وُلدت الحكومة اللبنانية بعد مشاورات طويلة، وتجميد اتصالات وبيانات نارية واتهامات متبادلة بالتعطيل الحكومي، عاد التواصل أمس الخميس بين رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، في سبيل التوصل إلى تفاهم حول تشكيل الحكومة ما أسفر عن ولادتها.
الرئيس المكلف نجيب ميقاتي أكد لمراسل "عربي بوست" صباح اليوم أن الحكومة سترى النور بعد ظهر اليوم، وأنها حكومة عمل لا ثلث معطلاً فيها لأي طرف سياسي.
وتقول مصادر دبلوماسية غربية لـ"عربي بوست" إن ضغطاً فرنسياً استمر طوال الساعات الماضية، للوصول إلى الاتفاق الحكومي. وبنتيجة المشاورات القائمة، تم الاتفاق بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي على استبدال اسمين. أي أن يسمي عون وزيراً سنّياً مقابل تسمية ميقاتي لوزير مسيحي. كذلك اتفق على تسمية أمين سلام لوزارة الاقتصاد. فيما يتم العمل على معالجة آلية تسمية الوزيرين المسيحيين اللذين يسببان الإشكال، بين من لا يريد إعطاء الثلث المعطل لرئيس الجمهورية، وعون الذي يرفض الثلاث ثمانيات.
عباس كامل دخل على الخط
وبحسب المصدر فإن الاتصالات الفرنسية معطوف عليها اتصالات أجراها رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية عباس كامل مع رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والمعاون السياسي لأمين عام حزب الله الحاج حسين خليل جرى خلال الاتصالات حث الأطراف على تشكيل حكومة.
ووفقاً للمصدر فإن كامل وعد ميقاتي وعون بأن مصر ستقوم بلعب دور في إقناع دول عربية وعلى رأسها السعودية بدعم الحكومة ومساعدتها، بالإضافة لاتصالات روسية وأمريكية وقطرية مارست ضغوطاً على الفرقاء السياسيين بهدف تشكيل حكومة سريعة.
وفي الكواليس التي حصل عليها "عربي بوست" فإن مبادرة اللواء عباس كامل تلتها مبادرة تقريب وجهات نظر قادها قنصل لبنان في موناكو، مصطفى الصلح، وهو صهر طه ميقاتي شقيق نجيب ميقاتي، أدت لاستكمال التفاهمات على من يسمي الوزيرين المسيحيين، في ظل إصرار ميقاتي على عدم التنازل عن الثلث المعطل.
وفي موازاة حراك الصلح استمرت المباحثات الفرنسية لعملية التشكيل، مع ممارسة ضغوط لحسم الخلافات سريعاً، إذ عمل رئيس المخابرات الفرنسية برنار ايمييه على إيجاد حل لمعضلة وزارة الاقتصاد وتسمية الوزيرين المسيحيين المختلف عليهما بين عون وميقاتي وسابقاً بين عون والحريري.
دولياً يؤكد المصدر الدبلوماسي أن الرسائل الأمريكية التي أطلقها وكيل الخارجية جو هود والتي كانت تحض على الإسراع في التأليف والتهديد بالعقوبات التي لوّحت بها وكيلة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط، ويندي شيرمان، والتقاطعات الإيرانية الفرنسية التي عكسها الاتصال الإيجابي بين الرئيسين الإيراني والفرنسي، والمساعي المبذولة من قبل المعاون السياسي لأمين عام حزب الله، حسين الخليل، ساهمت بولادة الحكومة وتعبيد الطريق لميقاتي للعودة للسرايا الحكومي، ووفقاً للمصدر فإن جو هود أجرى أمس سلسلة اتصالات شملت عون وميقاتي وبري وحثهم على تشكيل حكومة خلال يومين وإلا فإن لائحة عقوبات جاهزة ستعلن.
من يتولى حقيبة الاقتصاد؟
وبحسب مصادر مقربة من ميقاتي فإن المفاوضات على الاسم السنّي الذي سيتولى حقيبة الاقتصاد وأحد اسمي الوزيرين المسيحيين بقيت مستمرة طيلة ليل الخميس-الجمعة، فيما طرح ميقاتي اسم محمد بعاصيري النائب السابق لحاكم مصرف لبنان بعد رفض عون لتسمية مدير مرصد الأزمة ناصر ياسين لهذا الموقع، وفي نهاية المطاف تمت تسمية أمين سلام بالاتفاق بين عون وميقاتي.
وفي العقدة المتمثلة بإعطاء كتلة التيار الوطني الحر التي يرأسها جبران باسيل الثقة للحكومة، فإن المصادر الدبلوماسية أكدت لـ"عربي بوست" أن برنار ايمييه ومصطفى الصلح انتزعا من باسيل وعداً حاسماً بإعطاء الثقة للحكومة كي لا تكون فاقدة لثقة أي كتلة مسيحية؛ كون كتلة القوات اللبنانية أعلنت رفضها المسبق لإعطاء الثقة لميقاتي.
وتؤكد المصادر أن رئيس المخابرات الفرنسية برنار ايمييه ولآخر لحظة قبيل الاتفاق على الحكومة كان قد توصل مع عون وميقاتي على تسمية نجلة رياشي وزيرة دولة للتنمية الإدارية "كوزيرة ملك" كي لا يحصل أي طرف على ثلث معطل.