإدارات التي تعتمد اعتماداً كبيراً على العمالة المؤقتة، واحتمال التعرض للمطالبات القانونية، والخوف من اهتمام الصحافة السلبي.
حيث اتبع المديرون التنفيذيون والمحامون في جوجل في مرحلة ما، خطة للامتثال لقوانين الأجور ببطء وبأقل تكلفة ممكنة على نفسها، على الرغم من الاعتراف بأنَّ مثل هذه الخطوة لم تكن "النتيجة الصحيحة من منظور الامتثال"، ويمكن أن تضع شركات التوظيف التي تتعاقد معها "في موقف صعب قانونياً وأخلاقياً".
في المقابل وفي بيان، قال سبايرو كريتسوس، كبير مسؤولي الامتثال في جوجل: "في حين لم يرفع الفريق معدلات المقارنة الأساسية منذ بعض السنوات، زادت معدلات الأجور الفعلية للموظفين المؤقتين عدة مرات في تلك الفترة. معظم الموظفين المؤقتين يتقاضون رواتب أعلى بكثير من المعدلات المقارنة".
أضاف: "ومع ذلك، من الواضح أنَّ هذه العملية لم تُدَر على النحو الذي يتفق مع المعايير العالية التي تلتزم بها الشركة. نحن نجري مراجعة شاملة، وملتزمون بتحديد ومعالجة أية تباينات في الأجور لم يعالجها الفريق بالفعل".
تابع: "وسنجري مراجعة لممارسات الامتثال لدينا في هذا المجال. باختصار، سنكتشف الخطأ الذي حدث هنا وأسباب حدوثه، وسنعمل على تصحيحه".
مخالفات بالجملة
في سياق متصل فقد قدّم مُبلِّغ عن المخالفات، تمثله منظمة Whistleblower Aid القانونية غير الربحية، شكوى بشأن الانتهاكات المزعومة إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية.
في حين ﻻ يقع قانون العمل الدولي ضمن اختصاص هيئة الأوراق المالية والبورصات، تزعم الشكوى أنَّ فشل جوجل في الكشف عن ديون التكافؤ في الأجور، التي تُقدِّر أنها قد تصل إلى 100 مليون دولار، تشكل أخطاء جوهرية في تقاريرها المالية ربع السنوية، وهو انتهاك لقانون الأوراق المالية الأمريكي.
من جانبه قال جون تاي، مؤسس ورئيس منظمة Whistleblower Aid: "يوضح الإفصاح أنَّ جوجل لم تنتهك قوانين العمل في جميع أنحاء العالم فحسب، بل ضلّلت المستثمرين بشأن الالتزامات القانونية والمالية الرئيسية الملقاة على عاتقها.
في حين يُعد الكشف القانوني عن ُمبلّغي المخالفات المجهولين خطوة حاسمة نحو ضمان محاسبة جوجل، نحث هيئة الأوراق المالية والبورصات على اتخاذ إجراء تنفيذي ضد جوجل وحماية حقوق المستثمرين في تلقي معلومات كاملة ودقيقة".
القوة العاملة
تنبع المشكلة من اعتماد جوجل الواسع على ما تسميه "القوة العاملة الموسعة"، إضافة إلى عدد كبير من القوانين المحلية التي تحكم كيفية معاملة هؤلاء العمال في عشرات البلدان التي تعمل فيها جوجل. وتحتفظ جوجل بقوة عاملة تضم أكثر من 100000 موظف مؤقت وبائع ومتعاقد لا يعملون مباشرة مع الشركة، لكنهم يؤدون العمل نيابة عنها، في مهام تتراوح من خدمة الطعام والأمن إلى التكويد وتحليل البيانات.
أما الغالبية العظمى من هؤلاء العمال فهم "بائعون" يعملون في مشروعات طويلة الأجل تديرها بالكامل الشركة الموردة، مثل الإشراف على المحتوى، ولا يتفاعلون كثيراً مع موظفي جوجل.
لكن في سياق متصل، توظف جوجل أيضاً في أي وقت، آلاف العمال المؤقتين. وعلى الرغم من أنَّ وكالات التوظيف هي التي تدفع رواتبهم، يقدم الموظفون المؤقتون تقاريرهم مباشرةً إلى مديري جوجل. وتشمل الأقسام التي تعتمد اعتماداً كبيراً على العمال المؤقتين التوظيف والتسويق وWaymo، وهي شركة تابعة لشركة جوجل للمركبات المستقلة. على الصعيد العالمي، تنفق جوجل نحو 800 مليون دولار سنوياً على العمالة المؤقتة.
صناعة التكنولوجيا
في حين يشيع استخدام العمال المؤقتين بصناعة التكنولوجيا، أثار اعتماد جوجل على "عمالة الظل" التي يفوق عددها قاعدة موظفيها المباشرين، انتقادات منذ فترة طويلة من موظفي الشركة، وكذلك السياسيين والنقابات العمالية.
عامةً، تشترط القوانين التي سنّتها أكثر من 30 دولة، المعاملة المتساوية للموظفين المؤقتين والعاملين بدوام كامل عندما يتعلق الأمر بالدفع، وساعات العمل، والراحة والإجازات والعطلات، وبعض الامتيازات. على سبيل المثال، في المملكة المتحدة، يُشترَط التكافؤ في الأجور بعد فترة تأهيلٍ مدتها 12 أسبوعاً، بينما في أيرلندا يلزم ذلك من اليوم الأول للعمل.
إلى ذلك، تتقاسم وكالة التوظيف وصاحب العمل -في هذه الحالة جوجل- مسؤولية ضمان المعاملة العادلة، لكن يتحمل صاحب العمل مسؤولية تزويد الوكالة ببيانات دقيقة حول معدلات الأجور.